أهلا وسهلا بسلطان الشهور لا يزال شهر رمضان في فلسطين يحتفظ بالعادات والتقاليد والمظاهر الثقافية والاجتماعية الخاصة به بعد أن توارثتها الأجيال وتمسك بها الأبناء والأحفاد حتى اليوم لتبقى خالدة في الذاكرة والتاريخ. الفوانيس والمسحراتي تعمل فلسطين بمبدأ وحدة المطالع في تحديد دخول شهر رمضان وهو ثبوت رؤية الهلال في فلسطين أو في البلدان المجاورة لها وبعد تحديد اليوم الأول تعلن المساجد الصيام عن طريق رفع الأدعية والابتهالات وترى الفوانيس في كل مكان وقد خرج بها الأطفال في واحدة من التقاليد التي لا تزال تدخل بهجتها على القلوب إلى اليوم. ما زال المسحراتي يجوب الكثير من شوارع المدن والقرى الفلسطينية يشدو بصوته الصباحي الصداح بالأناشيد الرمضانية والأذكار ويرافقه الطبل الذي ينقر عليه بقوة وهو ما يجعلك تشعر بجمال وقيمة رمضان بعباداته الدينية وعاداته الاجتماعية. تنافس بين المقلوبة و السماقية ويتميز الطعام الفلسطيني خلال شهر رمضان بأصناف معينة يفضلها الفلسطينيون وتختلف أحيانا من منطقة إلى أخرى ولكن الاتفاق يكون شبه تام حول المقلوبة والسماقية والمفتول في غزة وحول المسخن والمنسف في الضفة الغربية كما لا تغيب المتبلات والمخللات والسلطات عن المائدة الفلسطينية. وبدون أدنى شك تتربع القطايف على مائدة الحلويات وتبقى التمور هي فاتحة وبركة الخير لكل إفطار. أما المشروبات التي اعتاد عليها الفلسطينيون في هذا الشهر فأهمها شراب الخروب الذي لا تخلو موائد البيوت منه كما لا يتوانى الباعة عن تقديمه في الأسواق والساحات العامة مع مشروبات أخرى مثل الكركدية وقمر الدين وعرق السوس ومختلف العصائر.
هناك أمر جميل ولافت للانتباه بين العائلات الفلسطينية التي ما تزال تحافظ على الجيرة الحسنة فتبادل الإفطار لا يغيب بين الأسر والجيران وهي المناسبة التي تجعل ربات البيوت يتفنن في إعداد الأكلات للتباهي بها. القدس وجهة تتوق إليها النفوس عندما نذكر رمضان في فلسطين لا نغفل أبدا الأوضاع الأمنية والسياسية فنفرح لفرحة أبنائها ونحزن لحزنهم وتكون مدينة القدس الوجهة التي تتوق إليها كل النفوس ورغم أنه من الصعب الوصول إلى المسجد الأقصى للفلسطينيين القادمين من خارج المدينة أمام الحواجز العسكرية الصهيونية إلا أن محاولات الفلسطينيين لا تتوقف لتطأ أرجلهم المدينة المقدسة المعزولة.