الشيخ: قسول جلول بعض الناس يلوون ألسنتهم بأحكام الدين كما يتصورونها هم وليس كما أرادها الله وينزلون أحكاما كما يتصورونها هم ؟ ويصدرون أحكاما قد تصل إلى الخروج من الإسلام..!! ويريدون للإسلام أن يكون متطرفا فكرا وصورة وشكلا ومضمونا ....في لباسهم وأشكالهم وتصرفاتهم !!ويعتبرون أن المقاييس الإنسانية والتقديرات العالمية.والمقاييس التي يعرف بها الجمال.!! فالجراحات التجميلية كل حالة لها حكمها الشرعي في ضوء الملابسات الخاصة بها والتي يجب أن يطلع عليها الفقيه قبل أن يصدر حكمه بأن عملية التجميل هذه حلال أم حرام فرغم أن أحكام الإسلام ثابتة لا تتغيّر بتغيّر زمان ولا مكان لكن اجتهاد الفقيه يتغيّر وبالتالي تتغيّر الفتوى بحسب تغيّر الزمان وقد كان من سياسة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه مُراعاة الحال والزمان دون إخلال بأحكام الله)). اقترن الحديث عن الجمال بالخيال البشري ببساطة فمقياس الجمال والتجميل تربطه عادات وتراكمات ثقافية فما كان بالأمس مقياس للتجميل والجمال فاليوم لا تجد له ذكرا واصبح معيار للقبح !! كطول الشعر للمرأة وتفليج السن والوشم والنمص الخ بل مايكون في بلدا جمالا يكون في غيرها قبحا!! فإذا تفحصنا أغلب النظريات الجمالية منذ أرسطو حتى علماء الجمال الحديث نجد أن مواقف الناس توزَّعت بين الاعتقاد بأن الجمال غاية في ذاته منقطع عن أي وظيفة وبين الاعتقاد بأن ما يحدِّد الشيء ليس ماهيته بقدر ما هي وظيفته الاجتماعية. وهذا الاختلاف يجد جذوره الاجتماعية في طبيعة التناقضات داخل المجتمعات خصوصاً في مرحلتنا المعاصرة. نظر ة الإسلام ألى الجمال هو مزيج من التصوُّر المادي والروحي فالمرأة الجميلة هي التي تجمع بين الجمال الطبيعي أي جمال الوجه والقوام والجمال المعنوي أي مجموع الصفات المعنوية التي تطوَّرت مع تطوُّر المجتمعات العربية الإسلامية. لم يتغرب الجمال كما هو في العصر الحديث فالحياة نفسها أصبحت غريبة فالإسلام جاء بالوسطية والواقعية والموضوعية فاعتبر الإنسان مكرم و الله تعالى خلقه في أحسن تقويم فجعله في أفضل هيئة وأكمل صورة معتدل القامة كامل الخلقة. وأودع فيه غريزة حب التزين والتجمل. ودعا إليها عن طريق رسله وأنبيائه فقال: ( يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون. وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله جميل يحب الجمال وإذا كان الإسلام قد شرع التزين والتجمل للرجال والنساء جميعا فإنه قد رخص للنساء فيهما أكثر مما رخص للرجال. فأباح لهن لبس الحرير والتحلي بالذهب قال صلى الله عليه وسلم: حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم . وإذا كانت الزينة بالنسبة للرجل من التحسينات أو الكماليات فإنها بالنسبة للمرأة من الحاجيات إذ بفواتها تقع المرأة في الحرج والمشقة فلابد من التوسعة عليها فيما تتزين به لزوجها وذلك لتتمكن من إحصانه وإشباع رغباته. ولكن الإسلام لم يطلق العنان لتلك الغرائز والرغبات بل دعا الإنسان إلى ضبطها بمقتضى الهدى الرباني فحدد له حدودا ينبغي عليه عدم تعديها وحرم عليه أشياء يجب عليه عدم انتهاكها. ولم تكن تلك الحدود تحكما في حياة البشر ولا تسلطا عليهم وإنما حددها سبحانه وتعالى حرصا على إنسانية الإنسان وكرما منه في أن يرعى بنفسه مصلحة البشر فشرع التشريعات وأنزل الكتب وأرسل الرسل. وحتى تكون المعنى واضحا ومفهوما ونرفع اللبس والتأويل الأصل في الإنسان الجمال والكمال الخلقي كما ذكرنا ... أنه من حيث المبدأ في التجميل فقد أباحه الإسلام بدليل قوله تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَ_لِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْم يَعْلَمُونَ آية 32 سورة الأعراف. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبْر قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة قال الرسول: إن الله جميل يحب الجمال الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ أي احتقارهم والمعنى العام للجمال الذي لا تصحبه مخيّلة وكبر على الناس أمر مقبول في الإسلام. وأنه يباح شرعاً أن تجري الزوجة عملية تجميل لتصحيح عيب خلقي بهدف التجمل لزوجها وكذلك يجوز شرعاً للزوج أن يجري عملية تجميل لتصحيح عيب خلقي إذا كان هدفه التجمّل لزوجته وقد قال عبد الله بن عباس (إني أحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي)). وأن الفيصل بين الحلال والحرام هنا النية من التجمل وهذه النية لا يعلمها إلا الله وهو وحده المحاسب عليها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه). وقد يتعرض الإنسان إلى تشويه الجسد بالحرق أو غير ذلك وتجميله ليس تغيير خلق الله وإنما إعادة خلق الله . *وتقسم عمليات التجميل إلى قسمين : عمليات تجميل علاجية وعمليات تجميل تحسينية . فإذا كانت عمليات التجميل من أجل مداواة عضو مشوه أو إزالة عاهة لا يستطيع أن يعيش الإنسان بها دون حرج فلا مانع شرعاً ومن هذا القبيل أيضاً ترقيع الجلد المحترق أو المصاب سواء كان الترقيع بجلود طبيعية أو ببدائل مباحة أخرى ولكن لا بدّ من توفر الشروط التّالية : - ألاّ يترتب على فعلها ضرر أكبر من ضرر الحالة المرضية أو من التشوه الموجود فإذا اشتملت على ضرر أكبر فلا يجوز فعلها فإنّ الضرر لا يزال بمثله ولا بأكبر منه كما هو معروف من القواعد الفقهية الشرعية. - ألا يكون هنالك وسيلة للعلاج أهون وأسهل من الجراحة. - أن يغلب على ظن الطبيب الجراح نجاح العملية بمعنى أن تكون نسبة احتمال نجاح العملية أكبر من نسبة احتمال فشلها فإذا غلب على ظن الطبيب الجراح فشل العملية أو هلاك المريض فلا ينبغي الإقدام على ذلك. فقد روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله (رواه البخاري ( 5931 ) ومسلم2125 ) . فالحديث جمع بين تغيير الخلقة وطلب الحسن وهذان المعنيان موجودان في الجراحة التجميلية التحسينية بقصد الزيادة في الحسن فتعتبر داخلة في هذا الوعيد الشديد ولا يجوز فعلها لأن الأمور بمقاصدها .... كما إنّ في هذه العمليات الجراحية غش وتدليس وهو محرم شرعاً وذلك مفض للوقوع في المحظور من غش الأزواج من قبل النساء اللاتي يفعلن ذلك وغش الزوجات من قبل الرجال الذين يفعلون ذلك. وعلاوة على ذلك فإنّ هذه الجراحة لا تخلو من الأضرار والمضاعفات التي تنشأ وقد حرم الإسلام بعض أشكال الزينة: كالوصل والوشم والنمص وغير ذلك لما فيها من الخروج على الفطرة والتغير لخلق الله تعالى والتدليس والإيهام وغير ذلك. ولم تكن تلك المحرمات هي كل ما حرم في مجال التزين والتجمل وإنما نص الشارع عليها لينبه على نظائرها وما يحدث من أشكال مشابهة لها في الشكل أو المضمون. و اذا كان السمن موجباً للوقوع في المرض الشديد او الحرج الشديد الذي لا يتحمل عادة جاز للمرأة اجراء عملية جراحية ! فأن الجراحة التجميلية من تشوهات خلقية أو حروق أو حوادث مرور أونبت الشعر في غير محله فتحسنها مطلب شرعي أما ما ينفق في العمليات التجميلية المبالغ فيها فحكمها حكم التبذير والغش والتدليس والإسلام يهدف إلى جراحة تجميل السلوكيات والأفعال والأقوال ..