أخي : إن الله سبحانه هو كاشف الضر والبلوى ويحب من يدعوه ويلح عليه في الدعاء وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة: 186] كما أنه سبحانه يكره من المريض أن يشكوه إلى الخلق فإن ذلك مناف الصبر وصفاء التوحيد . قال معروف الكرخي : إن الله ليبتلي عبده المؤمن بالأسقام والأوجاع فيشكو إلى أصحابه فيقول الله تبارك وتعالى : وعزتي وجلالي ما ابتليتك بهذه الأوجاع والأسقام إلا لأغسلك من الذنوب فلا تشتكيني . وهذا الإمام أحمد رحمه الله جاءه عُوَّاد يعودونه في مرض فقالوا : كيف تجدك يا أبا عبد الله ؟ قال : بخير وعافية فقالوا له : حممت البارحة ؟ قال : إذا قلت لك أنا في عافية فحسبك لا تحوجني إلى ما أكره . فكان رحمه الله يكره أن يسمي مرضه خوفا من أن يدخل ذلك في الشكوى فيذهب أجره وثوابه وصبره ورضاه بما كتب الله له . فتذكر أخي أن تمام الصبر بث الشكوى إلى الله وحده كما فعل يعقوب عليه السلام : إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ [يوسف: 86] وأن الشكوى إلى غيره سبحانه تقدح الأجر وربما ألحقت بصاحبها الوزر .