قال وزير الشؤون الخارجية السيّد مراد مدلسي أمس الاثنين إن مئات الرّعايا الجزائريين سيتمّ إجلاؤهم إلى الجزائر على متن سفينة "طاسيلي 2" التي غادرت ميناء الجزائر يوم السبت الفارط باتجاه مدينة بنغازي الليبية، وتقترب حاليا شيئا فشيئا من "منطقة الرّعب" التي أكّدت مصادر إعلامية متطابقة أنها شهدت مجازر مروّعة راح ضحّيتها عشرات وربما مئات الليبيين· وذكر السيّد مدلسي خلال ندوة صحفية نشّطها مع وزير الدولة وزير خارجية جمهورية البرتغال السيّد لويس فيليب ماركيش أمادو أن "الطاسيلي 2 ستقوم بإجلاء بعض المئات من الجزائريين المقيمين ببنغازي، والذين لم يتمكّنوا من الذهاب إلى طرابلس لأخذ الطائرة"· وأضاف السيّد مدلسي أن "هناك 700 جزائري مقيمين فيبنغازي ربما لا يرغبون جميعهم في العودة إلاّ أننا اتّخذنا الإجراءات الضرورية لإجلائهم"· وأكّد مدلسي أن أكثر من 2000 رعية جزائرية قد تمّ إجلاؤها من ليبيا جوّا، مضيفا أن "الجزائريين بصدد العودة إلى ديارهم في ظروف مناسبة ومرضية على الرغم من الصعوبات"، مبيّنا أن رعايا من جنسيات أخرى بصدد العبور من منطقة الجنوبالجزائري عبر مركز المراقبة الحدودي بالدبداب (450 كلم شمال - شرق ولاية إيليزي) من أجل الالتحاق ببلدانهم· وخلص وزير الخارجية في الأخير إلى أن الجزائر "اتّخذت إجراءات من أجل تسهيل هذا العبور، وأنه في الوقت الذي أحدثكم فيه - كما قال - فاق العدد ألف شخص من جنسيات أجنبية الذين تمكّنوا من الخروج في ظروف جدّ حسنة، حيث سيتمكّنون من الالتحاق ببلدانهم بعد إقامة ساعات أو أيّام في الجزائر"· وتبدو مهمّة السفينة الجزائرية بالغة التعقيد والصعوبة بالنّظر إلى صعوبة وخطورة وحساسية الوضع في منطقة بنغازي التي سقطت بين أيدي الثوّار، بما يجعل كلّ الاحتمالات واردة في غياب أيّ أثر لجماعة القذافي· ** جزائريو ليبيا يتدفّقون على الحدود المصرية تمكّنت نحو 80 رعية جزائرية عاملة ومقيمة في ليبيا من الالتحاق بالتراب المصري عبر منفذ السلوم البرّي الحدودي بشكل متقطّع منذ اندلاع الأزمة في ليبيا· وباستثناء عائلتين فإن أغلب هؤلاء من عمّال أجراء مؤقّتين ورياضيين ومقيمين في المناطق الشرقية من ليبيا وذلك عكس المناطق الغربية والقريبة من الحدود الجزائرية والتونسية والعاصمة طرابلس وضواحيها التي تقطنها عائلات جزائرية منذ أمد بعيد كما أكّدت مصادر ديبلوماسية جزائرية· وفي انتظار وصول أعداد أخرى من الجزائريين القادمين من ليبيا سفّرت السفارة الجزائريةبالقاهرة المجموعة الأولى المقدّر عددها ب 13 شخصا إلى الجزائر يوم الجمعة الماضي على متن الخطوط الجوّية الجزائرية· وقامت مصالح السفارة الجزائرية مع وصول الأعداد الأولى من الجزائريين إلى منفذ السلوم (الحدود المصرية الليبية) بإرسال أعوان من القنصلية إلى عين المكان للتكفّل بهم وتنظيم مرورهم إلى التراب المصري، وأيضا توفير الوسائل الضرورية لنقلهم إلى القاهرة في طريق العودة إلى الجزائر كما صرّح سفير الجزائربالقاهرة السيّد عبد القادر حجّار لوكالة الأنباء الجزائرية· وذكرت مصادر من القنصلية أن توافد الجزائريين على منفذ السلوم يتمّ بشكل "متقطّع" نظرا للظروف التي تعيشها المدن الليبية في ظلّ انقطاع الاتّصالات وغياب المواصلات، وأشارت إلى حالة الجزائريين "الصعبة" عند وصولهم إلى الحدود المصرية، حيث أن أغلبهم نجوا بأنفسهم تاركين وراءهم كلّ ما يملكون حتى الوثائق التي تثبت هويتهم· وقال قنصل الجزائربالقاهرة إن العديد من الذين فرّوا من هول الأحداث تركوا جوازات السفر عند أصحاب العمل أو الكفيل كما هو معمول في ليبيا، ممّا يجبر بعثة السفارة بعين المكان على استخراج تصاريح الخروج لهم بعد التحقّق من هويتهم· ** وضع صعب·· وغامض "كان الوضع صعبا ويلفّه الغموض، حيث لا يعلم أحد إلى أين تسير الأمور في ظلّ فوضى عارمة وغياب الأمن، حيث لا يخلو بيت من السلاح وحتى السلاح الثقيل" يؤكّد المدرّب الجزائري توفيق زغدود الذي يشرف على فريق نادي الهلال في بنغازي لكرة اليد، والذي وصل إلى القاهرة ليلة السبت· "لقد باغتت الأحداث الجميع، ممّا اضطرّ الكثير منهم إلى الفرار دون أخذ أمتعتهم أو أموالهم وحتى جوازات سفرهم" يضيف صديقه عبد اللّه بعيكوس المدرّب الجزائري للنّادي الإفريقي لكرة القدم بمدينة درنة· من جهته، قال مدرّب نجم أجدابيا لكرة القدم عبد العزيز الربعي: "أصبحت حياتنا في خطر بعد انتشار دعاية ضد الأجانب بمن فيهم الجزائريين وحرق الفندق الذي نقيم فيه، ممّا دفعني رفقة لاعبين جزائريين يلعبان في صفوف النّادي إلى الهروب بمساعدة ليبيين لاعبين في النّادي الذين رافقونا حتى الحدود المصرية وكانوا يحملون السلاح"· "لقد أصبح العديد من الجزائريين بين ليلة وضحاها بلا مال ولا أوراق رسمية تثبت هويتهم" يؤكّد فيلالي خير الدين من جيجل الذي كان يشتغل حلواني في إحدى الشركات بحقل الواحة (350 كلم جنوب شرق بن غازي) "بعد أن قام -كما أضاف- حرّاس الشركة نفسها المدجّجين بالأسلحة بتحطيم وسلب كلّ ما كان فيها، وأيضا التعدّي على العاملين بها وأخذ كلّ ما هو ثمين"· وقامت بعثة السفارة بمنطقة السلوم بتوفير تصاريح الخروج في عين المكان للذين لا يملكون جوازات السفر وتوفير وسائل النّقل أجّرتها السفارة لترحليهم إلى القاهرة كما أكّده أحد أعوان القنصلية المتواجد بمنفذ السلوم· وفي انتظار مواعيد الرّحلات العادية للخطوط الجوّية الجزائرية حجزت مصالح السفارة الجزائرية غرفا بفندق بحي الزمالك بالقاهرة للرّعايا الجزائريين لإيوائهم والتكفّل بهم ماليا وماديا ومعنويا·