عدم تعيين الرئيس بوتفليقة ضمن الثلث الرئاسي في مجلس الأمة لأعضاء من حركة مجتمع السلم ليس أمرا طبيعيا، بتاتا من الناحية السياسية الراهنة في المشهد· للأمر أربعة تفسيرات لا خامس لها، فإما يكون بوتفليقة امتنع تماما وصرف النظر عن ''حمس'' وأخرجها من حساباته، وإما قد تريث بسبب مواقف أخيرة، حسبها على الشيخ أبو جرة سلطاني وحركته، ومنها تقييم أداء بعض وزراء الحركة في الحكومة، وإما تكون بكل بساطة الأسماء التي قدمها رئيس الحركة لم ترق أو تقنع الرئيس بوتفليقة، وإما الرئيس قد يعوض على كل ذلك بعودة سلطاني إلى الحكومة المحتملة، كما يرغب في ذلك الشيخ حسب معلومات جدّ مؤكدة حول هذه الرغبة وليس إقرار بوتفليقة عودته· لنبدأ من المعطى أو التفسير الثالث، حسب المعلومات التي بحوزتنا، يُعتبر محمد جمعة لسان حال الحركة، والقيادية والجامعية سامية جباري، ومدير ديوان الشيخ بشير بوعون والطبيب مراد عروج ونصر الدين شقلال رئيس جمعية الارشاد والاصلاح، يعتبرون أهم الأسماء الخمسة عشر التي يكون سلطاني قد اقترحها على رئيس الجمهورية ولم يصدر عنه أي موقف رافض أو قابل بها· موقف بوتفليقة، بخصوص هذه المسألة ألحق أذى سياسيا نفسيا كبيرا بحركة أبو جرة سلطاني، الذي يصب حتما في صالح ''الشقيقة العدوّة'' حركة الدعوة والتغيير التي تردد عنها مباشرة عقب ظهور نتائج التجديد النصفي لمجلس الأمة والإعلان عن قائمة الثلث الرئاسي، أن بوتفليقة يكون قد امتنع، عن وضع أسماء ''حمسية''، لرغبته في وجود بعضها لديهم، وبالتالي يكون طرحها ضمن الثلث، موقفا صريحا من الرئيس بتأييده لخصوم سلطاني، مما يقلب الوضع رأسا على عقب داخل التحالف وخارجه، لكن الرئيس أذكى بكثير في أن يقع في مطبة كهذه، التي تعتبر ضربا من الأحلام عند ''ح·د·ة'' هذا هو التفسير الأول الذي لم يقع، لكنه يحيلنا إلى التفسير الذي بعده، وهو أن الرئيس متريث بشأن تضمين أسماء من ''حمس'' في المقاعد الثمانية المتبقية في مجلس الأمة في كوطة الثلث، بسبب مواقف أخيرة وصفتها مصادر ل ''الجزائر نيوز'' ''بالمزعجة جدا للرئيس''، ومنها تنظيم قبل أسبوعين أو ثلاثة لندوة محورها سؤال ''كيف ينظر الناس للحركة''، حيث تفيد المعلومات بأن الندوة من جهة، منعت عن نشر فحوى النقاش الذي دار فيها بداعي أنها داخلية، والأمر الآخر هو تحول الندوة إلى منبر للمعارضة، وهو ما يتناقض مع التوجه السياسي للحركة حاليا، حيث تكون أهم فكرة التي خلص إليها النقاش هي ضرورة خروج سلطاني بحركته من التحالف كي تسترجع هيبتها بين الجزائريين، ولو أن الموقف الرسمي إزاء هذا المقترح جاء متحفظا· ثم تقول المعلومات أن الأسماء التي اُختيرت للمشاركة من الأكاديميين والمسؤولين السابقين محسوبين على المعارضة، مما قد يفسر النية المسبقة لواضعي الأسماء من ناحية توجيهها سياسيا· ونبقى في نفس التفسير، إذ يحتمل أيضا أن الأداء الحكومي لبعض وزراء الحركة، وما وقع في قطاعاتهم ولو أن لا أحد منهم ثبت أن له فيه يدا (قضية السفن التركية في قطاع الصيد، فشل جعبوب في مفاوضات omc وقضية الطريق السيار)، علاوة على ذلك، موجة الغضب التي أثارها تعامل رجل الحركة الثاني رغم توضيحاته عبد الرزاق مقري مع منظمة ''فريدم هاوس الأمريكية'' التي يعلم الجميع كيف يُنظر إلى مثيلاتها، على المستوى الرسمي· التفسير الثالث الذي يكون مستبعدا بنسبة كبيرة، وهو أن رئيس الجمهورية أخرج تماما سلطاني والحركة من حساباته، يقود إلى أهم موضوع، ألا وهو رغبة أبو جرة الجامحة في العودة إلى الحكومة القادمة المحتملة، حسب معلومات جد مؤكدة، ظهرت ملامحها جليا في بيان الحركة حول انتخابات التجديد النصفي على خلفية الحديث عن طلاق بين بلخادم وأويحيى وتضمنت رسالة مشفرة من سلطاني لبوتفليقة، وهي تأكيدها على تمسكها بالتحالف كمرجع رئيس وقولها بأنه لن يتصدع والقول بأنها آثرت أن تعطي أصواتها في استحقاقات مجلس الأمة مناصفة بين الأرندي والأفلان، في كل الولايات، وهي التي طالما رددت بأن 2009 ليست للتحالفات وأن 2012 سنة الرئاسة، لتُظهر بذلك دور الوساطة الهامة الجامعة للطرفين حتى لا يتم التشويش على برنامج الرئيس سياسيا من داخل التحالف· ئوتظهر ملامح الرغبة أيضا، في تأكيد سلطاني لكثير من مقربيه بأن المهمة التي خرج لأجلها من الحكومة وهي رأب الصدع الداخلي، قد انتهت بإبرازه لمن مع ''حمس'' ومن مع ''حدة'' من المناضلين، أما الملمح الأخير هو تجديد تصريح أبو جرة مؤخرا في الصحافة وهو خارج الحكومة قائلا إذا جاء المنصب لن أرفضه وفي العكس لن أركض وراءه''·