* الغرب سكت على القذافي لعقود وها هو يبكي على الليبيين اعتبر الروائي الجزائري العالمي محمد مولسهول، المعروف أدبيا باسم ياسمينة خضرة، أن المشروع الغربي في ليبيا (لا يتماشى مع مبدأ التحرّر الفعلي لأن تدخّل النّاتو غير مقبول)، مضيفا أن (مبرّر حتمية تنحية القذافي بدعوة حماية شعبه غير مقنع أيضا والغرب الذي يبكي على الشعب الليبي اليوم هو نفسه الذي سكت على القذافي لعقود)· وصرّح خضرة في حوار أجرته معه صحيفة (الشرق الأوسط) نشرته يوم الأحد الماضي في عدد طبعتها الصادرة بالقاهرة في ردّه على سؤال حول رأيه كمثقّف بأنه تحدّث كثيرا عن الانتفاضات العربية وليس الثورات كما قال وعن الغرب الذي يعطي دروسا في الديمقراطية، وأنه يفرّق بين غرب الشعوب (الرائع) وغرب التمذهب (الإيديولوجي)، مؤكّدا أن هذا الأخير (سياسي) ولا يعمل خارج روح المناورات والدسائس والمؤامرات والسعي المرضي نحو المصالح في ظلّ توجّه قائم على النّفاق والكذب والمكيافيلية· وقال مولسهول: (هذا الغرب ما زال يعمل على محاربة السلام الذي أسماه البطالة التقنية مقابل الحرب التي تضمن تموينه للشعوب المستضعفة التي يعتقد أنها غير جديرة بحياة سياسية مدنية وحضارية· وكتحصيل حاصل يمكن الاستنتاج أن الانتفاضات العربية تحدث خللا في مشاريع الغرب في المنطقة وتعطّل رؤاه، لكنه قادر بذكائه على إيجاد بدائل للأمر الواقع الذي يواجهه)· وعن سؤال حول روايته الأخيرة (نظرة المشرّدين) هل تعدّ استراحة محارب مقارنة بالرّوايات السابقة التي أكسبته شهرة كبيرة بسبب تناوله قضايا العنف في روايات الاغتيال وكابل وصفارات بغداد و(دين الليل على النهار) التي عاد فيها إلى الفترة الاستعمارية الفرنسية على طريقته الخاصّة، قال الرّوائي الجزائري إنه كان دائما متأثّرا بالمشرّدين وسبق له أن تناولهم في رواية (الجهة الأخرى للمدينة) عام 1988 وعودته إلى هذا الموضوع تدلّ على (استمرار تعاطفه) مع هذه الفئة (المغبونة) التي تعدّ كما أوضح (مرجعية أساسية في مسار ذاكرته الأدبية في آن واحد)· وبخصوص ربط موضوع الرواية (نظرة المشرّدين) بذاكرة ياسمينة خضرة الشخصية التي تعود إلى طفولته العسكرية بانتمائه إلى مدرسة أشبال الثورة في سنّ التاسعة قال: (إن اليتيم المشرّد الذي جعلت منه بطلا في روايتي الأخيرة جزء من ذاكرتي الشخصية المرادفة ليتامى الثورة الذين كانوا شهود عيان على اغتيال آبائهم وحرق قراهم وتشريد واختفاء أقربائهم) وأضاف: (بهذا المعنى أستطيع القول إنني عشت بترا روحيا مكّنني من أن أتحوّل إلى ولي أمر كلّ يتامى العالم الذين حرموا من طفولة عادية)· وعن موضوع روايته القادمة (المعادلة الإفريقية) التي ستصدر قريبا أشار ياسمينة خضرة إلى أنه خلافا لرواياته السابقة فإنه في هذه الرواية يتقمّص لأوّل مرّة شخصية أوروبي يسعى نحو الآخر الإفريقي بغرض التعرّف على حقيقته بعيدا عن الأفكار المسبقة النّاتجة عن الجهل، وقالّ (فعلت ذلك بعدما سعيت في روايات سابقة إلى دعوة المسلمين والعرب للقيام بالشيء نفسه ضمن منظور بيداغوجي من شأنه تقريب الثقافات والحضارات من بعضها البعض من أجل عالم متنوّع وتعدّدي وغير نمطي)، وأوضح أن روايته لا تقصد رجال السياسة الذين (لا يشكّلون هما في حياتي خلافا للنّاس البسطاء القريبين منّي بحكم مشاركتهم الهواجس والانشغالات الإنسانية التي جسّدتها في كلّ أعمالي الروائية)، وأضاف أن هؤلاء يجدون أنفسهم في مقاربته الفكرية والأخلاقية والأدبية و(سيحبّون روايتي الجديدة التي دعوت فيها البطل الألماني إلى اكتشاف الفلسفة الإفريقية وقدرتها على إغناء الإنسانية، الأمر الذي يسهم في وضع حدّ لصدام الذهنيات وليس الحضارات كما يقول صمويل هنتغتون)·