نتجه في هذا السفر نحو منطقة المرسى شرق ولاية سكيكدة حيث قصدنا هذه البلدية الساحلية التي تطل على البحر الأبيض المتوسط شمالا وغربا ومن الجنوب بلدية بن عزوز وفي شرقها بلدية شطايبي بعنابة وهي منطقة ساحلية بملامح أسطورية ولكن مع بعض النقائص فتابعوا معنا هذه الأوراق السياحية. وليد بوعديلة يمكن الوصول إلى قلب مدينة المرسى عبر طرق متعددة فقد تصل من طريق بلدية فلفلة عبر طريق ضيقة تنفتح على الأزرق الكبير مرورا بشواطئ قرباز وقد تصل انطلاقا من بلدية عزابة المجاورة أو من الطريق الوطني رقم 44 ثم عبر طرق منطقة شطايبي بعنابة. وهو الطريق الذي سرنا فيه لأنه يختصر المسافة بطريق مزدوج وطني قبل السير في طريق بلدي وسط الغابات والمناطق الفلاحية الرعوية حيث قرية العزلة (لسنا دري سبب هذه التسمية) ومشتة المجاهد سناني بلقاسم لنجد طريقا باتجاهين نحو المرسى يمينا أو نحو سكيكدة يسارا فاتجهنا يمينا. ولمن يأتي من طريق منطقة بن عزوز سيكتشف المنطقة الرطبة قرباز صنهاجة وسيلمح المسطحات المائية العالمية فهناك منطقة طبيعية محمية للشريط الكتباني كاف فاطمة ومنطقة رطبة لقرعة مساوسة حيث يمنع قطف الأزهار أو استعمال زمارات السيارات لأن المنطقة تتوفر على حيوانات نادرة وطيور مهاجرة... لكن الأخطار تهددها من أبناء المنطقة وأهلها فيقول المثل الشعبي (كل يد تغسل وجه مولاها). المنطقة العالمية الرطبة مهددة شهدت المنطقة الرطبة صنهاجة نفوق الأسماك في بعض الناطق ونبهت جمعية الوطنية لحماية البئية ومكافحة التلوث (رئيسها علي حليمي) لظاهرة السقي العشوائي وانخفاض منسوب الماء في المسطحات. كما توجد مناطق طبيعية جميلة للاستجمام العائلي بمشتة ديار الجدري وتوجد منطقة مشهورة للصيادين القادمين من قالمة تحديدا لصيد السمك بالقرب من قرية الشهيد بوكفة عبد الرحمان فالكثير من سيارات الولاية رقم 24 موجودة على حافة الطريق وقد لاحظنا أن الفلاحين يستعينون بمياه المسطحات المائية للسقي والمنطقة ساحرة فعلا وتخيلنا كيف سيكون شأنها البديع في فصل الربيع. ووجدنا في إحدى المشاتي بالطريق الولائي رقم 10 محلات الرئيس بوتفليقة مخربة ومكسرة ومن دون أبواب وغير مستغلة وتساءلنا لماذا لا تحولها السلطات المحلية لمركب مؤقت يوفر الغرف لتأجيرها للزوار في الصيف لربح مداخيل مالية. المرسى ترحب بكم... في مدخل المدينة وجدنا لافتة كبيرة ترحب بضيوف المرسى وهو ما لم نجده في سفرنا إلى منطقة شطايبي لكن ملامح غياب التهيئة والنظافة بدأت تلاحق البصر وفوضى العمران تتبعنا لتمحو كل خيالاتنا التي وضعناها مسبقا ففي عزّ الموسم الصيفي لم تستطع إمكانات البلدية ومواردها البشرية والمادية مواجهة مشاكل النظافة والتهيئة وكما يقول المثل الشعبي: (في عرس اليتيمة غاب القمر) فمسحنا مشاهد اللونين الأزرق والأبيض الخاصة بالمدن الساحلية المتوسطية في تونس وإيطاليا مثلا فأنت أيها السائح في مدينة جزائرية... وكأن المسؤولين على البلدية يرددون المثل الشعبي زيتنا في دقيقنا والمدينة لا تحتاج للتزين لأهلها الجزائريين ولا أمل في الأجانب الألمان والإسبان و...؟؟ وعرفنا من أهلها بأن صيفها ليس كشتائها فلا نشاط ولا حركية اقتصادية ولا تطوير حضري وهي مدينة تنهض صيفا لتتحرك تجاريا بفضل السواح... والمحلات التجارية في المدينة استعدت للموسم الصيفي بكل لوازم الاستمتاع البحري والرملي وقد وجدنا متوسطة الشهيد صالح صاولة في المدخل وبعدها مسجد البلدية ولم نجد له لافتة تعرفنا باسمه رغم حرصنا على تسجيل الاسم ورغم البحث عن اسم المسجد في أي لافتة فلم أجد فنرجو من اللجنة الدينية للمسجد النظر في المسألة. لافتات إعلانية عن شقق للكراء موضوعة بطريقة فوضوية وكلما وجّهت بصرك ستجد -أيها السائح- لافتات إعلانية عن شقق للكراء مع أرقام الهاتف موضوعة بطريقة فوضوية وهنا اقترح على بلدية المرسى وكل البلديات الساحلة أن تضع لوحات إعلانية كبيرة في مداخل المدن تجمع كل إعلانات الشقق وصاحب الإعلان يدفع ضريبة (5000 دج مثلا) لموسم صيفي كامل او تخصيص مساحة في كل موقع الكتروني رسمي للبلدية للإعلان بنفس المبلغ وتجريم المخالفين بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية ونزع المظاهر الفوضوية عبر المدن الساحلية فنرضي المجتمع والدولة لحين إيجاد حلول استراتيجية بالتخطيط والتدبير والحكامة لإيواء المصطافين والسياح..لأن المثل يقول : بالرزانة تنباع الصوف . وعند الاقتراب من مدخل أول شاطئ في المدينة وجدنا لافتة كبرى شاطئ المرسى مركز وإلى جانبها لافتة أخرى شاطئ الشهيدة عفيفي النخلة ولم نعرف ما هو الاسم الحقيقي للشاطئ؟ ومباشرة ستجد شبابا يطلب منك دفع تذكرة الركن السيارة في الحضيرة (100دج) دون ترحيب بك ودون معرفة إن كنت مارا أو مستقرا في الشاطئ كما ستجد كشكا صغيرا لبيع اللباس المستعمل القديم (لافريب) ولسنا ندري من منحه تصريح البيع وما علاقة اللباس المستعمل بالبحر والأجواء الشاطئية؟؟..المهم..إنك في الجزائر يا حبيبي..يا صديقي.. والرمال ذهبية جميلة والشاطئ ممتد وكبير وقريب من الشارع الرئيسي للمدينة مع وجود الحماية المدنية والدرك الوطني ولرجالهما كل التقدير والشكر كما سيجد المصطاف المرش ب (100 دج) والمراحيض ب (30 دج) وبعض الأكواخ المخصصة للمشروبات والأكلات الخفيفة كما لاحظنا أن بعض الأماكن قد حجزها الشباب الذي نصب شمسياته وكراسيه وطاولاتها واحتل الأماكن للكراء وأغلب السيارات والحافلات من قالمةأم البواقيقسنطينةسوق أهراس. الخيمة الصحراوية في الكورنيش وفي طريق الكورنيش توجد أكشاش مخصصة لخدمات مختلفة وهي خاصة بالموسم الصيفي فقط ففيها الألبسة التقليدية النسوية القبائلية (لم نجد ألبسة نسوية أو رجالية تقليدية خاصة بالمرسى) ومنتجات تراثية أخرى مختلفة مثل الأواني المصنوعة من الفخار الدربوكة التي يطلبها الأطفال بكثرة.( دربك أيها السائح.. دربك ..دربك....).. يتوسط ميناء الصيد البحري طريق ّالكورنيش وفيه بعض السفن الصغيرة التي تنطلق نحو الساحل بحثا عن صيد بحري يباع في المرسى والمدن المجاورة كما أن خيما صحراوية قد نصبت في ساحة الكوريش لتقدم خدمات مميزة تجذب السائح وتمنحه لذة الجمع بين البعد البحري والصحراوي لجزائرنا الجميلة في تشكيلات المكان والعظيمة في المجد التاريخي والجلسات في الخيمة تكون أكثر إمتاعا ليلا... ونتقدم مارين من مفترق طرق تتوسطه تشكيلة فنية للدلافين ونكتشف الشواطئ الصخرية التي تقصدها أعداد قليلة من المصطافين وقد وجدنا أغلبها من مناطق عنابة بحسب السيارات ربما هربا من الزحمة وبحثا عن الحشمة والحياء (..الحرمة.. يا سي محمد.. الحرمة) رغم أنها شواطئ غير محروسة. وفي مخرج المدينة صادفنا أشغالا متوقفة لتهيئة الأرصفة فالحجارة موجودة والعمال غائبون؟ كما وجدنا بناية ضخمة تشبه الفنادق وفوقها الراية الوطنية وقيل لنا بأنها فندق واستغربنا عدم وجود لافتة وقد صادفنا في الحضيرة بعض السيارات للعائلات المغتربة في أوربا وأخرى من ولايات مختلفة. راس الحديد.. هنا الجمال والحرقة ندعو زائر المرسى للاستمتاع بمنظر الغروب في طريقه لشاطئ راس الحديد فالمشهد رائع فعلا وسيجد الزائر نفسه متأملا الأزرق أمامه والأخضر خلفه والشمس تنام على مياه البحر ليرتفع القمر في سماء المرسى آه لو كنت شاعرا رومانسيا.. أين أنت يا جبران خليل جبران لتعبّر وأين أنت يا إيليا أبو ماضي لتصوّر.. ؟ وأين أنت يا مفدي زكريا لتنشدنا جزائر بدعة الفاطر. احذروا.. فالطريق في مرتفعات جبلية ضيقة صعبة وفيها منزلقات أرضية ولا توجد لافتات تحذيرية للمسافرين ( يا ناس المرسى ..لافتات.. لافتات.. بارك الله فيكم) لكن بعد مسافة 12كلم من المدينة سيزول تعب الطريق أمام جنة في أرض الجزائر فالرياح جدّ قوية والنسائم عالية والمناظر تأسر القلوب والعقول وتعجبنا لعدم وجود أماكن للجلوس أو مساحات مهيئة للعائلات مع هذا فالأجواء الجبلية والبحرية ممتعة والعائلات كثيرة خاصة في نهاية الأسبوع- تستمتع بالطبيعة على أنغام فلكلورية وتوجد منارة لتوجيه السفن ليلا. مؤهلة لإنشاء مراكز للتدريب الرياضي إن المكان يصلح لإنشاء مراكز للتدريب الرياضي للفرق والمنتخبات الوطنية وتساءل الكثير من الزوار إن بادرت السلطات البلدية والولائية والوطنية بالتفكير والتخطيط لذلك أو هل تفعلها الاتحادية الجزائرية لكرة القدم. وفي انتظار اكتشاف السلطات الرياضية والسياحية والثقافية لقيمة المنطقة فإن الشباب الباحث عن الحلم الأوربي الوردي قد اكتشفها وما تؤكده الأرقام المتواصلة الارتفاع للمهاجرين غيرالشرعيين الذين يقصدون شاطئ راس الحديد للحرقة نحو الجزر الايطالية القريبة رغم فشل المحاولات ... ودّعنا منطقة المرسى الهادئة وتركنا شبابها يطمح لتحقيق الكثير من الوعود لتجسيد مخطط التهيئة السياحية وبناء مراكز للصناعات التقليدية ومرافق رياضية وحموية ومركبات فندقية راقية فأرضهم جنة تحتاج للتفكير والتخطيط السياحي الذي يرتقي بها فهي هدية إلاهية تحتاج لمن يشكرها بالعمل وكما يقول المثل الشعبي الزّين واليدّين وإلى رحلة أخرى إن شاء الله.