للمشي آثار إيجابية على المستوى الجسدي والنفسي والعقلي والروحي. وأمرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أن نفعل حينا بعد حين، نوعا خاصا من المشي، وهو المشي حافيا. وهذه المقالة تبين بصورة مختصرة بعض فوائد المشي حافيا لبعض الوقت، والمتمثلة في بعض التأثيرات الإيجابية على المستويات الأربعة السابقة، مستدلا بالحديث الصحيح وبالرفلكسولوجي »علم الإنعكاس«، وبعض ما جاء من الطب الحديث. الحديث: أخرج ابن ماجة حديثا برقم 3629، وأبو داود برقم 4160، والنص لأحمد برقم 22844 »عن عبد الله بن بريدة: أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رحل إلى فضالة ابن عُبيد وهو بمصر. فقدم عليه فقال: أما إني لم آتك زائراً؛ ولكنِّي سمعت أنا وأنت حديثاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم، رجوت أن يكون عندكم منه علمٌ. قال: وما هو؟ قال: كذا وكذا. قال: فما لي أراك شعِثاً، وأنت أمير الأرض؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهانا عن كثيرٍ من الإرفاه. قال: فما لي لا أرى عليك حذاءً؟ قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نحتفي أحياناً«. إسناد حسن، وهو صحيح على شرط الشيخين. أما قوله: نحتفي، أي نمشي حفاةً بدون حذاء، وأحيانا، أي حين بعد حين. ما هو علم الانعكاس؟ الرفلكسولوجي (Reflexology) تترجم بالعربية بعلم الإنعكاس، وفي بعض المراجع المترجمة أو المعربة يعرف بعلم الارتكاس وهو علم يهتم بدراسة وممارسة الضغط بطريقة علمية على نقاط معينة في اليدين والقدمين، تسمى بمناطق ردات الفعل. ويُصنف هذا العلم من الطب المكمل للطب الكلاسيكي الذي نتداوى به. يهدف علم الانعكاس إلى مساعدة الجسم على استعادة توازنه الطبيعي. وينشئ ظروفا إيجابية تساعده على معالجة نفسه بنفسه، لانعكاس الحالة الصحية على القدمين، وبسبب الاتصال الوثيق بين مختلف الأعضاء، والأعصاب، والغدد في الجسم، وبين مناطق ردات الفعل المعينة في باطن القدم والأصابع وأطرافها وجوانب القدمين وذلك بواسطة الشبكة الحصبية، حيث يوجد بالقدمين 7200 نهاية عصبية، تتصل بباقي أجزاء الجسم، من خلال الحبل الشوكي والدماغ. تاريخ علم الانعكاس يمتد جذور علم الانعكاس التاريخية إلى ماقبل 5000 سنة في الصين. كما أنه وجدت لوحة فرعونية في صقارا، يعود تاريخها إلى 2330 قبل الميلاد. ونُشرت أول دراسة في هذا العلم عام 1582 م بواسطة الدكتور »ادموس« والدكتور »اتاتيس«. وتبعها الدكتور »بل لايبنيغ« بنشر دراسة أخرى. وقد أنجز الدكتور الأمريكي »ويليام فيتزجرلد« أكبر وأهم دراسات عن هذا العلم في بداية القرن العشرين. وتتابعت الدراسات حتى وصل العلم إلى »أونيس أنغام«، والتي تعد من أوائل من وضعوا أساسا نظريا لهذا العلم، وذلك في عام 1900م. ثم أدخلت الممرضة »دورين بايل« -المجازة لهذا العلم- لأوروبا، بعد دراستها مع »أونيس انغهام« في أميركا، وذلك قبل عودتها لوطنها _بريطانيا - عام 1960م. عمل علم الانعكاس يقوم عمل هذا العلم على تنشيط النقاط الخاصة برد الفعل المنعكس الموجودة بالقدمين أو اليدين، وذلك بالضغط بالأصابع أو أداة خشبية، ويؤثر هذا الضغط مباشرة على الغدد، والأعصاب، وبقية أعضاء الجسم والتي بدورها تسهل جريان الدورة الدموية، والطاقة الحيوية بشكل أفضل ومن هذه التأثيرات: التخلص من التوترات فرضيات وقواعد إذا استبدلنا أدوات العلاج بعلم الانعكاس »إبهام المعالج أو القطعة الخشبية« بضغط الجسم على الحصى والحجارة. وبفرض صحة المكان »يقصد به خلو المكان من الملوثات والتي قد تسبب الضرر كالزجاج المكسر مثلا« مقابل نظافة أدوات العلاج بالانعكاس. وبالمقارنة مع أهم قواعد علم الانعكاس وهي: أن يتم تنشيط النقطة المتصبلة أو المؤلمة في القدم بالضغط عليها، بشرط أن لا تتجاوز الضغطة على النصف دقيقة، وأن يتم علاج أي نقطة متصلبة أو مؤلمة حتى وإن لم يعرف المعالج أو المريض إلى أي عضو تتبع، لأنه لو لم يكن هناك مشكلة في العضو التابع لهذه النقطة في القدم، لما كان هناك نقطة متصلبة أو ألم. وأن لا نعالج النقطة الواحدة أكثر من مرتين يوميا. هذه القواعد يمكن توفرها في المشي حافيا أيضا عن طريق علاج النقط المتصلبة وغيرها، إلا أنه تتم معالجة المناطق عشوائيا، ولن يكون مدة الضغط لأكثر من نصف دقيقة إلا إذا تعمد عدم المشي. إلا أنه في المشي حافيا لن يكون هناك علاج للنقاط التي في ظهر وبجانب القدمين. ومع ذلك فإنه من الممكن أن نستنتج بعض الفوائد لهذا النوع من المشي بالمقارنة مع علم الانعكاس وبصورة عامة ومختصرة كما يلي. المشي حافيا وأثره على الجسم الضغط على مناطق رد الفعل في القدم لبعض الوقت أثناء المشي حافيا، يحث الكبد، والقولون، والجلد، والرئتين، على القيام بوظائفهم الحيوية، ويستخرج السموم الموجودة فيها بعيداً عن الجسم. كما أنه يمكننا كما يناظره في علم الانعكاس أن تتعرف على وجود الخلل في أي عضو في الجسم، حتى وإن لم يتم الكشف عن وجود علة بذلك العضو، وذلك بشدة الألم الحاصلة عند نقطة رد الفعل دون غيرها في القدم. إن عملية ضغط الجسم على نقطة الانعكاس، تقوم بإرسال موجة من النشاط - أكسجين وغذاء...- والتي تحفز الجهاز الدوري والأعصاب لمساعدة العضو المصاب، والقضاء على التجلطات، والاحتقانات التي توجد فيه. كما نعلم بالدورة الدموية الجيدة هي أساس الحياة المليئة بالصحة، والركود لها يؤدي إلى الوفاة المبكرة لكثير من الخلايا، كالبِركة التي تصبح مليئة بالطحالب وفي نهايتها تتحول إلى قشرة صلبة. ذلك ما سيحدث تماما إذا حرمت الخلايا في كل أجزاء الجسم، من دورة دموية سخية بالأكسجين والطاقة، الموجودة مثلا في الطعام الصحي، وفي الهواء النقي المليء بالأكسجين، والطاقة المنبعثة من حولنا، وبإثارة نقاط الانعكاس بالضغط عليها نتيجة المشي حافيا لبعض الوقت.. أثره على النفس والعقل هذا النوع من المشي يمد الجسم بالحيوية والطاقة اللازمة. فمثلا: تدفق الدم لخلايا الجسم المحمل بالأكسجين، والطاقة، يحارب كافة حالات التعب المزمن والكسل، ويعمل أيضا على إزالة الأحاسيس السلبية ويعيد التوازن العضوي والفكري، وهذا بدوره يساعد على تجلي الأفكار، وزيادة القدرة على التركيز والانتباه، ويساعد على إزالة الضغط النفسي الذي يدمِّر مناعة الجسم، ويجعله عرضة للإصابة بالأمراض العضوية. المشي حافيا والطاقة غالباً ما تكون النقاط في القدمين مؤلمة أكثر مما هي في اليدين وبقية أعضاء الجسم، لأنه بحسب قانون الجاذبية، ووقوفنا الكثير على قدمينا، تترسب مواد معينة تسبب إغلاق لمسارات أو تيارات الطاقة الكهرومغناطيسية. وبالضغط على هذه النقاط المتصلبة، يساعد على فتح القنوات لهذه الطاقة ويتسنى بالاتصال المباشر لذبذبات الطاقات المنبعثة من المعادن والألوان الموجودة في الحصى والحجارة... أن تسير هذه الطاقات في مداراتها بحركة طبيعية، فتعود بذلك الحيوية إلى جميع الأعضاء التابعة لهذه المسارات. أثره على الروح الجانب الروحي يسمو بالطاعات والمشي حافيا هو طاعة لأمر رسولنا ومعلمنا صلى الله عليه وسلم وإن عملية تذكر الأجر -الذي أعده الله لمن أطاع أمره ابتغاء وجهه الله الكريم- في الدنيا والآخرة أيضا يزيد من قوة الإيمان واطمئنان القلب. وكما أن علم الانعكاس محدود الإمكانيات - إذ لا يستطيع بواسطته إيقاف أي علاج بالأدوية أو الامتناع عن إجراء أي عملية جراحية- فإنه يمكننا القول عن إمكانية محدودية المشي حافيا أيضا. ويمكن اعتبار المشي حافيا لبعض الوقت علاج مكمل ووقائي، كما هو الحال في علم الانعكاس. وهذا واضح في نصائح بعض أطباء الطب الحديث لبعض الحالات الطبية: كالفطريات في الأقدام، أو ما يسمى بمرض قدم الرياضيين، أو دوالي الساقين أو القدم المفلطحة المؤلمة. أما السؤال كم من الوقت نحتاج أن نمشي؟ وكم عدد المرات التي نمشيها في الأسبوع؟ فالإجابة عليها تعتمد على: طبيعة الأرض ومقايس الحصى الذي سوف نسير عليها، وعلى سمك جلد القدم، والوزن، والعمر، ومقدار الضغط على القدم، وكيفية توزيع هذا الضغط... مثل هذه الأسئلة هي موضوع الخلاف الجوهري بين المنادين بأهمية المشي حافيا، وبين المعارضين من الباحثين في الطب الحديث. إذا انتظرنا إلى أن تكتمل الأجوبة على كل التساؤلات بالبحث العلمي، وحتى يصلح الفريقان، فإنني أتوقع بأنه سوف يفوتنا الكثير من حِكم هذه السنة وهذا الأمر. وإجابة على هذه التساؤلات تكمن _ من وجهة نظري -في كلمة من أوتى جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم »أحيانا« فهي تفي بالغرض كما يفهمها المطبق لهذه السنة. ومن أفضل المعايير الدينية والعقلية: كل إنسان على نفسه بصيرة، ولا ضرر ولا ضرار. إن المصدق برسالة الرسول صلى الله عليه وسلم، والمطيع لأوامره، له الأجر في الدنيا والآخرة. وكما أن عدم معرفة الحِكم من تطبيق أي سنة لا يعني الحرمان من الحصول على منافعها، فإن معرفة الحِكمة أو الفوائد المرجوة من تطبيقها تزيد من قوة الإيمان. * المصدر: موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة... د. إبراهيم بن أحمد الصبيحي استاذ الرياضيات المساعد بالكلية الحربية بالرياض.