بقلم: وليد بوعديلة* يكثر الحديث والاهتمام بالمقاهي ونوعية خدماتها مع يوميات الصيف الجزائري حيث تكون العطلة والانتقال عبر المدن الجزائرية وتحديدا المدن الساحلية لكن الحديث والاهتمام يشملان كل المدن الجزائرية لان طقوس شرب القهوة أو عادات الجلوس قي المقاهي هي وطنية وعالمية وتحتاج لعناية خاصة. وفتح ملف المقاهي الجزائرية خدماتها هو حلقة من ملفات كثيرة تحتاج للفتح للوصول للخدمة التجارية والسياحية النوعية والاحترافية التي ترضي الزبون وترغمه على العودة لا أن تطرده وتنفره. من يهتم بالصور المعلّقة في المقاهي؟ لسنا ندري هل انتبه الكثير منا للصور المعلقة في جدران المقاهي الجزائرية؟ وهل البحث في طبيعتها ونوعيتها من شأن وزارة السياحة أم الثقافة أم التجارة؟ وهل يهتم صاحب المقهى لبصر الزبون بقدر اهتمامه بجيبه؟ لا تعبر الصور في مقاهي عن هوية المنطقة الموجودة فيها وقد يجد الزبون صورا من باريس ولندن وبرلين ...في مقاهي مدن قسنطينةوهران وعنابة.... ومن ثمة لا يعرف تاريخ المكان و ذاكرته والوضعية التي كانت عليها البنايات والشوارع والأزقة وقد يمتد الأمر لنوعية اللباس وملامح الإنسان لأن الأمكنة بناسها وإنسانها وهي روح وليست جمادا أو حجرا. وقد نجد صورا لفنانين ولاعبين دوليين ومشاهير العالم ولا أُثر لأي صورة لجزائري بارز في مجاله فقد نجد في مقاهي ام البواقي أو خنشلة صورا للمغني العالمي مايكل جاكسون ولا نجد عيسى الجرموني وقد نجد صور ام كلثوم في سوق اهراس ولا نجد صور بقار حدة وقد نجد صور فريد الأطرش في قسنطينة ولا نجد صور الفرقاني وهكذا هذه الظاهرة الغريبة عبر كامل ولايات الجزائر؟؟ كما قد نجد صور المنتخبات العالمية في كرة القدم ولا نجد صور المنتخب الجزائري ولنتصور كيف سيمارس السائح التركي او البرتغالي سياحته عندنا وهو يجد صور منتخبه في مقهى في العاصمة الجزائرية؟ وماذا يفعل السائح (قد يكون عاملا أو موظفا في شركة أجنبية وليس شرطا أن يكون قد جاء للسياحة)بصورة اللاعب المدريدي رونالدو اثناء شربه للقهوة في شارع الأقواس في سكيكدة وقد ترك هذه الصورة في مقهى في لشبونة ومن المفروض ان تعوضها صورة النجم الوطني والسكيكدي عيسى دراوي او رياض محرز مثلا. أقترح تشكيل لجنة في كل بلدية تتكفل بمراقبة طبيعة الصور المعلقة في المقاهي وتحديدا المقاهي الموجودة في الشوارع الرئيسة لأنها تنقل هويتنا وتعبر عن موروثنا الثقافي والحضاري ويجب ان ترتبط المشاهد في المقاهي بكل الحركية السياحية والخدماتية الشاملة لنترقي بهوية المكان التجاري ليكون مكانا ثقافيا وننافس مقاهي الدول المتقدمة في أبعادها الصحية والفنية والثقافية... وعلى رؤساء المجالس البلدية التواصل مع الباحثين في التاريخ والفن والأدب للاستفادة من معلوماتهم حول الملامح التاريخية الثقافية للبلديات والمناطق عبر القطر الجزائري.لان الكثير من الصور المرتبطة بالانجازات التربوية والاصلاحية الرياضية الأدبية الثورية ...تحتاج لأن تعلق صورها في الأماكن العامة لتعرف الأجيال من أبناء المنطقة او الضيوف بها. وإلا وقعنا في المسخ الثقافي الحضاري والارتباط البصري والروحي بصور غريبة عنا؟؟ أنغام الجاز بدل أنغام الشاوي ؟؟ ونلتت انتباه كل من يهمه الأمر لمسالة أخرى نجدها مهمة جدان بقدر أهمية نوعية النظافة وصحة المستهلك في مقاهينا وهي طبيعة الأنغام والموسيقى التي يستمعها الزبون في المقاهي الجزائرية ونحن دائما نركز على المقاهي الموجودة في الشوارع الرئيسة للمدن او في المركبات والمنتجعات السياحية. قولوا لي يا ناس: ماذا يستمع الزبون في مقهى في باريس؟ هل يستمع لقصائد دحمان الحراشي او عبد المجيد مسكود؟ وهل من المنطقي ان نستمع في المقاهي الموجودة في مناطق الاوراس للجاز أو موسيقى بيتهوفن بدل عيسى الجرموني ؟وهل تقدم المقاهي في دمشق ومصر وتونس أنغام فيروز وأم كلثوم ولطفي بوشناق ام انغام المالوف والأندلسي وكلمات وأصوات كمال بوعزيز وبلاوي الهواري والشيخ الغافور ؟ ومن يدري فقد تتحفنا مقاهي برلين وطوكيو وواشنطن بموسيقى المناعي ودرياسة وعبابسة وخليفي احمد؟؟ لا يجب لوزراة السياحة أن تبقى بعيدة عن الحركية التجارية والثقافية للمقاهي والمطاعم وعليها أن تنسق مع المجالس البلدية للبحث في الأمر الذي نتناوله بالكشف والنقاش.و المساهمة في التسويق التجاري والثقافي لأعمالنا الفنية الغنائية والطربية وكل ممارسة فنية تنقل الروح والذاكرة والانتماء الجزائري. فنحن نريد أن نقول بأن المستهلك الجزائري هو إنسان قبل كل شئ وهو يدفع المال في المقاهي لأجل خدمة نوعية جيدة ليسا بطنيا فقط وإنما معنويا وفنيا ورمزيا كذلك ومجالس القهوة والشاي والأكل ...بخاصة -في فصل الصيف- تحتاج للاهتمام في ديكورها وهندستها الثقافية التي تستفيد من الصناعات التقليدية ومن الفنون والتاريخ إلى جانب النظافة والبيئة والصحة. ونشير لظاهرة غريبة انتشرت بكثرة وهي تقديم القهوة والمشروبات الساخنة الأخرى في كوب بلاستيكي رغم الأخطار الصحية على المستهلك لامتزاج السخونة بالبلاستيك في تحول المشروب م إلى مشروب قاتل رغم انه في الظاهر يمنح المتعة ؟ وصار طلب الزبون القهوة او الشاي او النعناع في كوب زجاجي أمرا مستهجنا مرفوضا من النادل او صاحب المقهى ؟ وهذا لا يحدث إلا في المقاهي الجزائرية دون الحديث عن غياب كأس الماء إلى جانب القهوة فهذا امر جزائري بامتياز؟؟ هذا يا ناس ملف أخرى يحتاج لتدخل جمعية المستهلك ووزارة الصحة.بالتنسيق مع وزارة التجارة. في الختام هذه خواطر من يوميات الصيف الجزائري الحار أردت أن أشرك القارئ فيها وطموحي أن يفتح نقاش عميق حول راهن ومستقبل المقاهي الجزائرية لأن المسألة لا تتوقف عند تسيلم التاجر السجل التجاري للمقهى بل هناك سجل سياحي ثقافي علينا أن ننتبه له وعلى صاحب المقهى يكوّن فيه. ويبرز هنا دور مختلف الوزارات المعنية للوصول للخدمة اللائقة والتنافسية مع المقاهي العربية والأجنبية التي دخلت في التنمية الاقتصادية والسياحية والتسويق الثقافي للدول ويتجلى دور وزارات التجارة والسياحة والثقافة والبيئة والصحة فلكلّ مجال رجاله وإطاراته والهدف واحد فهل وصلت الرسالة؟ وهل نستفيد من تجارب غيرنا؟ *كلية الاداب-جامعة20أوت 1955-سكيكدة