"عدم الحصول على قروض أو مساعدات خارجية، تنشيط التعليم، جذب الاستثمار، تقديس العمل".. أبرز المبادئ التي قامت عليها النهضة الماليزية الحالية، والتي نصح رئيس الوزراء الماليزي السابق، مهاتير محمد، النخب المصرية التي التقاها، خلال زيارته الحالية لمصر بالاستعانة بها لتحقيق أهداف ثورة 25 يناير الخاصة بالحرية والعدالة الاجتماعية. وقال مهاتير خلال مشاركته في ختام فعاليات مؤتمر "استثمار+ تشغيل= عيش+حرية+عدالة اجتماعية" الذي نظمه اتحاد الصناعات المصرية، إن أول قرار اتخذه خلال فترة رئاسته للوزراء هو تغيير الساعة؛ كي يستيقظ أفراد الشعب في وقت مبكر، ويبدأون عملهم بفارق نصف ساعة عن الدول الأخرى، فعندما يستيقظون متأخرين يعملون ببطء شديد، وهذا ما وضعه نصب عينيه. وأضاف مهاتير خلال لقائه على أحد الفضائيات المصرية: "نحن نعمل من خمس إلى ثماني ساعات يوميًا، وكنا نعمل أيضا يوم السبت الذي كان إجازة لدينا، أما عن عملي كرئيس وزراء فكنت أعود إلى منزلي متأخرًا جدًا، وأعكف على عملي كثيرًا". وعن المشروع النهضوي لمصر قال مهاتير إن أمام مصر عدة نماذج يمكن استلهام الطريق منها كالبرازيل والهند وماليزيا، معرباً عن شعوره بالفخر لاعتبار ماليزيا أحد النماذج المطروحة أمام مصر في هذه المرحلة الحاسمة، خاصة وأنهما دولتان مسلمتان، وحجم السكان لديهما كبير. وفيما يتعلق بجذب المستثمرين الأجانب، قال مهاتير إنه يجب أن يكون أفراد الحكومة مقبولين ومتعاونين معهم، ويكون التواصل بينهم سهلا، وأن يعمل أفراد الحكومة على تزييل العقبات التي تواجههم وإيجاد وظائف للعاطلين عن العمل في الصناعة. وأشار إلى أنه تمَّ في ماليزيا في البداية الاستغناء عن العمالة الأجنبية والاكتفاء بالعمالة المحلية لخفض مستوى البطالة الذي كان مرتفعا للغاية، والذي بلغ 52 %، غير أنه مع دخول الصناعات كثيفةِ العمالة لاحقا تم الاستعانة بالعمالة الأجنبية، حيث يوجد في ماليزيا حاليا 2،5 مليون عامل أجنبي. وبالنسبة للاستدانة من الجهات الخارجية أو الحصول على مساعدات، شدد مهاتير محمد على رفضه هذا الأمر: "نحن لم نحصل على أي أموال أو مساعدات؛ لأن ذلك سوف يدخل بنا إلى دائرة مغلقة لسداد هذه الديون وما يترتب عليها من أعباء". "لا نقترض من الآخرين، ولا نحصل على معونات، ونعتمد بشكل كبير على مواردنا الداخلية، ونحن شعب موفِّر بشكل كبير، حيث لدينا احتياطي نقدي يبلغ 400 مليار رنجت ماليزي (حوالى 120 مليار دولار)". وكان مهاتير رفض خلال الأزمة الاقتصادية الشهيرة التي ضرب اقتصاديات الدول الآسيوية الناهضة المعروفة ب"النمور الآسيوية" عام 1998 عروض صندوق النقد والبنك الدوليين بتقديم قروض مقابل تنفيذ خطط اقتصادية وتنموية بشروطهما؛ وهو ما عرَّض مهاتير لانتقادات داخلية شديدة، غير أن إصراره على موقفه مكَّنه من عبور الأزمة بالاعتماد على الموارد الداخلية. وإلى جانب ترسيخ قيمة العمل في الأداء اليومي للشعب ورفض الاقتراض والمساعدات من الخارج، تحدث مهاتير عن تطوير وتنمية العنصر البشري عبر التعليم: "ماليزيا تخصص 25% من ميزانيتها السنوية للتعليم، ونحرص على توفير التعليم لجميع المواطنين". وقال مهاتير محمد إنه بينما كان الأغلب ينظر إلى أوروبا وأمريكا كنموذج للتقدم "رأينا أن اليابان تعد نموذجا أفضل، خاصة لقيمها وأخلاقيات العمل التي تتمتع بها بالقدر الذى يجعل الشخص يشعر بالعار إذا لم يتقن العمل الذى يقومون به". وحول رأيه في تأثير الاعتصامات والمظاهرات على الاقتصاد، قال: "اعتقد أن الاعتصامات والمظاهرات يجب أن تكون الملاذ الأخير، ولا نلجأ إليها إلا في آخر مرحلة، وأن يكون لدينا خياراتٌ كثيرة يمكن أن نتحرك بينها قبل الوصول إلى مرحلة الاعتصام الذي يعوق حركة الحياة، ويسبِّب الكثيرَ من المشاكل، وانتقال المظاهرات من مكان إلى آخر يعطيا صورة بأن الدولة لا تتمتع بالاستقرار الكافي لجذب الاستثمارات؛ مما يُضعف فرصتَها في الحصول على الاستثمارات المطلوبة وخلق فرص العمل التي تحتاجها". * عن موقع "أون أسلام" * إلى جانب ترسيخ قيمة العمل في الأداء اليومي للشعب ورفض الاقتراض والمساعدات من الخارج، تحدث مهاتير عن تطوير وتنمية العنصر البشري عبر التعليم: "ماليزيا تخصص 25% من ميزانيتها السنوية للتعليم، ونحرص على توفير التعليم لجميع المواطنين".