يوميات رمضانية قسوة الريجيم دخلت وهي في أسوء حالتها تجاهلتها وفضلت تأجيل الحديث لأني أعرفها جيدا فهي كالعاصفة الهوجاء تأخذ كل ما في طريقها في المساء عند هدوئها سألتها عن سبب القلق والنرفزة سكتت ولم ترد أعدت سؤالي لكن صمتت وقبل أن أكرره للمرة الثالثة أجابت بأنها ابتداء من اليوم سيطرأ تغيير طفيف على المائدة وعوض تزيينها بالطعام الفقير ستصبح غنية وتحتوي على كل أنواع الأكل الصحي لم أفهم شيئا خرجت وتركتها تتفنن كالعادة في تحضير ألذ وأشهى المأكولات عند أذان المغرب جلست مع الأولاد ننتظر بشغف ولهف ما جادت به يد الزوجة والأم لنتفاجأ بأكل غريب لم نتعود عليه على الأقل هاته الأيام نظرنا الى بعضنا البعض وكل واحد فينا يريد أن يعرف سر هذا التغيير الطارئ فالجاري والطواجن بمختلف أنواعها وأذواقها كانت غائبة خبز الدار والكسرة كذلك لم يكونا على الطاولة طبعا لا أحد تجرأ واحتج لكي لا يعكر مزاج وصفو السيدة الأولى تجاوزنا الأمر وأكلنا وذهب كل في سبيله. في اليوم التالي تكرر نفس الأمر وعوض الاستمتاع بطعام شهي وجدنا أنواعا مختلفة من السلاطة زبادي طبيعي وخبز شوفان محضر في البيت خضر مرحية وفواكه متنوعة والملكة في أوج سعادتها تأكل وتتلذذ ولأن للصبر حدود فقد فاتحتها في الموضوع وطلبت منها تفسيرا لما يحدث فنحن في رمضان وطول النهار صائمون وفي الأخير نفطر على تلك الأشياء وبّختها وبشدة على فعلتها وحذرتها من تكرار الأمر بكل برودة قالت أنها لن تطبخ بعد الان ما في بالي وبقية الأيام ستكون هكذا وهذا كلامها الأخير ولا رجعة فيه احترت في أمري وفكرت في ارسالها لبيت أهلها لكن ماذا يفعل الميت في يد غسالو فأنا طباخ فاشل ورجل كسول لا يعرف القيام بأي شيئ في البيت استغفرت الله ونمت لأستيقظ باكرا للسحورالذي لم يكن أحسن من الفطور فالحليب وخبز الشوفان ومختلف الفواكه كانت ما ميز طاولتنا تسحرت وذهبت مباشرة لبيت نسيبي لأشكو له همي فهو لم يرحمني لما قصرت يوما في القضيان لنرى ماذا سيفعل مع ابنته المقصرة في حقي وحق عائلتها اغتاظ ولامها كثيرا وطلب منها التعقل والعدول عن هذه الأفكار فحماي من النوع الصعب لكن عادل وكتكفير عن ذنب ابنته فقد دعاني للفطور. في بيت نسيبي الحاج الأمر لم يختلف كثيرا مع كريمتي التي رغم المحمر والمجمر الا أنها اكتفت بخضرة مرحية وقليل من الخبز في نصف ساعة أنهت فطورها فإصرارها على مواصلة ريجيمها كان كبيرا جدا أما أنا والأولاد فكنا كمن خرج من مجاعة ودون شعورأكلنا كل ما في الصحون ولم ننسحب من المعركة الا بعد أن أمتلأت بطوننا وعوضنا ريجيم الأيام السابقة. فكلمة ريجيم سهلة النطق صعبة التحمل وخاصة في أيام الصوم شخصيا لم أجربها الا لما مرضت وأجريت عملية على الحنجرة وربما هذا هو الشيء الذي جعلني أكره الريجيم رغم فوائده المجربة فالصوم عبادة وفرصة لانقاص الوزن لهؤلاء الذين يملكون بطونا منتفخة وكبيرة مثلي لكن الله غالب جربت مرارا وتكرار أن أعود الى وزني الطبيعي وأستعيد رشاقتي التي فقدتها بعد الزواج والتقدم في العمر. بعد يأس واحباط طلت ليلة القدر وتكرمت سيدة البيت علينا بطبق شخشوخة حارة حمراء مع لبن لتعلن الأفراح في كل أرجاء المنزل فأخيرااا رجعت ريمة لعادتها القديمة. فلا لريجيم رمضان ونعم ويحيا الأكل وكنصيحة من أخ مجرب ولتجنب التعنت الرمضاني والخرجات الغير متوقعة تعلموا أصول الطبخ. وصح فطوركم والسلام عليكم.