بقلم :وليد بوعديلة* عندما تلتقي -أيها القارئ- بالبروفسور يوسف وغليسي فتأكد أن مجال الاستفادة العلمية في مجالات الأدب والنقد المعاصر ستكون مفتوحة وأن أوان الأخذ التربوي والطرفة الساخرة ذات الرسالة قد حان وقد كان كل ذلك في لقائنا به بجامعة منتوري-قسنطينة في يوم ممطر مرعد من أيام سرتا. تكرّم الدكتور الفاضل بإهدائنا الأعمال السردية الكاملة لعبد الملك مرتاض في أربع مجلدات عن منشورات مختبر السرد العربي بجامعة منتوري - قسنطينة-الجزائر 2012 وقد تكفل وغليسي بإعدادها وتقديمها والتوثيق والتعليق عليها. مرتاض...بعباءة السارد يتضمن المجلد الأول أربع روايات وفيه مقالا نقديا طويلا كتبه الناقد والكاتب يوسف وغليسي ليعرف القارئ الجزائري والعربي بالدكتور والمبدع عبد المالك مرتاض وسمه ب: سيرة ذاتية ومسارات الحياة السردية ذكر فيه بدايات الطفولة مسيرة العلم والتعليم وقصة الجمع بين البعدين المعرفي والإبداعي وحكايات مرتاض الناقد ومرتاض الروائي... كما أشار وغليسي لتفاعل مرتاض مع نصوصه أثناء إعادة نشرها وجمعها وما قام به من إضافات وحذف وقد أمكن للرؤية النقدية الوغليسية أن تقسم لمسار السردي لمرتاض إلى مراحل:-مسار البديات- مسار التحول- مسار الانعطاف-مسار العودة إلألإى الذات والاستثمار في الموروث السردي القديم- ومن الثواب السردية المميزة للسارد مرتاض نذكر بعضها: -الفضاء المثقل بذاكرة تراثية وعوالم شعبية آسرة - الراوي المتموقع خارج الحكاية والرواية بضمير المخاطب... -عناصر التعجيب المختلفة واللغة التراثية الراقية -القدرة الفنية على الجمع بين واقعية المتن الحكائي ومتخيل المبنى الغرائبي الجميل... يتميز عبد المالك مرتاض بلغة عربية خاصة تميزه عن غيره يلاحظ ذلك كل من قرأ نقده أو سرده وقد يجد القارئ بعضا من الصعوبة في الفهم والتأويل وكأن مبدعنا يتحدى فعل القراءة يقول الباحث الأكاديمي يوسف وغليسي: إن اللغة في كتابات مرتاض الإبداعية والنقدية على السواء هي القيمة المهيمنة الكبرى هي نقطة القوة ومكمن الخصوصية وعلامة التميز المسجلة لكنها في الوقت ذاته حين يتعلق الأمر باللغة الروائية هي مفصل الإشكال ومنعطف الصعود نحو الأسفل في تقدير بعض نقاده الذين لا يتفهمون من لغته إلى قليلا (طبعا)... وعليه فهو كاتب متعصب للغة النخبوية الراقية التي لا ترحم فقيرا إلى مرضاة لغته ولا تتساهل مع جاهل عادى لغته ولا تتنازل عن الجزالة والمتانة والصفاء مقابل العدم... هذا متراض...و هذا الإبداع نجد في الأعمال السردية الكاملة مجوعة من الروايات والمجموعات القصصية ففي المجلد الأول (رباعية الدم والنار) أربع روايات هي النار والنور دماء ودموع حيزية صوت الكهف ونقرا في المجلد الثاني (ثنائية الجحيم)روايتي وادي الظلام ومرايا متشظية وفي المجلد الثالث( ثلاثية الجزائر) روايات :الطوفان رواية الملحمة رواية الخلاص اما المجلد الرابع (متفؤقات سردية) فنجد فيه مجموعة قصصية هشيم الزمن رواية الخنازير ونقرأ نصوصا في الحفر في تجاعيد الذاكرة-لوحات من سيرة زمن الصبا- . وقد كانت منهجية الدكتور وغليسي في الجمع والتقديم تعتمد إعطاء روية عامة عن النص ثم توجيه القارئ للدراسات التي تناولت في الكتب والمراجع الأكاديمية المنشورة وغير المنشورة. وسنجد أن التجربة السردية المرتاضية قد نالت اهتمام الكثير من الباحثين الجزائريين والعرب نذكر منهم:- واسيني الأعرج-عبد الفتاح عثمان-عبد السلام محمد الشاذلي-محلوف عامر- آمة بلعلى- محمد تحريشي- كاهنة دحون- الخامسة علاوي- سي احمد محمود-... أخيرا... للتذكير فالدكتور يوسف وغليسي شاعر وناقد له مجموعة من الدواوين الشعرية والكتب النقدية وتحصل على عديد الجوائز في الابداع والنقد جزائريا وعربيا وكما أن جمعه الأعمال السردية الكاملة لعبد الملك مرتاض عمل جبار لم يتحقق إلا بلغة الإخلاص والوفاء للرجال يقول المثل الشعبي الجزائري الرجال بالرجال...و الرجال بالله فبالتأكيد توجد إرادة وجدانية وفكرية خاصة ساهمت في الوصول لهذا العمل الضخم في أربع مجلدات وبإخراج طباعي جيد لم نجده في أعمال أخرى أنتجت بمبادرات ومؤسسات حازت ميزانيات ضخمة... فلتشكر جزائرنا الدكتور الفاضل يوسف وغليسي ولنتمنى كل التوفيق لرجال وحرائر مخبر السرد العربي بجامعة منتوري _ قسنطينة للمواصلة في التعريف بالمنجز الإبداعي العربي في سياقات الدفاع عن المرجعية الثقافية الجزائرية. ونرجو _في الختام- من إدارة جامعة قسنطينة أن تقدم كل الدعم المالي والمادي للمخبر قصد إنجاز منتجات أدبية أخرى عبر النشر والندوات والملتقيات.