يثق الكثير من الجزائريين في بعض المواد والأعشاب والوصفات العلاجية الطبيعية أكثر من ثقتهم بما يصفه لهم الأطباء من أدوية حديثة، ويعتقد الكثير منهم أيضا بأن تخليهم عن الخيرات الكثيرة التي كانت الطبيعة الأم تمدهم بها هو السبب الرئيسي وراء انتشار العديد من الأمراض في العصر الحالي، ولذلك فإنهم يعتبرون بأن أهالي البدو والريف والصحراء عموما أكثر تمتعا بالصحة والحيوية والشباب من أهالي المدن، نظرا لاعتماد هؤلاء الكامل على ما تنتجه طبيعتهم النباتية والحيوانية. وإذا كان التداوي بالأعشاب أمرا لا يقبل الجدل أو النقاش، على اعتبار أنه أضحى وسيلة علاجية تنافس العلاج الحديث، فإن التداوي بالمشتقات الحيوانية هو الآخر فرع قائم بذاته في مجال الطب البديل، ويتجه إليه الكثيرون بحثا عن الشفاء بين وصفاته التقليدية والطبيعية، ولعل أكثر الحيوانات بركة وفائدة في هذا الإطار هي الإبل التي يدرك الكثيرون الفوائد العلاجية والشفائية الكبيرة لكل من لحومها وألبانها وشحومها وأبوالها، حيث يفرد لكل منها بابا واسعا في مجال التداوي والعلاج من مختلف الأمراض. ويقبل عدد كبير من المواطنين بالعاصمة على اقتناء شحم سنام الجمل وحليب النوق، دون الحاجة إلى التنقل إلى الصحراء لأجل اقتنائها خاصة وأن بعض المحلات المتخصصة في العطارة وبيع الأعشاب الطبيعية والطبية قد وفرتهما للزبائن الراغبين في اقتنائها، من بينها محل »رياض الندى للمستخلصات الطبيعية« بالمدنية الذي قال أحد العاملين فيه »ل. د« إنه لاحظ تزايد الإقبال على استهلاك شحم سنام الجمل الذي يعرضونه ب70 دج لكل 100 غرام منه أي بما يعادل ال700 دج للكيلوغرام الواحد، خلال هذه الفترة من السنة، حيث تتزايد التعقيدات والمتاعب الصحية للمصابين بالأمراض الصدرية والتنفسية كالربو والحساسية، وأكثر ما يتم اقتناء شحم سنام الجمل الذي يجلبونه من مدينة وادي سوف، لعلاج الربو على الخصوص نظرا لما أثبته من فعالية في هذا المجال، ويستهلكه الكثيرون بطرق مختلفة إما وحده أو بعد خلطه بمواد أخرى كالعسل الحر والحبة السوداء وحب الرشاد، ويتم استهلاك ملعقة منه يوميا عند الاستيقاظ وقبل النوم، وأثبتت هذه الطريقة فعاليتها لدى الكثير من المصابين بالربو ممن أصبحوا زبائن دائمين ومداومين على استهلاكه. وعدا الربو فانه يُستعمل في العديد من المجالات العلاجية الأخرى كعلاج تشقق القدمين والروماتيزم والبواسير وبما أن سعر ال100 غرام منه مناسب جدا فإن الإقبال عليه _حسب المتحدث_ مُرضٍ للغاية، ويتساءل الكثير من المواطنين المتوافدين على المحل عن كافة المجالات التي يمكن استعماله فيها كعلاج والطرق والكيفيات الخاصة بذلك. كما أن حليب النوق يعرف بدوره إقبالا متميزا من طرف المواطنين، لاسيما مع الفوائد الكبيرة التي يقدمها لمستهلكيه وهو على ارتفاع سعره الذي يصل إلى 500 دج للتر الواحد ووجوب المداومة عليه على الأقل لمدة أربعين يوما ما يعني إنفاق مبالغ مالية معتبرة، إلا أنه يلقى رواجا واسعا، ويطلبه الكثيرون للتداوي بصفة خاصة من عدد من الأمراض التي يتم وصف حليب النوق لعلاجها وعلى رأسها السكري والسرطان وهشاشة العظام وفقر الدم والتهابات الكبد خاصة في المراحل الأولى، ويتطلب الاستمرارية والمداومة عليه وحفظه ضمن شروط خاصة لمنع فساده وضياع قيمته الغذائية والعلاجية. ويعد حليب الناقة أيضا مصدرا غنيا ب»فيتامين ج« ولهذا ينصح بإعطاء هذا الحليب للنساء الحوامل والمرضعات وللمصابين بالزكام وبعض الأمراض التنفسية الأخرى، ومن أهم المزايا التي تخص حليب الناقة دون غيره من ألبان الحيوانات الأخرى هو امتلاكه لمركبات ذات طبيعية بروتينية كالليزوزيم ومضادات التخثر ومضادات التسمم ومضادات الجراثيم والأجسام المانعة وغيرها، ما يجعل الإقبال والطلب المتزايد على شحم سنام الجمل وحليب النوق أمرا مبررا مهما كانت أسعارهما.