** ما تعليقكم على الإمام الذي صلى صلاة بدون وضوء وهو لا يعلم؟ ويوجد وراءه مئات من المصلين، ولكن بعد ساعة عرف أنه صلى صلاة بدون وضوء، ماذا يجب عليه أن يفعل؟ وهل تصح هذه الصلاة في حقه وفي حق المصلين؟ أم يجب عليه أن يعود فيخبرهم مع أن هذا صعب جدا، لتفرقهم من ناحية، ولتحرجه من ناحية أخرى. * بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إذا نسي الإمام فصلى بالناس من غير وضوء أو غسل، ثم تذكر بعد السلام، فصلاة المأمومين صحيحة عند جمهور العلماء؛ لأنهم معذورون إذ إن الحدث شيءٌ لا يُرى، أما الإمام فتجب عليه الإعادة، وخالف في ذلك الحنفية وبعض أهل العلم، فأوجبوا الإعادة على الإمام والمأمومين، والراجح قول الجمهور. قال ابن قدامة في المغني: إن الإمام إذا صلى بالجماعة مُحْدثا, أو جُنبا, غير عالم بحدثه, فلم يعلم هو ولا المأمومون, حتى فرغوا من الصلاة, فصلاتهم صحيحة, وصلاة الإمام باطلة. روي ذلك عن عمر, وعثمان, وعلي , وابن عمر رضي الله عنهم , وبه قال الحسن, وسعيد بن جبير, ومالك, والأوزاعي, والشافعي , وسليمان بن حرب, وأبو ثور. وعن علي أنه يعيد ويعيدون. وبه قال ابن سيرين والشعبي وأبو حنيفة, وأصحابه; لأنه صلى بهم محدثا, أشبه ما لو علم. واستدل ابن قدامة بإجماع الصحابة حيث روي أن عمر رضي الله عنه صلى بالناس الصبح, ثم خرج إلى الجرف, فأهرق الماء, فوجد في ثوبه احتلاما, فأعاد ولم يعيدوا، وكان ذلك بمجمع من الصحابة، وعن محمد بن عمرو بن المصطلق الخزاعي, أن عثمان صلى بالناس صلاة الفجر, فلما أصبح وارتفع النهار فإذا هو بأثر الجنابة. فقال: كبرت والله, كبرت والله, فأعاد الصلاة, ولم يأمرهم أن يعيدوا. وعن علي, أنه قال: إذا صلى الجنب بالقوم فأتم بهم الصلاة آمره أن يغتسل ويعيد, ولا آمرهم أن يعيدوا. وعن ابن عمر, أنه صلى بهم الغداة, ثم ذكر أنه صلى بغير وضوء, فأعاد ولم يعيدوا. رواه كله الأثرم. وهذا في محل الشهرة, ولم ينقل خلافه, فكان إجماعا, ولم يثبت ما نقل عن علي في خلافه. وعن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إذا صلى الجنب بالقوم, أعاد صلاته, وتمت للقوم صلاتهم}. أخرجه أبو سليمان محمد بن الحسن الحراني, في "جزء"؛ ولأن الحدث مما يخفى, ولا سبيل للمأموم إلى معرفته من الإمام, فكان معذورا في الاقتداء به.