ممثلا لرئيس الجمهورية, بوغالي يحل بكركاس للمشاركة في تنصيب الرئيس الفنزويلي المنتخب    إحياء رأس السنة الأمازيغية الجديدة 2975 : انطلاق برنامج الاحتفالات الوطنية الرسمية بولاية تيميمون    وزير الشؤون الدينية في زيارة الى السعودية لحضور مؤتمر ومعرض الحج    كارثة كُبرى تُهدّد مشافي غزّة    إيران ترفض تصريحات ماكرون    استعدادات مكثفة لإحياء يناير    نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني يتحادث مع رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الدوما الروسي    نحو إطلاق خدمة تأمين الاستثمارات الوطنية بالخارج    السيد شايب يستقبل من قبل رئيس جمهورية سيراليون    وزير الاتصال يؤكد العزم على كسب رهان التحول الرقمي في مجال الاعلام    عرقاب في زيارة عمل وتفقد لمشروع محطة تحلية مياه البحر "فوكة 2" بتيبازة    بوتسوانا تجدد دعمها الثابت لنضال الشعب الصحراوي من أجل تقرير المصير و الاستقلال    المغرب: غلاء المعيشة يثقل كاهل المواطن والحكومة منشغلة بمصالحها    المدرسة العليا للدفاع الجوي عن الإقليم تحتضن فعاليات اليوم الوطني للعدو العسكري    قسنطينة: يوم إعلامي حول أحكام قانون المالية لسنة 2025    منظمات وطنية للأسرة الثورية تعرب عن استنكارها للتحرشات العدائية الفرنسية التي تستهدف الجزائر    بلمهدي يشرف على تنصيب المدير العام الجديد للديوان الوطني للحج والعمرة    حوادث المرور: وفاة 3 أشخاص وإصابة 215 آخرين خلال ال24 ساعة الأخيرة    ندوة بالجزائر العاصمة بمناسبة الذكرى ال60 لتأسيس المسرح الوطني الجزائري    الجزائر لا تقبل الابتزاز والوصاية    الأمن الوطني يوظّف    جيلي تقدّم عرضا شاملا    بلوزداد يتجاوز الزاوية    عدم تسجيل أيّ حالة في الجزائر    المستفيدون من منحة أو معاش التقاعد المولودين في شهر جانفي مدعوون لتجديد وثائقهم الثبوتية    مستغانم : تسجل 41 حادث مرور و1378 مخالفة    تجديد عضوية الجزائر في لجنة بناء السلام    الاتحاد العام للعمال الجزائريين يندد بتصريحات إيمانويل ماكرون    دراسة مشاريع مراسيم تنفيذية للقانون المتعلق بتبييض الأموال    خنشلة : أمن دائرة ششار يسترجع شاحنتين محل سرقة    النظام الجديد الخاص بشراء وبيع الأوراق المالية    كرة القدم - هواة (اتحاد الحراش): تنصيب سفيان طواهرية رئيسا جديدا لإدارة النادي الهاوي    الدفع الإلكتروني.. قاعدة لحركة الأموال في السوق الجزائرية    قمة مثيرة بين "الكناري" واتحاد الحراش    "العميد" في مهمة حسم التأهل    مجلس النواب الليبي يقر بالأغلبية قانون المصالحة الوطنية    نرفض أي محاولة لتقسيم سوريا أو ضم جزء من أراضيها    تطوير صناعة الأسمدة والمواد الكيميائية لدعم الأمن الغذائي    نمو اقتصادي ب4.2 % وصادرات ب12 مليار دولار    مكتب مجلس الأمة:تصريح ماكرون "جرم سياسي وعمل عدائي"    المدرب إيريك شايل يغادر نحو منتخب نيجيريا    الزي النسوي الاحتفالي للشرق الجزائري الكبير ..دار الثقافة "مبارك الميلي" تبرز الإبداع الجزائري عبر الأزياء التقليدية النسوية    توقيف 5 تجار مهلوسات    20 لوحة لطبرحة تعكس "الزيبان بالألوان"    جينات أوماسيب تترجّل    الدولة تبنّت دعم الأمن الهوياتي    الجودو/ البطولة الوطنية فردي أكابر 2025 : القاعة البيضاوية تحتضن الموعد من 16 إلى 18 يناير    إحباط ترويج 10605 قرص مهلوس    تذبذب في النقل المدرسي بتاوغزوت    هذا برنامج الدور ال16 من كأس الجزائر    هذه مهام الممارسين الطبيين المفتشين والسلك الطبّي    الجزائر تضمن التربية والتعليم لفائدة كل الأطفال الجزائريين    صحة عمومية : صدور القوانين الأساسية للممارسين الطبيين المفتشين والسلك الطبي وشبه الطبي    وعي الشعب السوري قادر على حماية هويته الحضارية    الأوزاعي.. فقيه أهل الشام    الماء… ذلك الذهب السائل بين الحب والحرب    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عين على الاتفاقيات السرية ال11: الدول الإفريقية ووصاية فرنسا الاستعمارية
نشر في أخبار اليوم يوم 13 - 12 - 2020


عين على الاتفاقيات السرية ال11:
الدول الإفريقية ووصاية فرنسا الاستعمارية
متابعة وترجمة: ع. بلقاسم مسعودي
مقدمة: ما يخفى عن الكثير وحسب آخر الاحصائات فإن فرنسا تأخذ سنويا من الدول الإفريقية ما يقارب 500 مليار دولار من خلال الوصاية غير المعلنة وهذا ما يوضح سر تحكم فرنسا في بعض الدول الإفريقية الفرنكوفونية منها رغم أنها ظاهريا هي مستقلة عنها منذ عقود.
وكأحد المتتبعين للأحداث في العالم بصفة عامة وفي أوروبا بشكل خاص اتضح لي أن فرنسا مازالت تتحكم بمستعمراتها الفرنكوفونية القديمة ومن بين المؤشرات والبراهين التي تؤكد ذلك هو وصول الأمر باستدعاء الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون لبعض رؤساء الدول الإفريقية للاجتماع به في قصر الاليزيه حيث سيجتمع بهم في السداسي الأول من سنة 2021.
وفي البحث عن خلفيات هذه الوصاية الخفية التي مازالت حتى اليوم تبين لي أن الأمر يتعلق باتفاقيات سرية بين فرنسا والدول التى كانت تخضع لها في عهد الاستعمار ووجدت أن القليل من المهتمين بالتاريخ يعلمون أن الإدارة الفرنسية قد أمضت اتفاقيات سرية مع مستعمراتها القديمة في إفريقيا وشملت تلك الاتفاقيات العديد من المجالات منها: العسكرية والسياسية وخاصة الاقتصادية.
وهذا ما يفسر هيمنة فرنسا إلى حد الآن على الشأن والقرار السياسي لتلك الدول وهو ما يفسر كذلك سبب تدخل فرنسا في مالي والنيجر ودول الساحل بصفة عامة حيث كان آخرها الاجتماع الذي دعا إليه الرئيس ايمانويل ماكرون وجمعه مع 05 من الرؤساء الأفارقة في نواقشط عاصمة موريتانيا بتاريخ: 26/06/2020.
ويتضح كذلك لماذا تحاول فرنسا التدخل في شؤون الجزائر المستقلة ذات السيادة وهي التي وقعت اتفاقيات ايفيان ومثلها في ذلك ثلة من أسود الجزائر الوطنيين رحمة الله عليهم وتبعتها القرار التاريخي الذي اتخذه الزعيم الراحل الرئيس هواري بومدين رحمة الله عليه وجزاه الله خير عنا وعن الجزائر عندما أعلن عن تأميم المحروقات هذا ما يوضح ولا يدع مجال للشك أن الجزائر نالت استقلالها بالكامل ولا يمكن لأحد أن يتدخل في قراراتها وسيادتها.
ماذا تقول الاتفاقيات؟
وتتمثل بنود هذه الاتفاقيات السرية بين فرنسا وإفريقيا فيمايلي:
1/ سداد الدين من الاستعمار بالنسبة للدول المستقلة حديثًا:
يجب أن يتم تسديد تكلفة البنى التحتية التي بنتها فرنسا أثناء الاستعمار.
2/ المصادرة التلقائية الاحتياطات المالية الوطنية:
يجب على الدول الإفريقية إيداع الاحتياطات المالية فيبنك فرنسا.
و يحتفظ باحتياطات ماليةأربعة عشر دولة إفريقية منذ عام 1961: والدول هي كالتالي:
البينن بوركينا فاسو غينيا بيساو كوت ديفوار مالي النيجر السنغال توغو الكاميرون جمهورية إفريقيا الوسطى تشاد الكونغو - برازافيل غينيا الاستوائية وغابون.
وهكذا وبحكم هذه السياسة يبقى النقد غير متزامن وغير مكتمل لأن الحكومة الفرنسية تسيطر عليه مباشرة ولا علاقة له مع السلطات المالية في البلدان.CEMAC أو ECOWASمثل
وبالتالي وبسبب الظروف التي تربط البنوك في المناطق الاقتصادية والمالية فهي ملزمة بالاحتفاظ ب65 بالمائة من احتياطاتها وتغيير في حساب المعاملات التي تحتفظ بها الخزانة الفرنسية وكذلك 20 بالمائة إضافية لتغطية المخاطر المالية .
كما أن احتمالات الانسحاب من الخزانة الفرنسية يجب أن يكون موضوع اتفاق الخزانة الفرنسية. وبالتالي يعود القرار النهائي إلى الخزانة الفرنسية التي هي نفسها تستثمر احتياطي البلدان الإفريقية في بورصة باريس.
إضافة إلى ذلك فإن بنوك منطقة العملة الإفريقية السي أف أ تفرض نسبة 20 بالمائة من المداخيل السنوية للدولة على كل بلد عضو وأن أي سحب للأموال يجب أن يحظى بموافقة إدارة الخزانة الفرنسية.
وبعبارة أخرى فإن 80 بالمائة من الاحتياطي يتم إيداعه من طرف المؤسسات المالية الإفريقيةعلى حساب المعاملات التي تسيطر عليها الإدارة الفرنسية.
إن البنكين الاثنين في المنطقة هما إفريقيان بالاسم فقط ولكن لا يقرران ولا توجد سياسات نقدية من قبلهما. والأسوأ من ذلك أن البلدان نفسها لا تعرف حتى ما هو نصيبها من الاحتياطات المالية التي تخصهم في مجموعات أو بشكل فردي لهذا البلد ولكن مملوكة من قبل إدارة الخزانة الفرنسية ومكاسب الاستثمارات هذه الأموال في الخزانة الفرنسية يفترض أن يضاف إلى الوعاء الإفريقي ولكن لا يوجد حساب يعطى للبنوك أو حتى للدول الأعضاء. فقط مجموعة يقتصر عددها على ستة مديري الخزانة يعرفون المبالغ لحساب التشغيل ومكان استثمار المبالغ.
ليس لدى البنوك المركزية الإفريقية الحق في الوصول إلى هذه المعلومات حسب تصريح: د. جاري ك. بوش.
هناك تقديرات تشير إلى وجود مبلغ 500 مليار دولار من التسجيلات النقدية الإفريقية في الخزانة الفرنسية. إذا هي على استعداد للقيام بأي شيء لمحاربة أي شخص يسعى للقيام بتسليط الضوء على الجانب المظلم لهذه الإمبراطورية من البلدان الإفريقية والتي ليس لديها الامكانية للوصول إلى هذا المال.
كما أن فرنسا تسمح لهم بالحصول إلا على 15 بالمائة فقط من المال لكلا البنكين في كل سنة. وإذا كانوا بحاجة إلى أكثر فما عليهم إلا اقتراض أموالا إضافية من تلقاء نفسها وبنسبة 65 بالمائة من الخزانة الفرنسية بأسعار فائدة تجارية.
بالإضافة إلى ذلك تفرض فرنسا سقفًاعلى كمية الأموال التي يمكن لتلك البلدان الاقتراض من احتياطاتهم. كما تم تعيين الحد الأقصى بنسبة 20 بالمائة من الإيرادات الحكومية للسنة السابقة إذا احتاجت البلدان لاقتراض أكثر من 20 بالمائة من أموالهم وأن فرنسا لديها الحق في حق النقض وحق الرفض الأول على أي الموارد الخام أو الطبيعية.
3/ الاكتشاف في الدولة:
تتمتع فرنسا بالحق الأول في شراء الموارد الطبيعية للأرض من المستعمرات السابقة ويمكنها البيع لدول أخرى إلا بعد أن تقول فرنسا: لست مهتمة كما أن البلدان الإفريقية يسمح لها للبحث عن دول أخرى أو شركاء.
مع الأخذ بعين الاعتبار أولوية المصالح مع الشركات الفرنسية والعقود والمعاملات العامة.
4/ العروض العامة والصفقات:
تكون الأولوية في منح العقود العامة والإسناد للشركات الفرنسية حتى لو تقدمت البلدان الإفريقية بأحسن العروض وبالتالي في معظم الحالات المستعمرات الفرنسية السابقة الرافعات الاقتصادية للبلدان في أيدي المغتربين الفرنسيين.
في ساحل العاج على سبيل المثال الشركات الفرنسية تمتلك وتسيطر على جميع الخدمات الرئيسية العامة منها: الماء والكهرباء والهاتف والنقل والموانئ الكبيرة والبنوك ونفس الشيء بالنسب للتجارة والبناء والزراعة.
إلى جانب الحق الحصري في تقديم المعدات العسكرية وتدريب ضباط الجيش.
5/ المستعمرات:
بفضل نظام متطوريعتمد على المنح والاعانات و اتفاقيات الدفاع الملحقة بالميثاق الاستعماري يجب على الأفارقة إرسال كبار ضباطهم إلى التدريب في فرنسا.
إن الوضع في القارة هو مثل ما شكلته فرنسا من مئات بل الآلاف من الخونة وهو كخلايا نائمة سيتم تفعيلها عند الحاجة في انقلاب أو أي غرض آخر.
6/ حق فرنسا في نشر القوات والتدخل عسكريا في الدولة للدفاع عن مصالحها:
بحكم ما يسمى باتفاقيات الدفاع المرفقة وثيقة الميثاق الاستعمارية فإن فرنسا لها الحق في التدخل عسكريا في البلدان الإفريقية وأيضا نشر القوات على الدوام في القواعد والمنشآت العسكرية بالكامل حيث تدار من قبل الفرنسيين.
فعندما قام لوران جباجبو رئيس كوت ديفوار بوضع حد للاستغلال الفرنسي في بلاده نظمت فرنسا انقلابا من خلال العملية الطويلة للإطاحة بالرئيس غباغبو حيث استعملت طائرات الهليكوبتر القتالية وتدخلت القوات الخاصة مباشرة في الصراع وأطلقت الرصاص على المدنيين. لقد شعرت فرنسا أن رجال الأعمال الفرنسيون خسروا عدة أصول بملايين الدولارات عند المغادرة بسرعة من أبيدجان العاصمة في عام 2006.
لكن الجيش الفرنسي ذبح ما يقارب من 65 من المدنيين العزل وجرح 1200 آخرين.
بعد ذلك نجحت فرنسا في الانقلاب وانتهى بها الأمر بنقل السلطة ل الحسان واتارا حينها طلبت فرنسا من حكومة واتارا دفع تعويضات للجالية الفرنسية لتسديدالخسائر خلال الحرب الأهلية.
وقد دفعت لهم حكومة واتارا ضعف ثمن ما كان لديهم من طلب.
7/ إجبارية جعل الفرنسية اللغة الرسمية للبلاد لغة التعليم:
يجب أن تتكلموا الفرنسية لغة موليير! حسب المنظمة اللغوية للثقافة الفرنسية ونشرها في إطار ما يسمى ب الفرانكوفونية والتي لديها العديد من المنظمات من الأقمار الصناعية هذه المنظمات تتبع ويسيطر عليها وزير الشؤون الخارجية الفرنسية.
8/ الالتزام باستخدام فرنك الاتحاد المالي الإفريقي(فرنك المستعمرات الفرنسية في إفريقيا):
هذه هي البقرة النقدية الحقيقية لفرنسا هذا النظام حتى وأنه تم شجبه من طرف الاتحاد الاروبي لكن فرنسا غير جاهزة لإسقاط هذا النظام الاقتصادي الذي يعود تاريخه إلى الاستعمار الذي يحتوي حوالي 500 مليار دولار من إفريقيا في خزانتها.
وعند إدخال العملة اليورو في أوروبا وبلدان آخرى اكتشف الأوروبيون نظام
الاستغلال الفرنسي وخاصة بلدان الشمال الأوروبي حيث صدموا واقترحوا على فرنسا للتخلص من هذا النظام ولكن من دون أن ينجحوا في ذلك.
9/ واجب إرسال تقرير سنوي وتقرير حالة عن الاحتياطات المالية لفرنسا:
أياً كان مدير البنك للدولة الإفريقية المستعمرة السابقة فهو ملزم على إرسال تقارير عن الوضعية المالية بما فيها الاحتياطات وعرضها أمام وزير المالية الفرنسي خلال الاجتماعات النصف سنوية ويتم تصنيفها من طرف بنك فرنسا والخزينة الفرنسية!
10/ نبذ كل التحالف العسكري مع دول أخرى بدون إذن من فرنسا:
وهنا يطرح السؤال لماذا التحالفات العسكرية في مناطق إفريقيا هي الأكثر ضعفا؟ والجواب هو أن معظم الدول لديها فقط التحالفات العسكرية مع المستعمرين السابقين! لأن فرنسا تمنعهم من ذلك.
11/ الالتزام بالتحالف مع فرنسا في حالة الحرب أوالأزمة العالمية:
يذكر أن أكثر من مليون جندي إفريقي قد خاض الحرب مع فرنسا من أجل هزيمة النازية والفاشية خلال الفترة الثانية من الحرب العالمية وأن مساهمتها غالبًا ما يتم تجاهله أو التقليل من شأنه. لكن عندما ننظر إلى أن الأمر استغرق
6 أسابيع فقط في ألمانيا لهزيمة فرنسا عام 1940. نرى أن هناك شيء يشبه المرض النفسي في العلاقة بين فرنسا مع إفريقيا.
إن رد الفعل الأول عند الناس هو إلى متى ستبقى الدول الإفريقية تدفع الضريبة
من جراء الاستعماري الفرنسي؟؟
وللمقارنة التاريخية نجد أن فرنسا جعلت هايتي تدفع ما يعادل 21 مليار دولار من 1804 إلى 1947(تقريبًا قرنا ونصف) كتعويض للخسائر الناجمة لتجار الرقيق الفرنسيين وإلغاء الرق وتحرير العبيد الهايتيين.
إن البلدان الإفريقية تدفع الضريبةالاستعمارية لمدة 50 سنة فقط
لذلك يمكن أن تستمر الوضعية لأكثر من قرن من الزمن إذا لم يفعلوا شيئا.
* عن الموقع الفرنسي: الضربات الحرة
===
بين عالم الأفكار وعالم الأشخاص وعالم الأشياء
مشكلة التوزيع المنصف للقاحات المضادة لكورونا
* جنيف: محمد مصطفى حابس
مشكلة مرتقبة تواجه العالم هذه الأيام مع بدء عملية توزيع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا وهي مشكلة التوزيع المنصف للقاح لكل دول العالم وهي المعادلة الصعبة مع اختلاف قدرات وإمكانات الدول والحكومات حول العالم حاليا هناك مخاوف حقيقية من أن تتخلف البلدان الفقيرة عن ركب الحصول على اللقاح لأن الدول الغنية تخزن جرعات من لقاح فيروس كورونا أكثر من حاجتها مثل ما خزنت وتخزن كعادتها دائما الدول العظمى الغذاء حتى يتعفن أحيانا في الحاويات والمبردات ولا تعطيه لغيرها من الدول وأحيانا حتى لشعوبها الفقيرة والمحتاجة..
ووفقا لأخبار رسمية متداولة فقد جمعت الدول الغنية مخزونا كبيرا بما يكفي من جرعات اللقاح لتحصين شعوبها ثلاث مرات تقريبا بحلول نهاية العام المقبل بانتظار أن تتم الموافقة رسميا على جميع اللقاحات من قبل حكوماتها وهيئاتها الصحية..
وتأتي هذه الإحصاءات من منظمة تحالف لقاح الشعب التي تضم منظمة أوكسفام ومنظمة العفو الدولية وتم الحصول على الإحصاءات بتحليل الصفقات التي تمت بين الدول و8 شركات رئيسية تنتج اللقاحات..
ومن بين الإحصاءات التي تم التوصل لها هو أن جميع جرعات لقاح مودرنا المرتقب تم شراؤها من قبل دول غنية كما أن 96 بالمائة من جرعات لقاح فايزر الجديد تم شراؤها من الدول الغنية أيضا..
وبالنتيجة تم تأمين 53 بالمائة من جرعات اللقاحات ل14 بالمائة من سكان العالم فقط فمثلا كندا حصلت على جرعات تكفي لتلقيح كل مواطن كندي 5 مرات وكذا سويسرا ودول اخرى بنسب متفاوتة؟؟..
إنها قسمة ضيزى إنه الجشع بعينه بل حب الدنيا وحب البقاء بأي ثمن.. نعم هذا هو نهم المادية الغربية نعم هذا هو جشع القوى العظمى فاين كرامة الإنسان أين روح التضامن بين الشعوب والامم؟
خسارة فقد طغى عالم الاشياء على عالم الافكار عن طريق عالم اشخاص لا يرحمون فينا إلاً وذمة... أين هم ونحن من أهم إبداعات المفكر الحكيم مالك بن نبي وهو ينحت للبشرية موضوع هذه العوالم الثلاثة:
عالم الأشياء وعالم الأشخاص وعالم الأفكار حيث تتدرج الإنسانية من عالم الأشياء المحسوسة بداية ومن ثم تتطور فتكون دائرة تأثيرها منوط بعالم الأشخاص ومن ثم تبلغ رشدها فتصبح الفكرة ذات قيمة في حد ذاتها.
حيث قدم المفكر بن نبي رحمه الله في كتاباته تصوراً لثلاثيته بقوله: إن الإنسان يعيش في ثلاثة عوالم: عالم الأفكار وعالم الأشخاص وعالم الأشياء ولكل حضارة عالم أفكارها وعالم أشخاصها وعالم أشيائها.
ويقصد بعالم الأفكار: مجموعة المعتقدات والمسلمات والتصورات والمبادئ والنماذج التي تحتويها عقول مجتمع ما في لحظة تاريخية ما..
أما عالم الأشخاص: فيقصد به مجموعة العلاقات والنظم والاتصالات والقوانين التي تنظم حياة الأشخاص الذين يكونون هذا المجتمع فيما بينهم. فعالم الأشخاص مرتبط بالشخص من حيث اسمُه نسبه عرقه شكله عشيرته ماله..
أما عالم الأشياء: فهو كل ما ينتجه هذا المجتمع من مبان وشوارع وزراعة وصناعة وغير ذلك من المنتجات والخدمات المحسوسة والملموسة..
والمجتمع في رحلة صعوده يتنقل بين العتبات الثلاث من عالم (الأشياء) إلى عالم (الأشخاص) ليقفز في النهاية إلى عالم (الأفكار).
والصنم (شيء) والبدائيون عبدوا الشجر والحجر والتوحيد (تجريد) والوثنية (تجسيد). والتوحيد قفزة في الوعي الإنساني...
فأين العالم من هذا الترتيب الحضاري الإنساني واين نحن اهل القبلة وحكامنا العرب ومسيري خيرات اراضينا من هذه القيم وهذه العوالم التي كان من المفروض ان نعيش منها وبها في سؤدد وسلام ونحلق سويا في اجوائها منتشين بعدالة رب الأنام..؟؟
لكن خسارة لا حياة لمن تنادي ويعجبني في هذا المقام ما كتبه عن مثل هذه العثرات والخذلان بل الخيانات استاذنا المفكر وعالم الفيزياء الدكتور نوار ثابت رئيس جامعة قسنطينة الاسبق متعه الله بالصحة والعافية..
حيث ضرب مثلا من واقعنا المعاش فقال:
دشنت تركيا في الصيف الماضي مصنعا لإنتاج الالواح الشمسية وليس مصنعا لتجميع الخلايا المستوردة كما هو شائع عندنا مصنع يشمل كل المراحل التكنولوجية لصناعة الألواح من انتاج سبيكة السيليكون فالرقاقة فالخلية فاللوحة..موضحا بقوله:
من المؤكد أن الأتراك يدركون انه لا يمكنهم منافسة الصينيين اليوم فقد عجز عن ذلك الألمان والأمريكان. لكن العجز عن منافسة المزارعين الكبار لا يجب ان يمنعك من زرع حديقتك ؟؟.. ثم ضرب أمثلة أخرى عن صناعات غيرها كالسيارات والنسيج والالكترونيات فقال:
لم تنشا صناعة السيارات والالكترونيات في كوريا أو اليابان. فقد اخترع الترانزيستور في منتصف القرن الماضي في مختبرات بل لاب الأمريكية. لكن اليابانيين هم من صمموا أول جهاز عوضت فيه الانابيب المفرغة بالترانزيستورات لأن الامريكان كانوا يحاولون حماية استثماراتهم في التكنولوجيا القديمة.
أما الكوريون فكانوا يعتمدون على صناعة النسيج حتى السبعينيات من القرن الماضي. ولم تبدأ شركة سامسونغ التي انشئت كشركة تجارية بحته سنة 1938 الاهتمام بصناعة الالكترونيات الا في بداية السبعينات وتصنيع الهواتف النقالة في التسعينات. واستطاع الكوريون التحول إلى صناعة الالكترونيات والحاسوب واحتلال المقدمة في اقل من عقدين من الزمن..
اللافت في المشروع التركي انه تم انشاء مركز للبحوث يضم مائة عالم مهمتهم توطين وتطوير التكنولوجيا وبناء القدرة التنافسية للصناعة الناشئة. فرق بين أن تشتري التكنولوجيا لتسد حاجة اليوم وان تفعل من اجل بناء قدرة تحررك من التبعية المستدامة..
وخلص للقول أن الأمم تصنع مستقبلها بيدها بالتخطيط على الأمد البعيد وتجند من اجل ذلك ما تملك من قدرات لكن حين نسمع الحديث عن انشغال بعض من تولوا أمرنا في الجزائر بتطوير استراتيجية لاستيراد اللقاح أشعر بشيء من الحزن والغضب...متسائلا مثلنا: متى يتولى عندنا الاكفاء ويذهب الزبد؟
فاللهم إن نبرأ إليك مما فعل سفهاء حكام العرب بشعوبها من تفقير وتجويع وتشريد للعباد وتبديد للخيرات وتدميرا للقدرات..إلى أبد الآبدين.
كما نبرأ إليك يا ربنا من فعله بقومنا كل النخاسين والمتاجرين والمتآمرين الذين تنكروا لدماء الشهداء واستخفوا بعذابات المعذبين ونصائح المرشدين..
ولا يسعنا إلا أن نرفع أكف الضراعة لله سبحانه في هذه الظروف الصحية الصعبة أن يرفع عنا الغلاء والوباء والبلاء ويستجيب الدعاء بجاه سيد الأنبياء..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.