رغم الحملات التحسيسية الكثيرة، ورغم الدعوات المتكررة للجمعيات، والمستشفيات، وحتى الأفراد المرضى بفقر الدم، إلاّ أن ثقافة التبرع بالدم تبقى ناقصة، ويبقى التفكير في تلك الفئة من المواطنين، منحصرا في الأيام الوطنية، والمغاربية، والعالمية، رغم أنّ معاناتهم لا تنحصر على تلك الأيام، بل تدوم طيلة أيام السنة، ولعلّ بعض المرضى لم يجدوا من حلّ إلاّ وضع بعض الدعوات للتبرع على مواقع التواصل الاجتماعي، لعلّ الأصدقاء الافتراضيين يكونون أكثر وعيا من غيرهم· مصطفى مهدي في اليوم العالمي للتبرع بالدم، لا يزال المرضى يعانون من الإهمال، ولا يزالون يحتاجون أكثر فأكثر لبعض القطرات من الدم، ورغم النداءات المتكررة، إلاّ أن الوضع لا يتحسن، وتبقى ثقافة التبرع بالدم غائبة عن أذهان المواطنين، ولعلّ هذا الأمر الذي دفع ببعض المرضى إلى الأنترنيت، وبعض مواقع التواصل الاجتماعي لكي يمرروا نداءاتهم عبرها، علّها تجد قلوبا رحيمة تطلع عليها، فتهب للتبرع بهذا السائل الحيوي، وعند فتحنا لصفحتنا أمس فوجئنا بنداء وضعه أحد المواطنين: "رجل في مستشفى بني مسوس، تعرض لحادث مرور، يحتاج إلى دم من فصيلة ب إيجابي، لمن يريد التبرع ها هو رقم الهاتف"···" هذا النداء الذي علّق عليه الكثير"ربي يجيبلو الشفاء" و"ربي يسترو" وغيرها من الكلمات الجميلة، ولكن التي تبقى تحتاج إلى الفعل، وإلى المبادرة في إنقاذ، أو محاولة إنقاذ هؤلاء المرضى طريحي الفراش الذين يحتاجون أكثر شيء إلى الدم· آخرون من مرضى فقر الدم صاروا يوجهون نداءاتهم عبر الفايس بوك، يقول لنا سمير، 15 مريض بفقر الدم: "الناس لا تأتي إلى المستشفيات للتبرع، وهو شيء مؤسف حقا، خاصّة وأنّ ذلك لا يتمّ إلاّ مرتين في السنة"· سمير الذي افتتح صفحة فيها الكثير من أصدقائه بعضهم مرضى مثله، وآخرون لا، وراح ويوّجه نداءات قال إنها لقت صدى: "صحيح أن البعض لا ينتبه إلى تلك النداءات، ولا يقرؤها حتى، وإن فعل فلا يتأثر، ولا شيء، ولكن آخرين، بالعكس من ذلك تماما، يتأثرون، ويسارعون إلى الاتصال بالشخص المعني، سواء كان مريضا بفقر الدم مثلي، أو تعرض لحادث ما جعله يفقد الدم، ويكون في حالة خطيرة، وكثيرون هم الذين استفادوا من الدم، عبر "تسوّله" من الأنترنيت"· سلمى هي الأخرى مريضة، ولا تفعل طيلة النهار إلاّ الجلوس في بيتها إلى شاشة الكمبيوتر، وعن طريق الصدفة كانت تتحدث إلى صديقة لها افتراضية، فأخبرتها عن مرضها، فتطوّعت تلك الصديقة لمدها بقليل من الدم، وهو الأمر الذي جعل سلمى تفكر في أنه يمكن أن يساعدها مستقبلا، تقول: "لم أكن أعلم أنّ هناك أشخاصا يملكون قلوبا رحيمة مثل تلك الفتاة الافتراضية، والتي تبرعت لي بالدم، بل أكثر من ذلك، قال إنّه في البلدان المتطورة، وحتى من جيراننا العرب يفتحون صفحات خاصّة على الأنترنيت ومواقع إلكترونية للتبرع بالدم، وأنّ ذلك يساعد كثيرا المرضى، وفعلا جعلت صفحتي خاصة بالمرضى، وانضم إليها أصدقاء لي بحاجة إلى الدم، ولقد شفي أحدنا بعد التبرعات التي قام بها المواطنين والأصدقاء الافتراضيين، وهناك وعود، وآخرون ينوون التبرع، ولكنّ يبقى مشكل البعد حاجزا بيننا، ولكنهم يفعلون في أقرب مستشفى، فحتى لو لم نكن مستفيدين من ذلك الدم، فعلى الأقل يستفيد غيرنا، فالأهمّ عندنا أن نرسخ هذه الثقافة بين المواطنين، وربما ابتلانا الله بهذا المرض لكي نساهم في توعية المواطنين، والمجتمع"·