لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ هذه قصة بقرة بني إسرائيل نسمع كثيرًا عن بقرة بني إسرائيل وسورة البقرة في القرآن فما حكاية هذه البقرة؟ يحكى أنه في أرض مصر وفي زمن نبي الله موسى - عليه السلام - وجد بنو إسرائيل رجلًا منهم مقتولًا بجوار أحد البيوت وكان هذا الرجل كبير السن غنيًّا وكان له ابنُ أخ فاسد الأخلاق. فلما انتشر خبر هذا القتيل جاء ابنُ أخي المقتول واتَّهم أصحاب البيت الذي وجدوا عمَّه مقتولًا عنده بقَتل عمِّه لكن أصحاب البيت أنكروا ذلك وحلفوا أنهم لم يقتلوه فتحير الناس وكاد أن يحدث بين ابن أخي المقتول وأصحاب البيت شجارٌ وقتالٌ بالسلاح فحاول بعض الناس من بني إسرائيل الإصلاح بينهم لكن ابن أخي المقتول أصرَّ على اتهام أصحاب البيت بقتل عمه فقال بعض الناس العقلاء: لماذا تختصمون وفينا نبي الله موسى عليه السلام ؟ وافق الجميع على هذا الحل وذهبوا إلى نبي الله موسى عليه السلام وعرضوا عليه الأمر ولكن لأن نبي الله موسى عليه السلام لا يعلم الغيب فقد جمع بني إسرائيل وقال: مَن منكم عنده عِلْم بالقاتل؟ لكن الناس لم يجيبوه لأنهم لم يروا جريمة القتل ولا يعرفون القاتل. ووقف الناس في حيرة واضطراب لا يُجيبون فاقترح بعض عقلاء بني إسرائيل على موسى أن يسأل الله عن القاتل حتى يخبرهم به. واستجاب سيدنا موسى لاقتراحهم ودعا الله وسأله أن يُعرِّفه ويعرِّف بني إسرائيل بالقاتل؟ فأمره الله أن يطلب من بني إسرائيل أن يذبحوا بقرة ولكن بني إسرائيل كانوا قومًايحبون الجدال والمماطلة وبدلًا من طاعة أمر الله قالوا لموسى: أتتخذنا هزوًا؟ يعني أتسخر منا يا موسى؟ وعلى الرغم مما في كلامهم من إساءة أدب مع سيدنا موسى عليه السلام لأن الأنبياء لا يُبلِّغون عن الله إلا الحق ولا يمكن أن يُبلِّغوا قومهم أمرًا من الله بقصد السخرية أو الاستهزاء مطلقًا لأن السخرية والاستهزاء من الناس هما من أخلاق الجاهلين ولا يمكن يفعل ذلك نبي على الرغم من ذلك فإنه رد عليهم في أدب: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. فقال له قومه تماديًا في المُماطلة: ادع لنا ربك يُبيِّن لنا ما هي؟ فقال لهم: إنه يقول إنها بقرة متوسطة السن لا هي عجوز ولا هي صغيرة. فعادوا إلى الجدال قائلين: ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها؟ فقال لهم سيدنا موسى: إنه يقول إنها بقرة صفراء اللون. ومع ذلك عادوا يسألون موسى: ادع لنا ربك يبين لنا ما هي لأن البقر كثير ويشبه بعضه بعضًا. فقال لهم: إنها بقرة لا تُستخدم في الزراعة فهي لا تَجُرُّ المحراث الذي يثير الأرض ويُقلِّبها ولا تُدير الساقية التي تروي المزروعات وهي أيضًا سليمة من العيوب. هنا شعر بنو إسرائيل أن البقرة صاحبة هذه الصفات من الصعب أن يجدوها فكفُّوا عن الأسئلة وكان يمكنهم أن يستريحوا من البداية لو ذبحوا أية بقرة لكنهم صعبوا على أنفسهم فصعَّب الله عليهم ليعلمهم سرعة الاستجابة لأوامره والامتناع عن الجدال مع أنبيائه. بدأ بنو إسرائيل يبحثون عن البقرة التي وصفها لهم نبيهم موسى عليه السلام فلم يجدوا إلا بقرة واحدة بهذا الوصف وحين طلبوا من صاحبها أن يبيعها لهم طلب أن يعطوه مثل وزنها ذهبًا وكان ثمنًا غاليًا جدًّا لكنهم اضطروا لشرائها بهذا الثمن الباهظ ليعرفوا الحقيقة.