كافحت وانتصرت على الوحش الكاسر سهام زيتوني... مريضة تقاوم السرطان بإرادة فولاذية تخالها للوهلة الأولى ناشطة متطوعة في المجال الطبي بدار الإحسان لإيواء مرضى السرطان بالبليدة التابعة لجمعية البدر لمساعدة مرضى السرطان غير أنها مريضة تعاني في صمت من هذا المرض القاتل الذي شفيت منه و أصيبت به مرة أخرى. خ.نسيمة /ق.م سهام زيتوني (46 سنة) من قسنطينة أم لثلاثة أولاد صاحبة محل خياطة اكتشفت منذ ثلاث سنوات أنها مصابة بسرطان الثدي خضعت للعلاج بمركز معالجة السرطان بالمركز الاستشفائي الجامعي فرانس فانون بالبليدة وتم استئصال ثديها لاستحالة معالجته بالكيمياوي فقط بسبب بلوغ المرض مرحلة متقدمة لتشفى تماما من هذا المرض. غير أن فرحة سهام بالشفاء لم تدم طويلا لأنها اكتشفت مؤخرا أنها أصيبت أيضا بسرطان الكبد والعظام. فتحت لنا سهام التي التقتها وكالة الأنباء الجزائرية بدار الإحسان قلبها وروت لنا قصة كفاحها مع هذا الوحش الكاسر كما أطلقت عليه. أول ما تلمحه فيها هو وجهها البشوش وابتسامتها الملائكية التي لا تغادر محياها وإرادتها الفولاذية التي تلاحظها من خلال حديثها الذي يتميز بكلمات منتقاة و ينم عن ثقافة واسعة. بداية المأساة مع السرطان روت لنا سهام اكتشافها لهذا المرض الذي كانت بدايته بإحساسها بوجود كتلة في ثديها لتقوم بفحص عند الطبيب الذي أكد لها أنه ليست بالأمر الخطير إلا أن بالها لم يهدأ وبعد مدة توجهت لطبيب آخر لتتأكد وبعد قيامها بتحاليل تم التأكد من إصابتها بالسرطان. حزنت وبكيت وأصبت بصدمة كبيرة وأول ما مر بذهني هم أبنائي تقول سهام مضيفة إلا أنني تمالكت نفسي فورا وأدركت انه لا وقت لي لأضيعه ويجب أن اشرع في العلاج في اسرع وقت . توجهت سهام من قسنطينة إلى مركز معالجة السرطان بالبليدة في أصعب وأطول رحلة يمكن أن يقوم بها المرء نظرا لصعوبتها وإحاطتها بالمجهول وفقا لما ذكرته. وجدت التكفل الطبي الجيد في مستشفى البليدة و بالصدفة وجدت بطاقة دار الإحسان لإيواء مرضى السرطان بنفس المستشفى. الدعم النفسي والمعنوي لم تتردد ذات المتحدثة في التوجه إلى دار الإحسان ليس بحثا عن مكان يأويها فحسب بل أيضا للبحث عن الدعم النفسي والمعنوي وهو فعلا ما وجدته عند القائمين على هذه الدار الخيرية التابعة لجمعية البدر لمساعدة مرضى السرطان القادمين من مختلف ولايات الوطن. التقت سهام في دار الإحسان بمريضات من عدة ولايات و تعرفت على أصدقاء جدد وازدادت إرادة وإصرارا على قهرها لمرض السرطان ولعل أكثر موقف أثر فيها ورفع من عزيمتها - حسبها- هو أنه يوم موعد إجراء عمليتها الجراحية لاستئصال الثدي رافقها مدير الدار وعدد من القائمين عليها للمستشفى وحمل حقيبتها وهم نفس الأشخاص الذين وجدتهم عند خروجها من غرفة الإنعاش ورافقوها طيلة فترة النقاهة ولهذا هي تعتبرها منزلها الثاني. فرحة لم تدم شفيت سهام عقب العلاج الكيماوي والعملية والعلاج بالأشعة وواصلت فحوصها الدورية بانتظام غير أنها لم تفرح طويلا لأنها اكتشفت إصابتها بسرطان الكبد و العظام وهي الصدمة الثانية التي تتلقاها في حياتهاو إلا أنها لم تثنيها عن عزمها على اللجوء إلى العلاج ثانية. و استرسلت تقول: عند اكتشافي للمرة الثانية إصابتي بالمرض لم أضعف حيث أنني قمت بالتحاليل وفي انتظار النتيجة التي تظهر بعد شهر ونصف عدت إلى قسنطينة وقمت بالمعالجة الذاتية من خلال ممارسة الرياضة يوميا و إتباع حمية لتجويع الخلايا السرطانية وهو الأمر الذي أعطى نتيجة ايجابية حسبما أكده الأطباء . وأعربت سهام عن أملها الكبير في الشفاء وثقتها بالله لانها كما قالت- هذا ابتلاء وأنا راضية بنصيبي من الدنيا مؤكدة أن قصتها مع السرطان هي قصة أمل وحياة رغم مرارتها داعية جميع المرضى إلى تقبل مرضهم لأن هذا يعد أول خطوة في العلاج . وتعجبت لأمر الكثير من الأشخاص الذين يكتشفون المرض ويرفضون العلاج مستسلمين له معتبرة أن هذا انتحار وتدمير شخصي داعية إياهم إلى التحلي بالإرادة القوية والثقة لأن السرطان لا يعني الموت بل الموت يكون بالأجل - حسبها- بل هو يعد معركة من معارك الحياة التي يجب خوضها و الانتصار فيها ولا خيار غير ذلك . وتعتبر سهام داخل دار الإحسان وجمعية البدر إحدى المريضات الناشطات حسب الدكتور مصطفى موساوي رئيس الجمعية الذي أكد أنها ليست من النوع الذي يستسلم للمرض ويلازم الفراش بل انخرطت في هذه الجمعيات وتقوم باقتراحات وتشارك في تنظيم مختلف الفعاليات والأنشطة. وكسبت سهام بفضل خفة ظلها وروحها المرحة محبة الجميع اذ يعرفها جميع القائمين على الدار والمرضى المقيمين فيها كبارا وصغارا والكل يبادلها التحية و الابتسامة فهي لا تتردد في مساعدة أحد ولو بالكلمة الطيبة. بصمات في العمل التطوعي وأحبت ابنة قسنطينة العمل التطوعي داخل الجمعية و لعل آخر نشاط شاركت فيه هو اقتراح بمناسبة شهر أكتوبر الوردي لمكافحة سرطان الثدي تنظيم عرض لمريضات دار الإحسان والتكفل بخياطة جميع الألبسة (بما أنها كانت تعمل كخياطة). وفرحت سهام كثيرا بموافقة الجمعية على هذه الفكرة وإدراجها ضمن فعاليات الطبعة التاسعة لشهر أكتوبر الوردي لجمعية البدر. كما انخرطت في التحسيس بمكافحة هذا المرض حيث أصبحت تدعو أقاربها ومعارفها وجميع الأفراد المحيطين بها بضرورة القيام بالفحص المبكر لكشف المرض أن وجد في مراحله الأولى حتى تسهل معالجته تقول سهام. ودعت سهام جميع المحسنين إلى تقديم الدعم لجمعيات مساعدة مرضى السرطان على المستوى الوطني ولو بالقليل مغتنمة فرصة تخصيص محور شهر أكتوبر الوردي لهذه السنة لدعامات الثدي الاصطناعية للدعوة إلى المساعدة في اقتناء دعامات للنساء المريضات لأنها تعد تكملة للعلاج وبفضلها تستعيد المرأة ثقتها بنفسها وإحساسها