_ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِلْمُتَوَسِّمِينَ _ [ الحجر : 75 ] والمتوسِّمون هم المتفكرون المعتبرون الذين يتوسمون في الأشياء ويتفكرون فيها ويعتبرون ويدققون نظرهم حتى يعرفوا حقيقة الشيء بسمته. قال العلماء : التوسُّم من الوسم وهي العلامة التي يُستدل بها يُقال : توسمت فيه الخير إذا رأيت ملامح ذلك فيه ومنه قول عبد الله بن رواحة للنبي صلى الله عليه وسلم : إني توسَّمت فيك الخير أعرفه ... والله يعلم أني ثابت البصر واتسم الرجل إذا جعل لنفسه علامة يُعرف بها والواسم : الناظر إليك من فرقك إلى قدمك وأصل التوسم التثبت والتفكر مأخوذ من الوسم وهو التأثير بحديدة في جلد البعير وغيره. والإشارة _ فِي ذَلِكَ _ إلى جميع ما تضمنته القصة التي بدأت بقوله تعالى _ وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ _ ففيها من الآيات الكثير : آية نزول الملائكة في بيت إبراهيم عليه السلام كرامة له وبشارته بغلام عليم وإعلام الله إياه بما سيحل بقوم لوط ونصر الله لوطا بالملائكة وإنجائه عليه السلام وآله وإهلاك قومه وامرأته لمناصرتها إياهم وآية عمى أهل الضلالة عن أنوار الهداية وآية غضب الله على المُصِرِّين على عصيان الرسل وهو إهانة للذين لم تردعهم العبر بأنهم دون مرتبة النظر وتعريض بمشركي مكة الذين لم يتعظوا بأن يحل بهم ما حلَّ بالأمم من قبلهم التي عرفوا أخبارها ورأوا آثارها وتعريض كذلك بمن سلك نفس الطريق من العصاة والغافلين.