واحة الذاكرين رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ هذه الدعوة المباركة من دعوات موسى عليه السلام التي تكرّرت في كتاب اللَّه عز وجل فإن فيها إرشاداً من اللَّه تعالى لنا في التمسك بطرق الخير ومجانبة طرق الباطل لنكون في عصمة اللَّه في ديننا ودنيانا. سأل موسىعليه السلام ربه النجاة من فرعون وزمرته فقال: _رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ_: توسل بربوبية اللَّه عز وجل التي من معانيها التربية والعناية والإصلاح والتدبير وإجابة الدعاء فناسب أن يسأل ربه عز وجل في إصلاح أمره وتدبير حاله في النجاة من هؤلاء الظلمة أي: يا ربي نجّني وخلّصني من هؤلاء القوم الكافرين الذين ظلموا أنفسهم بكفرهم بك ووصفهم بالظلم إظهار لشناعة هذا الوصف ومن كان من أهله . فأنجاه السميع العليم كما هي عادته مع أنبيائه وأوليائه الذين يفرون إليه في كل أمورهم وأحوالهم وعند الشدائد والمهالك والأخطار . وسؤال اللَّه النجاة من الظالمين كما هو دأب الأنبياء والمرسلين كان له نصيب من أدعية المؤمنين كما قصَّ اللَّه لنا عن المؤمنة آسية زوج فرعون حين قالت: _وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ_ فسألت النجاة من فرعون الظالم ثمّ عمّمت سؤال النجاة من كلّ من يتّصف بهذه الصفة الشنيعة التي حرّمها ذو الجلال والإكرام على نفسه وعلى عبيده . فقد جاء عن أبي هريرة رضى الله عنه في قصة تعذيبها أنه قال: ((إِنَّ فِرْعَوْنَ أَوْتَدَ لِامْرَأَتِهِ أَرْبَعَةَ أَوْتَاد فِي يديها ورجليها فكان إِذَا تَفَرَّقُوا عَنْهَا أَطْلَقَتْهَا الْمَلَائِكَةُ فَقَالَتْ: )رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ_([3]) قَالَ: فَكَشَفَ لَهَا عَنْ بَيْتِهَا فِي الْجَنَّةِ)) وهذا حكمه حكم المرفوع لأنه لا يقال بالرأي.