بقلم: الدكتورة سميرة بيطام* لا شك أن العالم أجمع دخل عصرا جديدا وليس مرحلة لماذا عصر؟ لأن الكورونا بدأت بتغيير موازينه من الجذور على كل الأصعدة سياسيا اجتماعيا اقتصاديا وحتى فكريا أما دينيا فكل دولة وبما تؤمن به من شريعة فهي تتعامل مع الكورونا بما تصل اليه من قناعة ولو أن بعض الساسة الأجانب أقروا أن حلول الأرض انتهت بقيت حلول السماء وهو الاعتقاد طواعية أن الله هو الحل الأخير من هذه المشكلة مشكلة بالنسبة لهم أما نحن فهو بلاء أو ابتلاء وعلينا نحن كمسلمين أن نتعامل معه وفق ايماننا الراسخ أنها شدة وزوال ومحنة ورائها منحة ولكن لكي يتحقق فينا معنى محنة ورائها منحة علينا أن نقدم ما يجب تقديمه وعلينا الأخذ بالأسباب وهي أولا وقبل كل كلام هي العودة الى الله كما ذكرت سابقا في احدى مقالاتي فنحن لا نعرف تحيدا ما هو سبب هذا البلاء أو الابتلاء وفي معجم اللغة اختلاف واضح بين العقوبة والاختبار علينا أن نعترف أن الفساد استشرى قبل الكورونا لسنوات عديدة وعلينا أن نعترف أننا كنا بعيدين عن الله فكثرت البيروقراطية في اداراتنا وكثرت النميمة والكذب الظلم والاستخفاف بالعلماء والشرفاء كلها أسباب تجعلنا نقف وقفة محاسب لنفسه أمام الله لا أقول هذا الكلام لأن الكورونا أجبرتني على قوله وانما قناعتي أن الفساد يظهر في البر وفي البحر بما تكسب أيدي الناس وهذا بنص قرآني ثم اختلال الموازين كان واضحا في بلدنا ففئة تُهمش وفئة يُصفق لها فئة تأخذ أجرا رفيعا وبلا تعب أو مجازفة وفئة تأخذ أجرا قليلا مع الكثير من تحمل المخاطر لماذا؟ ربما لأن فيه أناس من فئة التواضع تدرك أن الأجر الحقيقي هو أجر الله وهو الثواب وليس المادة ولذلك فهي تكمل مسيرتها النضالية بالصبر وحُسن التوكل على الله ولكن الحق يبقى حقا وعلى مسؤولينا تعديل القوانين وتطبيقها العادل على كافة الجزائريين بدون استثناء بما يحقق الحق والعقوبة لمن يستحق ومن هذه الفئة الأطباء والممرضون لن أتكلم عنهم بدافع الدفاع عنهم أو الميل لصفهم وانما سأتكلم بالمنطق وأحداث الواقع وأسأل الله أن يوفقني في تحليلي. في عصر الكورونا نلاحظ أن أغلبية الشعب الجزائري ماكث في البيت ومن يخرج للخطر هم الأطباء ولممرضون وعوان الحماية المدنية وأفراد الجيش ولأمن حفظهم الله جميعا فهم اخوتنا وعلينا أن نوفي كل واحد حقه حينما نسترسل في الكلام وكوني لي تجربة في العمل في قطاع الصحة يمكنني القول أن الأطباء والممرضين جنود مجندة وقت الشدة ووقت الخطر فهم ينزلون لتأدية مهامهم لأن العلم الذي درسوه يُعرفهم بدرجة خطورة الوضع أو سهولته أكثر منا نحن من لم يدرس الطب والتمريض ولكننا في احتكاك معهم ونتصور حجم السهر والمثابرة من أجل حمايتنا وتقديم الخدمة اللازمة لنا. وفي ظروف أقل ما يُقال عنها في زمن التقشف حيث لا إمكانيات معتبرة تُحفز على الآداء ويمكن للكورونا أن يعطي إشارة أخرى لعدم وجود الأجهزة والإكسسوارات الطبية اللازمة للتصدي لهذا الخطر لكن لا بأس فحتى الولاياتالمتحدةالأمريكية وباعتراف من رئيسها صرح أنه لا توجد لأمريكا العدد الكافي من الكمامات فدولة قوية لا تحتوي على العدد الكافي يجعلنا لا نستصغر حجمنا أمامها بل يدفعنا للتفكير في الحلول لتوفير الكميات اللازمة عندنا وحتى لو كانت سياسة منهم يريدون تطبيقها لدينا عقول نفكر بها لوضع بروتوكول وطني يخصنا وكما يُقال رب ضارة نافعة فربما الكورونا سيدفع بالمسؤولين لأن يُفكروا جديا في خياطة الكمامات أو تصنيعها في مصانعها ستقولون أنه ليس لدينا الإمكانيات فيه إمكانيات من الايمان تكفينا لسد حاجاتنا من القناعة فليس الكم هو الأهم بل المبادرة والرغبة في التغيير نحو الأفضل هو المهم في الوقت الذي ضاعت فيه الدول عن كيفية احتواءها للكورونا فمن المفروض نبادر كلنا جميعا في صنع قرارنا لوحدنا ودون تبيعتنا لأحد ألم نبدأ في انشاء الجمهورية الجديدة؟ ألسنا نفكر الآن في قطيعة مع فرنسا الأم؟ فرنسا اليوم غارقة مع الكورونا ولم تجد من ينقذها فلنكمل المشوار في هذه المحنة ولنشجع أطباءنا وممرضينا ونمنحهم حقهم من التحفيز بتوفير اللازم لهم ليعملوا في هدوء وبتشجيعنا لهم سيشعرون أنهم ليسوا بعيدين عنا بدعائنا لهم ولا عن وقوفنا بجنبهم فهم أخوتنا وهو جزائريون يستحقون كل التشريف وكل التقدير وكل الاحترام يجب أن نتعلم كيفية إدارة الأزمات بكثير من التفاؤل بعيدا عن لغة التيئيس والتشاؤم علينا بالتفاؤل لأنها أزمة وتمر وستمر بحسب تفاعلنا معها إيجابا وليس سلبا. أنتظر دائما من إطارات وزارة الصحة أن تلتف حول الأطباء والممرضين في هذا الظرف لفتح قنوات التواصل معهم فيما ينقصهم من ضروريات وعلى المسؤولين أيضا أن لا ينعزلوا بعيدا عن سماع ما يحتاجون اليه لأنهم في خدمة نبيلة أكثر بكثير من خدمة الحرب بالسلاح لأن الخطر في هذا العصر غير مرئي وليس معروف المصدر والسبب تحديدا ثم يُفترض الفطام مع من كنا نرضع من دوائهم ونأكل أكلهم ونلبس لباسهم وعلينا الآن وليس غدا أن نتعلم حياكة مآزر أطباءنا في مصانع الجزائر وأن نفتح مخابر للتحاليل البيولوجية وتحمل أسماء شهداء الثورة الباسلة وليس أسماء من كنا نرضع من عندهم بالأمس علينا أن نعرف قدرنا ونعرف قدراتنا ولا نظل منعزلين ومنغلقين على أنفسنا والخطر يداهمنا الآن وليس غدا علينا تشجيع طاقات باحثينا وعلمائنا وكفاءاتنا والآن وليس غدا علينا إعادة إدارة المنظومة الصحية على النحو الي يحفظ ماء الوجه بعيدا عن سخرية العالم منا أننا لا زلنا لا نصنع حقنة أو كمامة أو مئزر الآن وليس غدا علينا أن نعرف قدر أطباءنا وممرضينا ونعطيهم حقهم الذي يستحقونه ولو ظهرت مستقبلا أزمات أخرى مختلفة كان تكون فلاحية مثلا علينا أن نشكر فلاحينا وان ظهرت أزمة في البحار أو المحيطات علينا أن نشكر صيادينا وملاحينا ونصنع لهم الصنارة ولا نستوردها ونصنع المنجل والمحراث ولا نستوره الآن وليس غدا علينا أن نتوعى بخلق الإسلام الحقيقي وأن نحافظ على قيمنا ولا ننحرف عن الطريق حتى لا يبتلينا الله بما هو أشد لتبقى الكورونا وغيرها دروس واختبارات يجب علينا أن نفهم العبرة والحكمة منها وليس أن نبقى في البيت بغير فاعلية يجب أن نتقيد بالنصائح ونتبع الارشادات ولكن بكثير من الفاعلية في أن نعيد تفعيل أخلاقنا للتصدي لأي خطر أو عدو سواء كان مرئيا او غير مرئي. الآن وليس غدا يجب محاسبة من تسبب في فشل المنظومة الصحية ولسنوات..أزيحوا كل قزم لا يتقن فن الوطنية أملنا في الله كبير أن الصحة بالجزائر سترتقي وسترتقي بإذن الله لأننا مؤمنون أن أصحاب الهمة في وقت الأزمة موجودون الآن وليس غدا كل من لا يفقه في الطب أو التمريض أو التسيير في قطاع الصحة فليراجع خبرته والا فلا يدعي المعرفة او يدعي أنه اكتشف دواء وهو لا يعرف أصلا فنيات تصنيعه وضوابطه. الآن وليس غدا فكوا القيود عن صيدال وكل المؤسسات الصحية ليبدأ مشوار النهضة في القطاع..الآن وليس غدا أتركونا نرى جمهورية جديدة بمعنى الكلمة متقدمة ومتطورة. الآن وليس غدا تفاءلوا خيرا تجدوه بل الآن نتفاءل أكثر لأن الكورونا مجرد اختبار وسننجح على تخطيه بإذن الله تعالى لأن الكورونا عالمية وكل دولة عليها تخطيه وبأقل الخسائر. الآن وليس غدا لنتكلم لغتنا العربية الأصيلة ولنتكلم الإنجليزية كلغة ثانية ولنبتعد عن كل ما يمت بصلة باستعمار الأمس. حفظ الله الجميع دون استثناء ووفقنا الله في أن نكون فاعلين بالدعاء وبالمآزرة وبالتضامن وبتحسين سلوكنا للأفضل بما يرضي ربنا وبما سيؤهلنا لأن نكون حماة الوطن حقيقة وفي كل الظروف وعلينا البدء في صنع خبزنا من دقيقنا وصنع دوائنا في مختبرنا وخياطة الكمامة في مصنعنا..هذا هو المطلوب الآن وليس غدا.. نعم الآن وليس غدا.