من بين المظاهر، التي وان قلت نوعا ما ولكنها لا تزال منتشرة في أحيائنا، الاحتفال بالولد النوبي الشريف عبر شراء المفرقعات، واللعب بها، وإمكانية التعرض إلى مخاطر التشوه والحرق، وغيرها من المظاهر السيئة التي تفطن بعض الأولياء لها، ففضلوا أن يمنعوا أبناءهم من الخروج إلى الشارع كحل وحيد لتجنيبهم تلك المخاطر كلها، ولكن بعض الأبناء لم يتقبلوا الفكرة، فخلق ذلك صراعا حاول فيه الأولياء إقناع أبناءهم بالعزوف عن هذه العادة بكل الوسائل. مصطفى مهدي مع اقتراب المولد النبوي الشريف يشتري الأولياء المفرقعات والمتفجرات لأبنائهم حتى يسعدوهم ويدخلوا الفرحة إلى قلوبهم، ورغم أنهم يعلمون أنها خطيرة وأنها يمكن أن تسبب عاهات وتشوهات، إلاّ أنهم يفعلون، معللين ذلك بأنهم لا يمكنوا أن يحرموا أبناءهم من اللعب كباقي الأطفال، وأنهم إن فعلوا يمكن أن يتسببوا لهم في عقد نفسية، بل يمكن أن يدخلوا معهم في صراعات، ويتشاجروا معهم، ولكنّ بعض الأولياء كان لديهم الوعي والشجاعة الكافيتين لكي يمنعوا أبناءهم من اللعب بتلك المتفجرات، فحرصوا على أن يمضوا تلك الليلة في أمور أخرى، ويبعدوا أبناءهم عن تلك المتفجرات، فنجح بعضهم وفشل البعض الآخر. كيف تأمر ابنك أن لا يلعب بالمفرقعات؟ وكيف تقنعه بخطورتها، او كيف تجعله يبتعد عنها؟ هي الأسئلة التي كانت تدور في ذهن بعض الأولياء في الأيام القليلة الماضية والتي تربكهم ما إن تقترب المناسبة أكثر، خاصّة وهم يرون الجميع يحتفل بهذه المناسبة بشراء المفرقعات لأبنائه، وصار الشاذ من لا يفعل ذلك، ومجرد فكرة منع الأطفال من اللعب مع أبناء الحي والخروج إلى الشارع صار غريبا، بل غير وارد عند بعض الأطفال الذين ينتظرون المناسبة بفارغ الصبر، فيبقون يحضرون، وربما يطلبون من أوليائهم أن يرافقوهم لشراء تلك المفرقعات، أمّا الأولياء فيرون كلّ ذلك، ولكنهم لا يستطيعون منع أبنائهم، وان حاولوا تحدث شجارات بينهم، وهو ما أكدته لنا صفية، وهي أم لطفلين، 12 و15 سنة، وقد اعتادت على أن تشتري لهم المفرقعات كلّ سنة، ولكنها في السنة الماضية، وبعد أن تعرض ابن صديقتها إلى حادث جعله يفقد عينه اليسرى، بعد تلك الحادثة قررت أن تمنع أبناءَها عن اللعب بتلك الأشياء التي فيها هلاكهم، ولكنها لم تستطع إقناعهم، خاصة وان كل الحي وأصدقاء أبنائها والجميع يحتفلون بالمولد بالمفرقعات، وخشيت إن أبقتهم في البيت أن يحزنوا لذلك، وان يشعروا بالغرابة في مجتمع ألف بعض الأمور السيئة، وصارت عادية، ولكنّ صديقة لها شجعتها بأن تفعل، قبل أن يكبر أبناؤها، وتجعل هذه الخطوة فرصة لتوعيتهم على أشياء أفضل من مجرد اللهو بمفرقعات أضرارها أكثر من حسناتها، بل لا حسنة فيها. أما نريمان، 36 سنة، فلقد فكرت في أن تعوض أطفالها خيرا من المفرقعات، وان تذهب بهم في تلك الليلة إلى زيارة للأقارب، وإمضاء الوقت مع الجدة، ووعدتهم بان تحضر لهم طبقا فاخرا، واكلة دسمة خير من اللعب بالمفرقعات في الشارع، وفعلا فقد تمكنت من إقناعهم، ولكنها سمحت لهم بان يخرجوا إلى الشارع في ثاني ليل ة، وتشرح لنا ذلك قائلة: "أحاول أن أعوّدهم بالتدريج على ترك هذه العادة السيئة، لهذا سمحت لهم بالخروج في ثاني ليلة، حيث لا تكون هناك مفرقعات كثيرة، ولكن في السنة القادمة، إن شاء الله لن افعل، وسأعوضهم برحلات او أشياء أخرى، المهم عندي ألاّ يلعبوا بتلك المفرقعات الخطيرة، خاصة وأنني في السنوات الماضية كنت أحاول أن احبسهم في البيت، ولكن كانوا يفرون، او يحاولون للخروج، حتى أنّ ابني الأصغر خرج مرّة من النافذة".