أعرب وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي أمس عن انشغال الجزائر بالوضع السائد في ليبيا في ظل انزلاق الأوضاع نحو العنف وضياع مؤسسات الدولة، مؤكدا في سياق متصل بأن الجزائر تبقى في الاستماع لكل ما يمكن أن يحقق الهدوء والسلم والتقدم في هذا البلد الشقيق. وجدد السيد مدلسي خلال ندوة صحفية عقدها مع نظيره البرتغالي السيد لويس فيليب ماركيش أمادو بإقامة الميثاق بالعاصمة تكذيبه القاطع للإشاعات التي أثيرت حول استعمال طائراتها لنقل المرتزقة إلى ليبيا، واصفا هذه الإدعاءات ب''الكلام الفارغ''. وحول عمليات إجلاء الرعايا الجزائريين المتواجدين بليبيا، أوضح الوزير أنه طبقا لآخر المعلومات المتوفرة فقد تمت إعادة أزيد من 2000 جزائري إلى أرض الوطن عبر الجو خلال الأيام القليلة الماضية، بينما وصلت أمس باخرة ''طاسيلي ''2 إلى ميناء بنغازي لنقل المئات من الجزائريين الموجودين بهذه المدينة الليبية التي يتواجد بها نحو 700 جزائري، مشيرا إلى انه قد يوجد من ضمن هؤلاء الجزائريين من قد لا يرغب في الدخول إلى الوطن. كما ذكر في هذا الصدد بوجود الآلاف من الرعايا الأجانب الذين اضطروا إلى الدخول إلى الأراضي الجزائرية عبر الحدود، هروبا من الأوضاع المتردية بليبيا، وأكد في هذا الخصوص أن الجزائر اتخذت كل الإجراءات الضرورية للتكفل بهؤلاء الرعايا الأجانب وتسهيل عودتهم إلى بلدانهم في ظروف جيدة. وفي رده عن سؤال حول احتمال حدوث نفس الأحداث التي عرفتها ليبيا وقبلها تونس ومصر بالجزائر أكد السيد مدلسي أن الأوضاع مختلفة في الجزائر التي لها خصوصيتها، مشيرا إلى أن الاستقرار يسود كافة جهات الوطن وانه مايحدث أحيانا من احتجاجات له طابع اجتماعي ومرتبط أساسا بالقدرة الشرائية التي تتأثر بفعل تغيرات السوق الدولية والأزمة العالمية. أما على الصعيد السياسي فأوضح المتحدث بأن كل الحقوق مكفولة أيضا وأن ''عدم السير في مسيرات احتجاجية لا يعني بأن المعنيين لم يعبروا عن رأيهم''، مشيرا في نفس الصدد إلى أن هذه الحركة الاحتجاجية ''تقودها مجموعة صغيرة من الأفراد لا تعبر عن موقف كل الجزائريين ولا تعكس موقف بلد ناضج ومسؤول يتقدم في إطار احترام القوانين''. وعاد السيد مدلسي ليؤكد من جديد رفضه لوصف تتابع الأحداث التي مست كلا من تونس، مصر وحاليا ليبيا، بكونها شبيهة بظاهرة سقوط لعبة ''الدومينو'' وإمكانية انتقال عدواها إلى دول أخرى، معتبرا أن ما حدث في تونس ليس بالضرورة هو ما أشعل فتيل الأحداث في مصر، ومؤكدا بأن الأمور في السياسة ليست لعبة وأنه ''لما تعبر الشعوب عن رأيها، فما على السياسيين سوى تطبيق ما تريده هذه الشعوب''. من جهته اعتبر وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية لجمهورية البرتغال السيد لويس فيليب ماركيش أمادو أن الوضع المتردي بليبيا يؤكد بأننا أمام وضعية تحول جديد منذ الحرب العالمية الثانية، مشيرا إلى أن هذه التغيرات الحاصلة في المنطقة، ينبغي أن تكون في صميم اهتمامات الجزائر والبرتغال في إطار توجيه وتحديد علاقاتهما، على اعتبار أن ''هذه التغيرات يمكن أن تؤثر في ديناميكية العلاقات الثنائية وعلى العلاقات بين دول المغرب العربي''، ولذلك يتعين حسبه ''العمل سويا حتى يتم التحكم في العلاقات التي تربط دول المنطقة في إطار السلم والاستقرار والتنمية الاقتصادية''. وأعرب الوزير البرتغالي عن قناعته بأن الظروف التي تعيشها كل دولة تعتبر حالة خاصة بها وأن ''حل مشاكل كل بلد ينبغي أن يستجاب لها من قبل حكومة هذا البلد''، وحول تطور العلاقات الثنائية بين الجزائر والبرتغال أكد السيد لويس مادو أن المبادلات التجارية بين البلدين حققت توازنا محسوسا خلال السنوات الأخيرة، مجددا ثقة بلاده في كل الجهود التي تبذلها الجزائر للاستجابة للانشغالات التي تؤرق المؤسسات البرتغالية وتضمن مستقبلا زاهرا لعلاقات التعاون بينهما. وقد أعرب البلدان في أعقاب جلسة العمل التي جمعت السيدان مدلسي ولويس امادو عن رغبتهما في دفع علاقات التعاون الثنائي ولاسيما في مجال التعاون الاقتصادي والتكنولوجي والمشاورات السياسية، مسجلان تطابق وجهات نظرهما وتقاربهما حول مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك. كما سمحت المباحثات بين وفدي البلدين بالتطرق إلى أجندة التعاون وتبادل زيارات العمل المقررة في إطار توصيات الاجتماع الرفيع المستوى الثالث بين البلدين المنعقد بلشبونة في نوفمبر .2010