الشيخ: قسول جلول إن للمسجد أهمية كبيرة في المجتمع الجزائري فهي بيوت الله سبحانه وتعالى . وهو حجرة الأساس لمجتمعنا الجزائري ومحور حركته فهو المسجد الذي تقام فيه صلاة الجماعة وتدار فيه أمور المجتمع من نصح وتوجيه وإصلاح وتربية روحية وبدنية. للأسف نسبة ليست بالبسيطة من مساجدنا تخلت عن دورها الأساسي في المجتمع وأخذت تهتم بالمظاهر أكثر من الجوهر فدورها أصبح كلاسيكياً لا يحاكي قضايا المجتمع لأن بعض الناس يريدون أن يجعلوا من رواد المسجد فئة خاصة بعيدة عن حركية المجتمع والبعض الآخر يريدون أن يجعلوا من الشباب الرياضي بعيدين عن المسجد ! وما قام به وزير الشؤون الدينية والأوقاف لأول مرة وخروج المسجد إلى الفضاءات الاجتماعية يعتبر في صميم رسالة المسجد وخطوة وطريقة للتآلف والتعاون ووسيلة غرس المقومات الاجتماعية فتنظيم المباريات الرياضية هذه المرة وانطلاقها من المساجد بعدد أكثر من 26 ألف مشارك في دورة نظمتها المساجد يعد بادرة تربوية غاية في الأهمية فالإنسان روح وجسد ولا يعيش الحياة الآمنة والمطمئنة إلا بهما حيث جعل لترقية الروح والرقي بها المساجد .. وجعل للجسد وتطويره وتقويته وكسب المهارات التربية البدنية والرياضة فضاءات رياضية فللروح المسجد فهو الحبل المتصل بين الأرض والسماء المسجد مكان طاهر لا دنس فيه مادي أو معنوي هو منطقة لا تجرأ الشياطين على الاقتراب منها فهي مهد الإيمان ومنهل الصفاء والإخلاص. ولم يجعل الإسلام وظيفة المسجد محصورة على الأمور العبادية فقط من أمور الصلاة والصوم وغيرها بل كان المسجد _ تناقش الأمور الاجتماعية فالمسجد ذو دور أساسي في تماسك المجتمع وتقوية الروابط الاجتماعية ولما يعلم فيه من الآداب الإسلامية من كيفية التعامل مع الجار والبائع وجميع الشرائح المجتمعية . المجتمع الإسلامي اليوم بحاجة إلى نفحات المسجد التي تبني له مناعته ضد المجتمعات الفاسدة وأفرادها من أن تفتك بأفراده المسلمين . لذا المسجد هو قلب المجتمع وهو يضخ للمجتمع أفراد متدينون وهو الذي يقوي شوكة المجتمع وكل ما يقويه من نشاطات رياضية فكل شيء في الإسلام يتحول إلى عبادة للملك العلام إذا أخلص فيه المرء النية فإذا كان غرضه تجديد النشاط واستكمال الهمة وتقوية الجسم واستعادة نشاطه وجعله قادراً على العمل وتعمير الأرض فهو عبادة وهكذا كل شيء إذا خلصت فيه النية لله وتحققت فيه المنفعة يُعد عبادة . أدلة من القران ولقد حث الإسلام على ممارسة الرياضة المفيدة النافعة وجعلها أداة لتقوية الجسم لأنه يريد أن يكون أبناؤه أقوياء في أجسامهم وفى عقولهم وأخلاقهم وأرواحهم ولقد مدح الله تعالى القوة في كتابه الكريم فقد وصف الله تعالى نفسه فقال : ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ سورة الذاريات : 58. . وامتن على الخلق بنعمة القوة فقال : اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْف ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْف قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّة ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54)الروم. وقال على لسان نبيه نوح عليه السلام : وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52هود. وافتخرت ملك سبأ بذلك فقالت : قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32) قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّة وَأُولُو بَأْس شَدِيد وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33)النمل . وأمر الله تعالى عباده المؤمنين بأن يعدوا لأعداء الله كل ما يستطيعون من قوة فقال وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّة وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ . (60) سورة الأنفال. فالمؤمن القوي سليم الجسم لا شك أنه خير وأحب الله من المؤمن الضعيف عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِى كُلّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلاَ تَعْجَزْ فَإِنْ أَصَابَكَ شَىْءٌ فَلاَ تَقُلْ لَوْ أَنِّى فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا . وَلَكِنْ قُلْ قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ. أخرجه أحمد و مسلم لأن الجسم القوي أقدرُ على أداء التكاليف الدينيّة والدنيويّة وأن الإسلام لا يُشَرِّع ما فيه إضعاف الجسم إضعافًا يُعجزه عن أداء هذه التكاليف بل إن الإسلام خفّف عنه بعض التشريعات إبقاءً على صحّة الجسم ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه دائماً على ممارسة الرياضة وينتهز الفرص السانحة في تطبيق ذلك عملياً . عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاح قَالَ : رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ وَجَابِرَ بْنَ عُمَيْر الأَنْصَارِيَّيْنِ يَرْمِيَانِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: كُلُّ شَيْء لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ اللهِ فَهُوَ لَهْوٌ وَلَعِبٌ إِلاَّ أَرْبَعٌ : مُلاَعَبَةُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَتَأْدِيبُ الرَّجُلِ فَرَسَهُ وَمَشْيُهُ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ وَتَعْلِيمُ الرَّجُلِ السِّبَاحَةَ. أخرجه النَّسَائِي وهناك رياضات كثيرة حث عليها الإسلام منها : *الرماية فعنْ أَبِي عَلِيّ ثُمَامَةَ بْنِ شُفَيّ أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِر يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ : وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّة ) أَلاَ إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ أَلاَ إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ أَلاَ إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ. أخرجه أحمد . * المصارعة: وقد صارع النبي جماعة منهم ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب وكان بمكة ويحسن الصراع ويأتيه الناس من البلاد فيصرعهم. فَقَالَ ( لَهُ ) رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَفَرَأَيْت إنْ صَرَعْتُك أَتَعْلَمُ أَنّ مَا أَقُولُ حَقّ ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَقُمْ حتى أُصَارِعَك . قَالَ فَقَامَ إلَيْهِ رُكَانَةُ يُصَارِعُهُ فَلَمّا بَطَشَ بِهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَضْجَعَهُ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا . *ركوب الخيل والحيوانات والمسابقة عليها والعرب من قديم الزمان مشهورون بالفروسية وكان الناشئ منهم لا يصل إلى الثامنة حتى يتحتم عليه أن يتعلم ركوب الخيل والله سبحانه وتعالى قد نوَّه وأقسم بها في قوله تعالى وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيلن وقد سابق النبي أيضا على الجمال فسابق على ناقته العضباء . * العَدْوُ: وهو تدريب على سرعة المشي يلزم للأسفار من أجل الجهاد ونشر الدعوة والسعي لتحصيل الرزق وغير . عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم من مشى بين الغرضين علامتين لتحديد المسافةكان له بكل خطوة حسنة . أخرجه الطبراني هممنا بالإقامة ثم سرنا * * * كسير حذيفة الخير بن بدر وكذلك من العدائين المشهورين ذكوان مولى آل عمر بن الخطاب فقد سار من مكة إلى المدينة في يوم وليلة المسافة حوالى 500 كيلو متر ولما قدم على أبى هريرة خليفة مروان على المدينة وصلى العتمة قال أبو هريرة : حاج غير مقبول منه . فقال : ولم ؟ قال : لأنك نقرت قبل الزوال -ظن أنه خرج منمكة قبل أن يرمى الجمرة التى يدخل وقتها بالزوال - فأخرج له كتاب مروان بعد الزوال وقال ألم ترنى كلفتهم سير ليلة * * * من آل منى نصا إلى آل يثرب فأقسمت لا تنفك ما عشت سيرتى * * * حديثا لمن وافى بجمع المحصب ومثله ألعاب القوى: وكان يعرف عند العرب وهو أن يُشال الحجر باليد يفعل ذلك لتعرف شدة الرجل و القفز أو الوثب العالي : وكان يعرف أيضا عند العرب -*السباحة: عن عطاء بن أبى رباح قال : رأيت جابر بن عبد الله وجابر بن عمير الأنصاري يرميان فملَّ أحدهما فجلس فقال له الآخر :كسلت ؟سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كل شيء ليس من ذكر الله عز وجل فهو لهو أو سهو إلا أربع خصال . مشى الرجل بين الغرضين وتأديبه لفرسه وملاعبته أهله وتعليم السباحة رواه الطبراني وهنا تظهر رسالة المسجد في آداب ممارسة الرياضة حيث أقر الإسلام الرياضة وشجع عليها ولكن في الإطار العادل الذي وضَعه للمصلحة ويُلاحَظ أن التربية الرياضية لا تُثمِر ثمرتها المرجوّة إلا إذا صحبتها الرياضة الرُّوحيّة الأخلاقيّة والأدب الإسلامي عند الخصومة والمنافسة يحتِّم عدم نسيان الشرف والذوق وعدم الفجور في المخاصمة فتلك من خِصال المنافقين فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْر و عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا أَوْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ أَرْبَعَة كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أخْلَفَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ. فإن الرياضة والأخبار الرياضة تسيطر على عقول كثير من شبابنا حتى وصلت إلى درجة الهوس وصار الشاب مغرما بالثقافة الرياضة وهنا دور المسجد في ترشيد وعقلة وأخلقت الرياضة لتصبح وسيلة تربية لمحاربة الافات الإجتماعية وغرس الروح التعاونية والتضامنية . ولقد ضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في التحلي بالروحالرياضية والخلق الرياضي القويم . فلتكن عيوننا على شبابنا ولنأخذ بأيدهم إلى طريق الجادة ولنبصرهم بحقائق الأمور ونعرض لهم الإسلام في أبهى حلله