بقلم: جمال نصر الله* لسنا هنا في حالة فخر يوم نصرح بأننا كتبنا حول موضوع نظافة المدن والإنسان زهاء ال200 مقالا.. وقد نُشر أغلبها هنا بالصحف الوطنية.. وهذا لغاية واحدة كانت تؤرقنا وتقض مضجعنا.وهي أننا كنا نمني النفس أن تصبح مدننا في مراتب متقدمة وأعلى المستويات..قبل أن تخرج علينا مؤخرا موضة (المدن الذكية)..ولسنا كذلك عن أننا كنا نتنبأ بمخاطر الأشياء ولكن هاهي قد حدثت فعلا..وإلا ما معنى الكوليرا وغدا لناظره قريب...فلربما لا نتخلص من هذا الخطر حتى يطلع علينا نوع ثان والعياذ بالله هو الأخطر من سابقه.. فقط كنا ننقل الصور اليومية والتي بحد ذاتها لم تقض على السياحة فقط كمكسب حضاري وتاريخي بل أضرت بالحياة العامة للناس.وجعلت المواطن يتخبط ويصارع أهوال القمامة اليومية.وبين قوسين أضحت كالشبح يطارده أينما حل وارتحل...والأسباب المترتبة عن ذلك متعددة وكثيرة بل متشعبة..دون القول بأنها جريمة بكل المقاييس أبطالها كثيرون.. مسؤولين كانوا أو مواطنين عاديين....والذين لم يتقاعسوا فقط بل والحق يقال تهاونوا أشد هوانِ في إيجاد الصيغ والكيفيات اللازمة للخروج من عنق الزجاجة.. وهاهم يقعون بداخلها ؟! ...ولم ينتبهوا إلا بعد أن وقعت الفأس على الرأس..والدليل هو مسارعة مصالح البلديات لشن الحملات المضادة والمتمثلة في خرجات الكشافة ودعوة المواطن إلى المشاركة الجماعية في خرجات ميدانية متبنية شعارات استعجاليه لحفظ ماء الوجه كشعار(البداية لكم والاستمرارية لكم..ومن أجل جزائر نظيفة) وهي التي كان من المفروض أن تضع هذه الحسابات مبكرا وقبلا...وإلا ما جدوى تلك المُثل والقيم التي كانت تُلصق بالجدران ويتم تداولها في المؤسسات كشعار الوقاية خير من العلاج..ولماذا تم ربطها وإخراجها فقط على المستوى الصحي..بدلا عن نظافة الأحياء والشوارع والمساحات الخضراء. لقد عجز مسؤولونا صراحة.وحتى بالنسبة للأفراد العاديين على مقارعة القمامة اليومية..حتى جنى الجميع هاته النتائج الوخيمة.والمقصود هو السقوط بين مخالب الأمراض ؟! ويبقى السؤال المطروح..هل ستنفع هذه الحملات أم هي مجرد حقن مهدئة مؤقتا ليس إلا؟! وسيصير بإمكانها أن تقضي على هذا البعبع بصفة نهاية وبطرائق استئصالية مؤكدة أم لا من الجذور...لأن الأمر قد يكون ظرفيا حين يتم إزاحة أكوام النفايات ثم سرعان ما تعود كما يقال( حليمة إلى عادتها القديمة) أم أنه وجب جلب خبراء من الخارج ومختصين لأجل أن يرسموا لنا مخططا يمكنه الصمود لمدة نصف قرن أو أزيد... ضف ما هو الفرق يا ترى الفرق بيننا وبين القرى والمدن الأوروبية..سواء ذات الكثافة السكانية أو الأقل بكثير من مدننا... والتي صرنا نحسدها نكاية فيما نحن عليه..وهنا أتذكر جيدا كيف كانت عشرات الرسائل المفتوحة داخل بطون الصحف تتهاطل على المسؤولين وكيف كان مضمونها هو تحذيرها من خطر سقي المحاصيل والأراضي الفلاحية من الأودية التي هي في الأصل مصبات لقنوات الصرف الصحي..وهي التي يتغذي منها بيولوجيا النبات ثم يأتي دور الإنسان والحيوان...والميزة التي حفظها الجزائريون هي أننا نعيش في دولة تعالج دوما النتائج بدلا عن الأسباب...أي بعد أن تعم الكوارث. ثم نسارع ندب حظنا العاثر والسقيم...وهذا ما لم تغفره لنا الأقدار ولن يغفره لنا كذلك التاريخ... إذ كنا حقا نريد تنمية مستديمة.وقفزات نحو الأفضل في شتى مناحي حياتنا..