أزيد من شهر من الغارات المتواصلة مدن سوريا تحترق! مر أكثر من شهر على التصعيد العسكري الواسع النطاق لقوات النظام وروسيا في شمال غربي سورية والذي بدأ قبل جولة أستانة 12 (25 - 26 افريل الماضي) لكن حدّته تصاعدت بشكل غير مسبوق منذ اتفاق سوتشي الموقّع بين الأتراك والروس في سبتمبر الماضي عقب نهاية هذه الجولة والفشل الذي شهدته المحادثات حيال مسألة اللجنة الدستورية والعملية السياسية عموماً. ق.د/وكالات كثّفت الطائرات الحربية الروسية غاراتها العنيفة وتناوبت مع طائرات ومدفعية الأسد على قصف ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي. وقد ظهرت البراميل المتفجّرة مجدداً لتزيد دموية الحملة العسكرية التي تطوّرت في 6 ماي الحالي من القصف الجوي والمدفعي والصاروخي لزحف بري شهد حلقات من النجاح والفشل للقوات المهاجمة في محوري القتال الأساسيين: ريف حماة الشمالي الغربي نحو جنوبي إدلب وريف اللاذقية الشمالي عند تلة كبانة التي تشكّل مدخلاً وخط دفاع لسهل الغاب وريف إدلب الغربي. فماذا تبيّن وتغيّر منذ نحو شهر إلى الآن خلال المجازر والمعارك التي تشهدها مناطق شمال غرب سورية؟ خفض التصعيد يتلاشى بخلاف الضامنين بعد أستانة 12 بيوم واحد وبالتزامن مع تكثيف غارات الطيران الحربي لروسيا والنظام في إدلب وحماة قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 27 افريل من بكين إنّ بلاده ستواصل محاربة الإرهاب في إدلب مضيفاً لا أستبعد عملية عسكرية شاملة لكنه زعم أنها لن تكون بشكل سريع... يجب أخذ المدنيين بالاعتبار . وبينما جاء التصريح الروسي مع تكثيف النظام وحلفائه القصف العنيف والذي طاول بلدات وقرى كثيرة في إدلب وحماة ردّت فصائل الجبهة الوطنية للتحرير و الجيش الوطني ببيان مشترك جاء فيه أنّ التصريحات المتكررة التي تطلقها روسيا بين الحين والآخر لاجتياح المناطق المحررة لن تلقى منّا إلا مزيداً من الإصرار على الدفاع عن أرضنا والذود عن شعبنا مضيفةً كان حرياً بالرئيس الروسي وهو يتحدث عن المسارات السياسية ويحرص على الظهور بمظهر الباحث عن حلول من خلال مؤتمرات أستانة وغيرها أن يوعز لسلاح الجو الروسي بوقف ارتكابه للمجازر المروعة . البيان المشترك رداً على بوتين من هذه الفصائل المدعومة تركياً قال أيضاً إنّ قصف الآمنين وقتل الأبرياء من النساء والأطفال وهدم المساجد والبيوت فوق رؤوس أصحابها واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً من عنقودي وفوسفور وكيميائي واستعمال أقصى صور الإجرام والإبادة وإرهاب الدولة الذي تمارسه روسيا الاتحادية ليس مؤشراً على الانتصار ولا دليلاً على الحسم . بالتزامن مع ذلك كان المتحدث الإعلامي باسم وفد المعارضة لأستانة أيمن العاسمي يستبعد شنّ روسيا والنظام هجوماً واسعاً في إدلب ومحيطها خلال الأشهر الأربعة المقبلة متحدثاً عن توافق في الاجتماعات الأخيرة بالعاصمة الكازاخية حول تسيير دوريات روسية - تركية مشتركة في المنطقة منزوعة السلاح المتفق عليها ضمن بنود سوتشي بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين. لكن بعد ذلك صدرت عن فصائل عسكرية عديدة موجودة في المنطقة منزوعة السلاح بينها جيش العزة أبرز فصائل المعارضة مواقف رافضة لمرور العسكريين الروس ضمن مناطق وجودها وهو ما شكل إشارة واضحة بشأن عدم وجود توافق أو تفاهم حول الدوريات التي لم تُسيّر إلى الآن. ورغم أنّ القوات المُهاجمة توقّف تقدمها فعلياً منذ ما بعد منتصف هذا الشهر عند قرية الحويز شمال قلعة المضيق وانكفأت خلال الأسبوعين الأخيرين من الهجوم للدفاع عمّا أحرزته من تقدّم فإنّها ومع توقّف محاولات التمدد براً واصل سلاحها الجوي قصف مناطق واسعة سواء بمحيط جبهات القتال شمالي حماة وجنوبي إدلب أو بعيداً عنها وصولاً لشرق إدلب وغربها حتى طاول القصف ريف حلب الجنوبي الغربي. في المقابل فإنّ الفصائل التي بدت مرتبكة في الأيام الأولى للهجوم البري خصوصاً أنه جاء بعد تمهيد ناري جوي كثيف استمر أياماً عدة ظهرت لاحقاً أنها تجاوزت الضربات والهجمات البرية الأولى وحسّنت مواقعها الدفاعية رغم أنها كانت تخسر في الأسبوع الثاني من هذا الشهر مزيداً من المناطق التي كانت تُسيطر عليها. وخسرت هذه الفصائل بعد تلّ عثمان وقرية الجنابرة كفرنبودة ثمّ مدينة قلعة المضيق وقرى الكركات الشريعة التوينة باب الطاقة الحمرا التوبة المستريحة الشيخ إدريس والحويز. ورغم أنّها شنّت هجوماً معاكساً يوم الثلاثاء في 21 مايو استعادت فيه السيطرة على كفرنبودة وتل الهواش وقرية الحميرات إلا أنها خسرت كفرنبودة مجدداً الأحد الماضي بهجوم لقوات النظام سبقه تمهيد جوي. أسلحة وتعزيزات وظهرت خلال المعارك التي دارت في هذه المناطق بريف حماة الشمالي الغربي معطيات عسكرية عدة عكست خلافات طرفي سوتشي أبرزها الصواريخ المضادة للدروع التي استخدمتها فصائل من الجيش السوري الحر وأعاقت زحف قوات النظام وحدّت من قدرة تحرك مدرعات قواته في منطقة المعارك التي تُعتبر بيئة مناسبة لاستخدام صواريخ تاو و كونكورس بسبب طبيعتها وما تحويه من سهول ومرتفعات. كما ظهر في مقاطع الفيديو التي بثتها مختلف الفصائل المقاتلة هناك على الإنترنت منصات لإطلاق صواريخ الغراد وعربات مدرعة استخدمتها الفصائل لصدّ هجوم قوات النظام إضافة إلى وصول تعزيزات عسكرية لشمالي حماة من فصائل في الجيش الحر كان نشاطها قد انحصر ضمن مناطق درع الفرات بريف حلب الشمالي الشرقي لكنها دفعت في الأسبوعين الأخيرين بتعزيزات عسكرية لمؤازرة الفصائل بريف حماة الشمالي. كارثة إنسانية كاملة وبينما تستمرّ حملة التصعيد الدامية لا تكاد الطائرات الحربية والمروحية تغادر سماء معظم مناطق إدلب. وتوثّق آخر الإحصائيات التي نشرها الدفاع المدني السوري مقتل أكثر من 225 مدنياً في قصف النظام وروسيا لحماة وإدلب منذ يوم 25 افريل الماضي ويضاف إليهم مئات المصابين. كذلك أعلنت الأممالمتحدة أنّها وثّقت نزوح 210 آلاف مدني في شمالي حماة خلال أول أسبوعين فقط من شهر مايو الحالي وذلك على لسان المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك الذي قال في مؤتمر صحافي في نيويورك: تم إبلاغنا بنزوح نحو 210 آلاف شخص بسبب العنف بين الأول والسادس عشر من شهر (ماي) . وأشار إلى أنّ الحصيلة ترفع العدد الإجمالي للنازحين من شمال حماة وجنوب إدلب منذ الأول من افريل إلى 240 ألفاً من الرجال والنساء والأطفال . من جهتها قالت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أورسولا مولر أمام مجلس الأمن الدولي: لقد أدت المعارك في الأسابيع الأخيرة إلى مقتل 160 مدنياً ونزوح 270 ألف شخص على الأقل . ولفتت إلى استهداف 22 مستشفى ومركزاً صحياً و25 مدرسة في إدلب موضحةً أنّ بعضها استهدف أكثر من مرة خلال الأسابيع الأخيرة ناهيك عن استهداف الأسواق. وكان تقرير لفريق منسقو استجابة سورية قد قال في وقت سابق هذا الشهر إنّ الطيران الروسي قصف بشكل ممنهج عشرات المدراس والمستشفيات في حماة وإدلب وحرم عشرات آلاف المدنيين من العلاج متحدثاً عن أنّ 44 مدرسة ومنشأة تعليمية تعرضت للقصف من قبل قوات النظام وروسيا في إدلب وريفها منذ تاريخ 5 جانفي الماضي وحتى 7 ماي