لم يترك مصممو الموضة، على ما يبدو، للفتيات المحترمات ما يلبسنه، وحتى لباسهن المتمثل في الحجاب انتزع منه البعض صفة الشرعية، وراح يُعبث بقماشه، وألوانه، وشكله، حتى حوِّل إلى لباس فاضح، وهو ما صرنا نراه يوميا على واجهات المحلات التي تضع على عارضات الأزياء البلاستيكية أشكالا وألوانا منه غريبة. قبل سنة تقريبا تحدث المصمم الألماني المشهور "كارل لاغارفالد" في حصة فرنسية عن ولعه بالألبسة التقليدية الإفريقية، وحتى الحجاب الذي قال انه جميل ويمكن أن يغير فيه الكثير من التفاصيل حتى يجعله، وحسب تعبيره، مسايرا للموضة، بل انه قال انه يمكن أن يجعل الفتيات يحببن ارتداءه، ولأنه يجهل، او يتجاهل أنّ لباسا فرضه الله لا يمكن أن يغير فيه المرء دون أن يحترمه، او دون أن يحترم معاييره، ولعل المستمع لحديث المصمم يفكر في أنّ التفتح، وحبه لفنه هو ما جعله يفكر في إدخال تغييرات على لباس المرأة، وقد يكون الأمور كذلك، وقد لا يكون، خاصة بعد أن غزت بعض الأسواق أنواع مختلفة من الحجابات غريبة عن مجتمعنا وتقاليدنا المحافظ، والذي لا يؤمن بالحلول النصفية، فهو لا يحبذ منظر المرأة التي لا تحترم الحجاب الذي ترتديه، ولهذا فإن مواطنين كثيرين عبروا لنا عن استنكارهم، وهم يرون بعض عارضات الأزياء البلاستيكية على واجهات المحلات، أما نحن ففضلنا أن ندخل إحداها، في شارع حسيبة بن بوعلي، وهو محل اختص او يكاد في عرض الملابس الشرعية، او ما يشبهها، لم يكن صاحب المحل فيه، ولكن وجدنا خالد، قال لنا أنّ تلك الأزياء موجودة في "الكاتالوغ" الذي يدل، حسبه، على أنها آتية من خارج الوطن، ولو كان هذا "الخارج" هي دول المشرق والمغرب العربي او دول الخليج لتفهمنا الأمر، ولكنها كتب لأزياء أنجزها مصممون عالميون، من أمثال البلجيكي غزافيي ديلكور، وحتى الفرنسي نينا ريتشي، وهو الأمر الذي جعلنا نستفسر من خالد، ونسأله فيما إذا كان يحسب فعلا أنّ تلك الملابس هي ملابس شرعية، فأجابنا بالنفي، لكنه قال أنّ كثيرا من الفتيات لا يحترمن الخمار الذي يضعنه فوق رؤوسهن، ولهذا يرتدين معه سراويل ضيقة، بل وفساتين دقيقة، وان كانت، يضيف محدثنا، هذه الملابس المعروضة في محله، والتي قد تبدو ألوانها فاقعة أكثر من اللزوم، وبعض الخمارات تشبه شكل الشعر، ومصبوغة بالأصفر كذلك، وأنّ قماشها خفيف، او حتى شفاف في بعض المناطق، كل هذا، يقول خالد، مدافعا عن سلعته، كله أحسن مما تبتدعه بعض الفتيات في طرقاتنا. "صفينا نيتنا" كما يقال، وفكرنا في أنّ تلك التصاميم ليست حملة موجهة ضدّ تشويه حجاب المسلمات، وتحدثنا إلى فتيات كن مهتمات بتلك التصاميم، بعضهنّ أعجبن بها، وخففن من خطرها، واعتبرن فعلا أنها مسايرة للموضة، ووجب لذلك أن يقتنينها مثل سعاد التي قالت: "أن ترتدي المرأة حجابا لا يعني أن تشوه نفسها، فالله جميل يحب الجمال، وما يسيء للمرأة هو الابتذال، ونحن نرى في الشارع أبأس من تلك التصاميم التي تأتينا من البلدان الأوروبية، بل إن ما تصممه الخليجيات من أشكال أقل احتشاما من الأخرى". وتحدثنا إلى أخريات لم تخرجن كذلك من دائرة المقارنة بين تلك التصاميم وما تلبسه الفتيات في الشارع، وكان تلك تبيح تلك، حتى أنّ إحداهن، وهي سوسن، قالت لنا: "انّ أسماء المصممين أصبحت علامات تجارية، مثل "الايطالي الفاروا"، و"كوكو شانال" و"كريستيان ديور" وغيرهم من المصممين العالميين، فكيف لا يحق لي بمجرد أنني محجبة أن ارتدي لهؤلاء ولو مرة في حياتي؟!". فتيات أخريات استنكرن تلك التصاميم، بل ودعيننا إلى محاربتها، تقول بهجة مستاءة: "لي صديقة محترمة، او كانت محترمة ولا ترتدي إلا الألبسة الشرعية، وحتى ان حاولت ارتداء سراويل كان والدها يمنعها عنها، ولكنها صارت تشتري مثل هذه التصاميم، بحجة أنها عرض في المحلات، وأنها ليست من إبداعها، وهي تصاميم أراها فاضحة، بألوانها الزاهية كالأحمر الفاقع، والذي يسقط عن الحجاب الهدف منه، وهو انه لباس غير مثير للشهوات، كما أنّ قماشها شفاف، وبعضها ضيق، وتبرز كلّ مفاتن الجسد، أو تكاد، والسؤال الذي اطرحه من خلالكم: هل هي حملة منظمة لمحاربة اللباس الشرعي؟".