الشيخ: قسول جلول الطلاق خطر على المجتمع أكبر من خطر الأمن الغذائي والأمن المائي والأمن الاجتماعي فكما تقام الملتقيات والأيام الدراسية حول مواضيع اجتماعية فالأولى ملتقى لدراسة ظاهرة الطلاق !! يخطئ من ينظر إلى ظاهرة الطلاق من منظور واحد في مجتمع كالجزائر !.. فكما دخلت عولمة الأفكار عولمة الجريمة دخلت أيضا عولمة الطلاق ومن ثم عولمة العلاج بلا فائدة !! فكلنا نساهم بأفكارنا وبأعمالنا في الطلاق معللين ذلك بعلمية تارة باسم الدين والأخلاق وتارة أخرى بإسم القانون وتارة بالعرف والعادة وتارة بالجهة وتارة بالتقاليد وتارة وتارة والحقيقة غير ذلك !! فرسالة الإمام في غياب الحكمة في موضوع الطلاق تساهم في الطلاق والزيادة في العنوسة !! فكم من أسرة تمزق أفرادها بسبب فكر متطرف لإمام أو لداعية بفتوى في قناة تليفزيونية من القنوات ((وإذا قيل لهم ...)). فكم من راق شتت أسرا وكم من أستاذ بتعليمه ونشر فكره أدى ذلك إلى الطلاق !! وكم من محامي بجشعه كان سببا في الطلاق وكم من أم كانت سببا في الطلاق وكم من أب وكم من خال وكم من جار ....والقائمة طويلة ((فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ....)) حكما: فتعريف الحكم: هو ذلك الرجل الذي ينتدب للإصلاح بين الزوجين يتصف بصفة الحلم والعلم والحكمة وهذا لتضييق الخلاف وإعادة الأسرة إلى جادة الصواب والأسباب التي تفرزها هذه المقدمة والدوافع التي تؤدي لحدوث الطلاق في المجتمع بهذا الشكل الكبير والمخيف وقيل هذا لابد من ذكر بعض الأرقام والإحصائيات والنسب الموثقة عن هذه الظاهرة الخطيرة التي تنخر في جسد المجتمع وتتسبب في تصدع خليته الأولى وهي الأسرة مما ينعكس سلباً وبشكل خطير جداً على تنمية واستقرار وتماسك الوطن. الطلاق كظاهرة سلبية تترك آثاراً ضارة على كل أفراد المجتمع خاصة الأطفال والنساء والرجال وتؤثر على سلامة وأمن ورفاهية المجتمع بل والوطن بأكمله بحاجة ضرورية لأن تحظى باهتمام وعناية من قبل المعنيين بهذه المشكلة المعقدة وكذلك تحتاج إلى وجود مراكز ومؤسسات بحثية متخصصة تُعنى بدراسة وتحليل وتشخيص هذه الحالة السلبية الخطيرة التي تؤرق مجتمعنا بمختلف أفراده ومكوناته وطبقاته. والإحصائيات والأرقام المخيفة المروعة التي قدمتها الجهات المختصة وكشفتها الجمعيات المهتمة بهذا الموضوع تُشير وبشكل واضح ودقيق إلى الارتفاع الجنوني لظاهرة الطلاق. كما تتوقع الجهات المختصة إلى 56 ألف حالة طلاق في الجزائر هذه السنة زيادة على العوانس وشبه المطلقات وشبه المتزوجات والأمهات العازبات. أكبر خطر على المجتمع الإحصائيات والنسب المرعبة لتنامي هذه الظاهرة الخطيرة كثيرة وكبيرة جداً ويمكن اختصارها بهذه النسبة المخيفة حد الهلع فأسباب الطلاق في مجتمعنا والتي أكتبها نتيجة ما قرأته وسمعته وعايشته في أداء مهامي ورسالتي كإمام بالمسجد! السبب الأول غياب الثقافة الزوجية بمختلف مستوياتها الاجتماعية والحقوقية والاقتصادية بين الزوجين الحديثين وعدم معرفتهم لأبعاد الزواج الروحية والنفسية ويقتصرون على الجانب المادي. السبب الثاني هو الاختلاف والتباين في المستوى الثقافي والفكري والتعليمي حيث يُشكل هذا التباين هوة واسعة قد لا تستطيع العلاقة الزوجية التعامل بسهولة فيكون الطلاق هو الحل. كما أن دواعي الزواج بالتوافق في المستوى الثقافي والفكري والتعليمي غير مرغوب غير مطلوب غير محبوب فأغلب العوانس هم من يحملون مستويات عليا ومسؤوليات كبيرة وأصبحن عنوانا للانهزامية وعدم التوفيق للبنات الأخريات !! السبب الثالث انتشار الفكر والدعوة (إلى رفع الثقة بين الزوجين بدعوى الخيانة بمفهومها الغربي واللاديني) وهذه المفاهيم الخاطئة هي التي ساهمت بشكل كبير في زيادة نسبة الطلاق في المجتمع فبكلمة وبرنة هاتف وووو يفك هذه الرابطة !! السبب الرابع عدم التواصل والتحاور والتفاهم بين الطرفين مما يجعل حياتهما أشبه بعالم من العزلة فتبعد المسافات وتبدأ المشكلات وتتعقد الخلافات. السبب الخامس فهو تقصيرهما في أداء مهامهما كإرهاق الزوجة في تكاليف أخرى ليس من مسؤوليتها وتحميل هموم أخرى بعيدة عن الأسرة مما يكون سببا في تقصير أداء مهامها الأسرية. تقصير الزوج في تحمل المسؤولية والالتزام بالأعباء المالية وتحت إصرار كل طرف بتوجيه الاتهام للآخر دون مراعاة للظروف والإمكانيات يتسلل الطلاق بوجهه الخبيث للقضاء على هذه الأسرة. السبب السادس هو سيطرة الأهل والأقارب وتدخلهم في التفاصيل الصغيرة والكبيرة بين الزوجين. فالتدخلات الكثيرة التي تخترق هذه العلاقة الخاصة بين الزوج وزوجته هي أحد أهم أسباب الطلاق في مجتمعنا بل وكل المجتمعات العربية والإسلامية. السبب السابع أنوثية المجتمع في الأسرة (الزواج يقوم به النساء) ولا مكانة للذكور وهذا قد ُشجع النساء على التساهل باستخدام الطلاق والخلع كورقة ضغط لأنها تستطيع أن تبدأ حياة أخرى بكل يسر وبساطة مع المجموعة النسائية بينما الرجل المطلق يعيش المعاناة بكل آلامها وقسوتها إضافة إلى أن هذا المجتمع النسائي في مجال الأسرة يُحمّل الرجل دائماً السبب في حدوث الطلاق. ومن ثم نقول وراء كل طلاق امرأة ووراء كل خلع امرأة ووراء كل تطليق امرأة ...الخ التقنية الحديثة من إنترنت وأجهزة ذكية ووسائل ووسائط التواصل الاجتماعي هي نعمة ولكن نقمة للعائلات حيث تسببت وبشكل كبير جداً في تنامي حالة الشك والاتهام والريبة بين الزوجين مما جعل الطلاق في كثير من الأحيان أحد الحلول التي يُقدم عليها أحد الطرفين. فالطلاق كما هو معروف في شريعة ربنا هو حل لرابطة الزواج وهو مباح شرعه الله عز وجل لاستحالة التوافق بين زوجين انعدمت المودة والرحمة بينهما. قال تعالى ((يا أيها النبيء إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن)) فهو إذن حل لمعضلة استحال حلها بجميع الطرق. الغريب حقا أن يصبح هذا الحل هو مشكلة في حد ذاته تحتاج إلى حل كذلك !! والذي يجهله الكثير أن الزواج والطلاق مصطلح ديني وبالتالي هو أمر ديني وهو حكم شرعي لا يجوز لأحد الهزل به ولا العبث بأحكامه وليحذروا من المقاصد الباطلة المحرَّمة والأمور بمقاصدها ولذلك قيل: ليس الفقه معرفة الحلال من الحرام فقط ولكن الفقه هو معرفة خير الخيرين فيرتكب أعلاهما وشر الشرين فيرتكب أخفهما. فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ....!!