أسعارها في ارتفاع واستيرادها معلق ** الأسعار نار.. ولا بيع ولا شراء! تشهد الجزائر منذ شهور عديدة ما يمكن وصفه ب(أزمة سيارات) ترجمته حالة الركود التي تشهدها أسواق السيارات المستعملة فعبارة (الأسعار نار.. ولا بيع ولا شراء) المتداولة بقوة بين ألسنة العارضين والطالبين تلخص الوضع العام الذي زاده تعليق الاستيراد إلى إشعار آخر تأزما وبينما كانت الآمال معلقة على مشاريع التركيب (لإنقاذ ما يمكن إنقاذه) جاءت الانتقادات الحكومية لتعصف بما تبقى من تفاؤل المتفائلين ولتفاقم من أزمة السيارات التي تشهدها البلاد.. وجاء قرار الحكومة تجميد دراسة المشاريع الجديدة لتركيب السيارات ليضفي نوعا من الغموض بشأن مستقبل هذه الصناعة التي كانت السلطات تعوّل عليها لإنعاش الاقتصاد وكان المواطنون البسطاء يطمعون أن تتيح لهم اقتناء مركبات بأسعار معقولة بعد أن فاق أسعار سيارات متواضعة جدا حاجز المائة مليون سنتيم وأصبح اقتناء سيارة جديدة حلما بعيد المنال على الزوالي . اهتمام فرنسي بأزمة السيارات في الجزائر مع ارتفاع أسعار السيارات وازدهار مصانع تجميعها قررت السلطات العليا في بلادنا وقف هذا النشاط وإعادة النظر في شروط عمله معتبرة أن مصانع التجميع ما هي سوى استيراد مقنع للسيارات وقد تناولت وكالة الأنباء الفرنسية بالتحليل قضية تخييب مصانع تركيب السيارات آمال الجزائريين وقدمت تفسيرات بهذا الشأن في تقرير مثير جمعت أخبار اليوم بعض شتاته وتعرض على القراء أهم ما ورد فيه تعميما للفائدة. أشار التقرير الذي نشرته الوكالة الرسمية للأنباء في فرنسا إلى أن صناعة السيارات وُلدت بالجزائر في العام 2014 الذي شهد إنتاج أول سيارة تحمل شعار (صنع في الجزائر) من نوع (رونو). وفي ال 27 من جويلية الماضي التحقت المجموعة العملاقة لصناعة السيارات فولكسفاغن بالفرنسية رونو والكورية الجنوبية هيونداي بفتح مصنع لتجميع السيارات بمنطقة غليزان غرب الجزائر. وكان الغائب الأكبر في حفل الافتتاح الذي حضره رئيس المجموعة الألمانية هيربرت ديس وزير الصناعة محجوب بدة. وكان الوزير بدّة وجه انتقادات لاذعة لقطاع السيارات قبل هذا الحدث بأسابيع. وقال إنه يريد وضع حد لنظام إنتاج السيارات الحالي. والنتيجة أنه في ال 31 من جويلية الماضي قررت الحكومة وقف تقديم الرخص لمشاريع تركيب السيارات. سلم الأولويات وبانهيار أسعار النفط الذي يوفر 95 بالمائة من مداخيل العملات الأجنبية صيف 2014 تصدرت صناعة السيارات سلم الأولويات بالنسبة للحكومة الجزائرية من أجل تقليص الواردات وإلزام كل المستوردين بإنشاء مصانع في البلاد. وبعد ثلاث سنوات قيّم وزير الصناعة محجوب بدة حصيلة المشروع بأنها كارثية وقال في تصريح نقلته صحيفة الوطن مطلع جويلية الماضي إن هذا القطاع استفاد من مساعدات كثيرة من الدولة بهدف تقليص فاتورة الاستيراد وخلق فرص عمل وحتى التصدير على المدى المتوسط. فقد انخفض -مثلا- حجم السيارات المستوردة في النصف الأول من 2017 بنسبة 78 بالمائة لكن في المقابل ارتفع حجم السيارات المفككة لإعادة تجميعها بمصانع جزائرية ما جعل البلاد تخسر العملة الأجنبية التي ربحتها من وقف استيراد السيارات الكاملة. ارتفاع أسعار السيارات الغريب كما لاحظ وزير الصناعة أن السيارات المجمعة محليا أغلى من المستوردة ومناصب العمل تراجعت زيادة على عدم وجود أي مداخيل إضافية من ناحية الضرائب لذلك يجب توقيف هذا الاستيراد المقنع. وعلى سبيل المثال فإن سيارة سيمبول التي تنتجها رونو أغلى بمئة ألف دينار أي ما يعادل 800 يورو من نظيرتها المستوردة من رومانيا داسيا لوغان وسيارة اي10 المجمعة محليا أغلي بألفي يورو من تلك المسوقة في فرنسا. وحسب رئيس مجموعة سيفيتال أكبر مجموعة اقتصادية خاصة بالجزائر أسعد ربراب فإن السيارات الجديدة غالية لأن العرض قليل. وبعد أن بلغ حجم السيارات المستوردة 605 آلاف سيارة في 2012 قيمتها سبعة مليارات دولار بدأ في التراجع إلى أن بلغ 98 ألف سيارة في 2016 بأقل من مليار دولار بعد فرض رخص الاستيراد وتحديد عدد السيارات المستوردة. تعويض الإنتاج ولم يتمكن الإنتاج المحلي من تعويض الاستيراد ما تسبب في ندرة السيارات الجديدة في بلد يبلغ فيه الطلب السنوي 400 ألف سيارة بحسب المستشار في القطاع محمد يدادن الذي اعتبر أن أسعار السيارات ارتفعت بمعدل 40 بالمائة في الفترة بين 2014 و2017. ووفقا لمراقبين فإن سبب فشل صناعة السيارات بالجزائر هو نظام استيراد سيارات مفكّكة على شكل مجموعات من قطع الغيار ثم إعادة تجميعها بالجزائر سومي نوك داون أي المنتج المفكك والمكون من مجموعات فرعية. فالسيارة تصل نصف مكتملة أو مكتملة ولا شيء يمكن تجميعه كما أوضح محمد بايري في تصريح أدلى به قبل أسابيع قليلة لصحيفة الوطن الناطقة بالفرنسية. وقال بايري: قفزنا على بضع مراحل كان يجب أن نبدأ بتدريب العمال ثم إنشاء شبكة لشركات المناولة قبل إنشاء مصانع تركيب السيارات. وبايري هو رئيس مجموعة إيفال التي تستورد علامة إيفيكو الايطالية وقد وعد بأن يقوم مصنعه المرتقب افتتاحه قريبا بتجميع السيارات وفق نظام سي كاي دي أي أن تأتي السيارة مفككة كليا ليتم تجميع قطعها. وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي في مارس الماضي صور لمصنع هيونداي تظهر أن السيارات تصل مكتملة ولا ينقصها سوى العجلات. لكن لجنة تحقيق أرسلتها الحكومة أعلنت عن أنها لم تسجل أي مخالفة في المصنع ما جعل بعض وسائل الإعلام تشير إلى الروابط بين صاحب المصنع محي الدين طحكوت ووزير الصناعة السابق عبد السلام بوشوارب. كما انتقد المراقبون نسبة الاندماج الضعيف أي القطع التي يجب أن ينتجها المصنع محليا التي لا تتعدى 15 بالمائة وفق ما يفرضه القانون. وأعلنت الحكومة أنه بالموازاة مع وقف تقديم الرخص لمصانع تجميع السيارات ستعدّ دفتر شروط جديدا من أجل إنشاء سوق حقيقية للمناولة قادرة على توفير قطع مصنعة بالجزائر لمصانع السيارات.