يوميات صائم الصيام وغض البصر (الغض) لغة: مصدر قولهم: غض بصره يغضه غضًّا وهو مأخوذ من مادة (غ ض ض) التي تدل على معنيين: أحدهما: الكفّ والنقص. والآخر: الطراوة وغض البصر من المعنى الأول وكل شيء كففته فقد غضضته. وقال بعضهم: الغضّ: الخفض والكفّ والكسر وأصل الكلمة: غضّ يغضّ غِضًّا (بكسر الغين) وغَضًّا وغَضاضة وغَضاضاً (بفتح الغين). فقولك: غضّ طرفه: أي خفضه وكذا غضّ صوته وكل شيء غضضته كففته والأمر منه: اغضض وغضّ طرفك. و(البصر) لغة: اسم لآلة الإبصار وهو مأخوذ من مادة (ب ص ر) التي تدل على العلم بالشيء ومنه أيضاً: البصيرة وبَصُرتُ بالشيء: علمته والبصير: العالم والتّبصر: التأمل والتعرف والبصيرة: الحجة والاستبصار في الشيء. ويقال: أبصر الرجل إذا خرج من الكفر إلى بصيرة الإيمان. وغَضُّ البصر اصطلاحاً: أن يغمض المسلم بصره عما حرم عليه ولا ينظر إلا لما أبيح له النظر إليه ويدخل فيه أيضاً إغماض الأبصار عن المحارم. قال القرطبي: البصر هو الباب الأكبر إلى القلب وأعمر طرق الحواس إليه وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته ووجب التحذير منه وغضه واجب عن جميع المحرمات وكل ما يخشى الفتنة من أجله . ومن النصوص الآمرة بغض البصر قوله تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} (النور:30-31) قال ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية: هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم عما حرم عليهم فلا ينظروا إلا إلى ما أباح لهم النظر إليه وأن يغضوا أبصارهم عن المحارم فإن اتفق أن وقع البصر على محرم من غير قصد فليصرف بصره عنه سريعاً . وروى الإمام أحمد عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اضمنوا لي ستاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم وأوفوا إذا وعدتم وأدوا إذا اؤتمنتم واحفظوا فروجكم وغضوا أبصاركم وكفوا أيديكم) حسن لغيره. وروى الإمام أحمد أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه: (يا عليُّ! لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة) حسن لغيره.