إن البخل دليل على قلة العقل وسوء التدبير وهو أصل لنقائص كثيرة ويدعو إلى خصال ذميمة ولا يجتمع مع الإيمان بل من شأنه أن يهلك الإنسان ويدمر الأخلاق كما أنه دليل على سوء الظن بالله عز وجل يُؤخر صاحبه ويبعده عن صفات الأنبياء والصالحين. فالبخيل محروم في الدنيا مؤاخذ في الآخرة وهو مكروه من الله عز وجل مبغوض من الناس ومن هنا قال القائل: جود الرجل يحببه إلى أضداده وبخله يبغضه إلى أولاده. وقال آخر: البخل هو محو صفات الإنسانية وإثبات عادات الحيوانية. وقال بشر الحافي: (البخيل لا غيبة له). ومُدحت امرأة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: صوّامة قوّامة إلاّ أن فيها بخلاً. قال: فما خيرها إذًا. وقد تتسع دائرة البخل حتى تشمل امتناع المرء عن أداء ما أوجب الله تعالى عليه فترى البعض يبخل بنفسه وماله ووقته وقد يمتنع عن تأدية حقوق الله أو النفس أو الخلق قال الجاحظ: البخل خُلقٌ مكروه من جميع الناس إلاّ أنه من النساء أقل كراهية بل قد يستحب من النساء البخل (بمال أزواجهن إلاّ أن يؤذن بالجود) فأما سائر الناس فإن البخل يشينهم وخاصة الملوك والعظماء فإن البخل أبغض منهم أكثر مما هو أبغض من الرعية والعوام ويقدح في ملكهم لأنه يقطع الأطماع منهم ويبغضهم إلى رعيتهم. والشح أشد في الذم من البخل ويجتمع فيه البخل مع الحرص وقد يبخل الإنسان بأشياء نفسه وأشد منه دعوة الآخرين للبخل قال تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ} [النساء:37]. وقد يصل البخل بصاحبه إلى أن يبخل على نفسه بحيث يمرض فلا يتداوى وفي المقابل فأرفع درجات السخاء الإيثار وهو أن تجود بالمال مع الحاجة إليه.