قد يكون مفهوما وهو ما عوّدتنا عليه القوى الغربية الاستعمارية التي تكيل بعدّة مكاييل، لكن الذي لم أفهمه وإن كان ذلك ليس بجديد عليها فقد فعلته مع العراق ومع الشهيد صدام حسين، هو إقدام وعزم إمارة كلّ من قطر والإمارات وأيضا المغرب لخلافات موروثة وقديمة معه، خاصّة مع العرش العلوي، على المشاركة في عملية الحظر المفروض على ليبيا، بل وضرب الشعب الليبي ومنشآته القاعدية التي حسب زعمهم تشكّل خطرا على الشعب نفسه، بمعنى أن الغرب يريد أن يحمي ليبيا من الليبيين، وهذه في الحقيقة أكذوبة الغرب الصليبي الكبرى· فمتى كان الغرب صديقا وحاميا للشعوب العربية، ونحن نرى أن الشعب العراق والفلسطيني يتعرّضان يوميا للإبادة الممنهجة دون أن تحرّك فرنسا ومن يماثلها في العدوان ساكنا، وهو ممّا يدلّ على أن الهدف أصبح هو الوصول إلى منابع البترول بعد القضاء على نظام معمّر القذافي الذي بات يقلقهم لأسباب ليست هي محور حديثنا اليوم· العقيد القذافي وغيره من زعماء العرب والمسلمين هم منّا مهما كانت وضعيتهم وحالتهم، وإلاّ إذا قسنا بمقياس الغرب فإنه لن يبقى حاكما عربيا أو مسلما في الحكم، طبعا إلاّ باستثناء من يرضخ لمطالبهم ويلبّي شروطهم ويسير وفق ما يرتضون قلبا وقالبا كما تفعل اليوم كثير من الأنظمة العربية التي مهما حدث فيها من انتفاضات أو ثورات شعبية فلن يتزحزح فيها الأمير أو الملك لأنه ببساطة الصديق الحميم والرّاعي الكبير للمصالح الغربية بما فيها إسرائيل في المنطقة· على الشعوب والأنظمة العربية التي بقيت فيها نخوة من العروبة والإسلام أن تردّ كيد الكائدين وأن تقف لصدّ العدوان المبيّت على ليبيا حالا، ثمّ بعد ذلك تنظر في أصل المسألة، وهل الثوّار أم العقيد على الحقّ حتى أصبح السلاح هو لغة التحاور بينهما· فرنسا التي وجدت نفسها وحيدة بلا زعامة ولا سيادة عالمية تريد هذه المرّة أن تكون لها زعامة، لكن على حساب دولة ذات سيادة وشعب آمن· ليت هؤلاء العرب والأعاجم كانت لهم نفس الوقفة ونفس الحزم في مجلس الأمن وفي المطالبة بفرض حظر طيران العدو أيّام قام بالعدوان على لبنان وغزّة·