مراصد إعداد: جمال بوزيان أخبار اليوم ترصد آراء أساتذة حول نظام ل.م.د نحتاج إلى مشروع معرفي في جامعاتنا.. يرى كثير من أساتذة الجامعات الجزائرية فشل نظام ل.م.د على عدة صُعُد لكن بعد عملية التقييم لفترة دامت 16 عاما يراد إصلاحه.. سألنا أساتذة عن هذا الإصلاح وعن مقترحاتهم. الدكتور العربي فرحاتي أستاذ جامعي : هل نحن في حاجة إلى إصلاح الاصلاح أم إلى ثورة على الإصلاح؟ أقر وزير التعليم العالي في تصريح له أخيرا وهو النادر من نوعه أن نظام (ل.م.د) فشل في تحقيق أهدافه بسبب غياب الرقابة؟.. لقد ظهر الفشل منذ بدايات التجريب واكتشفناه حينذاك ومع مطلع الألفية الثالثة وبينما كان الكل -الإداري و البيداغوجي الجامعي- يهرول للامتثال للقرارات وتطبيق نظام (ل.م.د) في كل الجامعات وعلى مستوى كل الكليات والأقسام طلبا للرضا والتقرب وتوسل التشجيع عن ما يعتقده المهرولون سبقا في الامتثال بالسرعة المطلوبة باعتبارها من مفاهيم الجودة (المغلوطة)..كنا نحن في قسم علم النفس وعلوم التربية في باتنة -أساتذة وإدارة- رغم إيماننا العميق بضرورة تغيير النظام الكلاسيكي الذي لم يعد يلبي حاجات الجيل المتجددة نتماطل ونتحين المبررات للتأجيل ونسوف الشروع في تطبيق قرارات الإصلاح ونتألم لما سيصير عليه أمر الجامعة والتكوين. تعميم التجربة والإعلان عن نجاحها بدون تقييم كنا آخر من خضع للقرارات حين صدر القرار بوجوب تعميم التجربة والإعلان عن نجاحها بدون تقييم صدر ذلك القرار رغم تأكيد التقارير القاعدية بفشل نظام ل.م.د في طوره التجريبي فهيمنت اللامعيارية في اتخاذ القرارات وانفلت الأمر ولم يعد حتى تحت سلطة الخبير حيث خضوع الكل لتصريح الرئيس الأسبقبضرورة وحتمية الالتزام بخيارنا التعليمي (ل.م.د). أجلنا التطبيق ووضعنا أنفسنا في ما يشبه المغامرة ونعتنا بالمتمسكين بالرداءة وضمن مقاومة التغيير والتحديث لأننا رغم جهلنا الكامل ب مورفولوجيات النظام الجديد وتفاصيله وأهميته على علم بأن النظام المزمع استنباته في بيئتنا التعليمية نظام مستعار من دول الاتحاد الأوروبي ليبرالي الروح وهو نظام من إفراز المجتمعات الليبرالية يستجيب لحاجاتها ويساهم في توحيد الشهادات بين دول الاتحاد وتقريب تكلفة الوحدة البيداغوجية وتيسير تنقل الطلاب بين جامعات دول الاتحاد وتبادل الخبرات والإنتاج العليمي. وفهمنا أننا ننتقل من النظام الكلاسيكي المستعار هو الآخر من فسيفساء التجربة الاشتراكية السوفياتية إلى نظام تعليمي ليبرالي يرتكز على تدريب الإنسان بوصفه مهارة ويحرم الأمة كما حرمت من قبل من حقها في تكوين المفكر والنخبوي الراسخ في العلم إذ طرح علينا السؤال الجوهري: كيف بنا أن نكون أخصائيا نفسيا أوتربويا أواجتماعيا في سنة وقد عجزنا عن تكوينه في أربع سنوات؟..وقبل ذلك لا نريد أن نكون كما قال سادلر كالطفل الذي يلعب في حدائق غناء فيقطف زهرة من هنا ووردة من هناك ويأتي بها إلى محيط بيته ويغرسها ويظن أنها ستثمر مثل ما أثمرت جَمالا في بيئتها الأصلية؟..ولا نريد أن نكون كما قال جون ديوي مثل الذي يتعلم السباحة بإتيان حركات في اليابسة.. وتعلمنا من علوم التربية المقارنة أن استعارة الأنظمة التعليمية هي السياسة الأكثر خطرا على الإطلاق على مستقبل الأجيال بل على مستقبل الأمة العلمي مهما مارسنا الأقلمة والتكييف لمفرداتها بما تحدثه من انفصامات في الشخصية إنْ على مستوى الفرد المتعلم وإنْ على المستوى الاجتماعي ذلك لأن استعارة نظام التعليم هو من قبيل الاستعارة الثقافية لا يمكن أن ينتج في بيئة غير بيئته بل يحدث -بما يمارسه من قطيعة فوضوية بين الأجيال- شروخا في التفكير تعرقل الذكاء الإبداعي ويضطرب بسببها الوجدان الاجتماعي لأننا لسنا مجتمعات ليبرالية يمكن لنا على الأقل أن نمارس منهج التكييف والأقلمة لمفردات النظام المزمع والضغط لاستنباته قسرا. تغيير جذري ومن البديهي أن تطبيق النظام الجديد (ل.م.د) من حيث هو تغيير جذري للنظام الكلاسيكي في بنيته و مورفولوجياته الإدارية والعلمية و البيداغوجية واستنبات بديل عنه قبل أن يحتاج إمكانات بيداغوجية ومعرفية وأدوات وآليات وسياسات إجرائية يحتاج قبل ذلك قناعة ذاتية للمباشرين للإصلاح والمنفذين للقرارات ويحتاج وضوحا وشفافية في الرؤية واشتراطات تأمين مستقبل الأجيال والأمة ذلك أن في مناهج التغيير المؤسسي كما تعلمناه يخضع للتحكم في عوامل ثلاثة (عوامل الثبات وعوامل التغيير وما بينهما من العوامل النفسية) وهو ما يعرف لدى المنهجيين ب الثنائية الحرجة من حيث هي العوامل النفسية التي تقع بين عوامل الثبات الصارمة وعوامل التغير اللينة حين التزامن وحدوث المشكلة فتكون تلك العوامل النفسية هي الأخطر على مستقبل الإصلاح ومسار التغيير وتقوده -إذا لم تؤخذ بالاعتبار- إلى الفشل. ولعل هذا ما حدث أثناء تطبيق نظام (ل.م.د) في غياب العوامل النفسية ورضا المجتمع الجامعي طلبة وأساتذة و بيداغوجيين .. فلم يتقبل المجتمع الجامعي للضبابية ولا استطاع أن يستوعب مفاهيم من مثل المعرفة سلعة والطالب زبون والأستاذ مسوق والجامعة سوق.. حيث شهدت الجامعات اضطرابات شديدة واحتجاجات طلابية تطالب بإعادة النظر في مشروع الإصلاح ومراجعته.. وقد حدث مثله في استعارة المدرسة الأساسية والتعليم البوليتقني فرغم الادعاء بنجاح تلك التجربة إلا أن الواقع والتاريخ أثبت فشلها بفشل المنظومة الاشتراكية المستعارة فكانت سنوات التجريب على الأجيال مضيعة للزمن من حيث هو جزء من الزمن الحضاري حينما يتعلق الأمر بتربية الأجيال يفترض فيه أن يكون الفعل التربوي فعلا معرفيا كليا وليس مجرد استجابات لمشكلات اقتصادية وتكيفية تقنية ومواكبة للآخر الأكثر تقدما أو لنزوات هذا الخبير أو ذاك. ولا ندخل في تفاصيل مسار الإجراءات الإصلاحية وعشوائيتها وتعثرها واضطرابها طيلة العشريتين من التطبيق ولا حاجة لنا للتذكير بالتعارض بين سياسة الانفتاح على المحيط في ظل انغلاق المحيط واستمرار الوظيف العمومي المتساوق مع النظام الاشتراكي والمتناقض في الوقت نفسه مع فلسفة النظام الجديد المتساوقة مع الوضع الليبرالي ولا نعتمد تلك التصنيفات التي تضعنا في ذيل القوائم فالوضع الجامعي يصدع وحده بالفشل بسبب ما نعتقد أنه تجاوز خطِر لمبررات التغيير ودواعيه وتجاهل شروطه المنهجية وأدواته وهو أمر نعده تلاعب خطير بمصير الجيل.. ولذلك يستحسن العروج على الحاجات المشروطة لتطبيق نظام (ل.م.د) لمعرفة حجم مغامرة الإصلاح في ظلالاستعارة ومدى جنايتها على الأجيال. فحاجات التغيير الواعي وفقا لجودة نظام (ل.م.د) تتطلب الأستاذ المشروط والطالب المشروط وفريق التكوين المشروط والإدارة المشروطة وكلها يتطلب الإعداد المنهجي حتى يتم التغيير بالطرق العلمية المعروفة. كفايات.. فالأستاذ المشروط كما هو مطلوب للتدريس الجامعي الناجح هو المتمكن من عدة كفايات في حدها الأدنى ككفايات المعرفة العلمية وكفايات النقل الديداكتيكي والإلمام بعلوم التخصص وفروعه من تأسيسها إلى خلاصاتها النظرية والمنهجية ومشكلاتها الابستمولوجية والتطبيقية واستيعاب شبكة العلوم المتصلة وشبكة المفاهيم المرتبطة والهدف المعرفي من العلم والتمكن من شروط التمثلات المعرفية و البيداغوجية للطلبةومعارات في التدريس بالكفايات واحترام فضيلة التنوع بتوظيف التفكير الرياضي المنطقي والتمكن من مهارات النقد وتدريس احتمالية المعرفة وفتح النهايات وتعليم القدرة على التجاوز وعدم إظهار التحيز العلمي المعرفي والوجداني مع أي أطروحة مهما تكن صحيحة.. وتنشيط النفس اللوامة بوضع المعارف على محك الاختبار الدياليكتيكي والابتعاد عن المونولوج وتوظيف مهارات التقصي المحاكمة العقلية. ووضع الطالب حيال الصعوبة ومرافقته بيداغوجيا ومهنيا وطرح البدائل ولو كانت خاطئة وتحفيز الطالب لاكتشاف الخطإ بالاختبار والتجريب.. وهو في نظرنا لم يتحقق في حده الأدنى المشروط للتغيير طيلة العشرين سنة. أما الإدارة المشروطة فكفاياتها في حدها الأدنى يمكن تصورها في اتقان أبجديات الحكامة المعاصرة والقدرة على الاستقلال المالي والقدرة على تحويل الجامعة من الوظيفة الرقابية والتنظيمية إلى إدارة التنوع والانتاج العلمي وإلى هيكلة للوسائل الديداكتيكية بمقاربة الكفايات وفلسفة التحسين المستمر للتنوع المعرفي في المسارات المعرفية من أجل الاختيار والشراكة في التسيير والتمكن من صياغة سياسات تنمية الجامعة محليا.. وهو ما لم يتوفر طيلة العشرين سنة الماضية. أما فريق التكوين المشروط المتوفر على الكفايات في حدها الأدنى فمن حيث هو جماعة علمية متخصصة مكلفة بتحويل المعرفة العالمة إلى معرفة جامعية تدريسية (النقل الديداكتيكي) في نطاق مسارات التكوين وميادينه في ظل سياسة الانفتاح وتفاعل الجامعة بمحيطها المحلي يفترض فيه أن يكون عميقا في معارفه العالمة المتخصصة متدربا على سكلجة المعرفة العلمية التربوية مدرك لشروط النقل الديداكتيكي مستوعب للوضع العولمي الدارويني مستوعبا لحاجات المحيط الاجتماعي السوسيولوجي والطلب الاقتصادي المحلي وواعيًا بأهمية مركزية الطالب في كل ما يقرره من معارف وتخصصات وأنماط تدريس.. وهو ما لم يتحقق في حده الأدنى. خبرات.. أما الملمح المتصور والمطلوب في الطالب الجامعي -بصفته كفايات- في الطور الجامعي الثاني فلم تتحقق هي الأخرى ذلك أن ما يحتاجه في ظل النظام الجديد بوصفه أندراغوجيا محمل ببنيات معرفية وذهنية صلبة وراشد من حيث السن ناضج الشخصية تمتد معارفه القبلية إلى خبرات سوسيولوجية و سيكولوجية عميقة مستوعب لمستقبله العلمي والمهني واسع المعرفة المتخصصة العالمة يتحكم في أساسيات المنهج العلمي وأدواته متمرس على الحرية فإنه يحتاج توسيع المدارك والبنيات العقلية لا حشو الأذهان بالمعارف ويحتاج تعميق فهم المعرفة وحسن التفسير والتأويل وتعميق التقصي والبحث في المشكلات المعرفية والمؤسسية الاجتماعية والقيمية ويحتاج إدراك كلي جشطالتي للنسق المعرفي ويحتاج إسقاط ما نشأ من عوائق إبستمولوجية وعوامل الرداءة ويحتاج التطبيق العملي للمعارف وفتح مغلقات المحيط وهو ما لم يتم الإعداد له ولم يظهر كتمثلات في شخصية الخريج ولا هو من ضمن اهتمامات السياسة الجامعية في الراهن. أما المورفولوجيات الديمقراطية للجامعة المطلوبة (اللجان والمجالس العلمية) فهي تلك نخبة النخبة المفرزة عن طريق الانتخابات يشترط فيها أن تكون على كفاءات عالية في تحريك الرأسمال المعرفي الجامعي المحلي وعلى حد أدنى من وضع وصياغة سياسات الجامعة في ضوء البراديغم العلمي المعاصر وحاجات التنافس الدارويني وحاجات الأمة من الخبرات العلمية وحاجات التفوق العلمي.. وهو ما لم يتم وبقيت المجالس تناقش قضايا واهية كالاستغراق في مناقشة شكليات الرسائل الجامعية وصراع الفئات و الكانتونات التخصصية ينشط فيها الرأسمال المعرفي السلبي. عقليات.. ورغم هذا النقص في الإعداد والإمكانات ورغم تنبيه العقلاء لخطر هذه المغامرة ورغم ما حدث من مقاومات طلابية ورفع تقارير الفشل إلا أن القرارات وهيمنة عقلية الخبير وعقلية التكيف مع ما يحدث من تغييرات في محيطنا الشمالي وحتمية التبعية كانت هي السيدة وكان الإصرار سيد المواقف في السياسة الجامعة لقمع كل شكل من أشكال المقاومة حيث سوقت الإغراءات والوعود للطلبة كما لو أنهم على الدرجة العلمية ذاتها للطالب الأوروبي وهو وهم وخاض الكل مع الخائضين وصرنا –الأساتذة- في القواعد الجامعية كائنات مهملة ينجز بنا التغيير ويبنى الجديد بأدوات وعقليات قديمة فامتثل الكل في صمت وشرعت الإدارة في التغييرات الشكلية على المستوى البيداغوجي وإعادة هيكلة التعليم الجامعي في صيغة (8 5 3). والدليل وعود سيقت للطلبة والأساتذة والمجتمع وتم الترويج لها ولم يتحقق منها شيء إن لم نقل تدهور الوضع الجامعي في عشرين سنة الماضية إلى حيث ما هو أردأ من الرداءة من حيث المسار العام فلا جامعة ذكية ولا انفتاح على الاقتصاد والمحيط ولا اعتراف الاتحاد الأوروبي بالشهادات ولا ترقية البحث العلمي والوصول إلى ملامح الجامعة المنتجة فلا كل شيء من ذلك تحقق ولو جزئيا بل إن التقارير تؤكد على أن الرداءة والغش وضعف التكوين و البيروقراطية وتوزيع الشهادات وتقليص الحرية الأكاديمية وغياب كلي للبحث هو ما يسود الجامعة بعد عشريتين من تطبيق النموذج المخلص المنقذ وما تزال الجامعة لم تتخلص حتى من أمراض الاستدمار وصراع اللغة والهوية غارقة في البناء الديمقراطي وبقي المشروع المعرفي دائم التأجيل.. ومن الطبيعي أن نحصد هذا الحصاد المر مادامت السياسة الجامعية لا تحترم أدنى خطوات وشروط المنهج العلمي في الانتقال من نظام إلى آخر وأبرزها تجاوز شروط الشرعية والمشروعية.. بل إنها دأبت منذ نشأتها بالميراث الاستدماري أن تكرر الخطأ وأن تعيد إنتاج المشكلات الموروثة عن الاستدمار ذلك فضلا عن الإعداد المادي والبيداغوجي وفق معايير (ل.م.د) بإمكانات صفرية وعدمية. وإذا أردنا أن نسوق مثالا عن التغيير الذي عُدَّ تغييرا جوهريا ونعتقد أنه عبثي رغم أهميته لعدم استيفائه شروط التغيير هو ما حدث من تغييرات تعد جوهرية كاستحداث فرق التكوين في إطار تطبيق اللامركزية والاستقلالية عن المركز في تقرير التخصصات العلمية ووحدات التدريس الجامعي كان عبثيا إذ أن فاقد الشيء لا يعطيه وقد شهدنا تفريخ التخصصات الأكاديمية لا يستند إلى أي معيار توليد وتفريع التخصصات وقد زجت بخريجي الجامعة في مشكلات ومتاهات قانونية لا حصر لها..فنقص الكفاءة الأكاديمية للفرق التكوين هو من باب إسناد الأمر إلى غير أهله وقد جعل الاستقلالية أشبه ما يكون بالعبث بمصير العلم الجامعي ذاته فضلا عن التلاعب بمصير الخريجين..ولذلك لا نتردد في وصف خريج الجامعة من نظام الجديد -مع الاحتفاظ ببعض الاستثناءات- بأنه خريج مشكل في حد ذاته وليس خريج حل فهو قليل العلم ووضيع في معارفه..وعديم المهارة فيما اختص فيه مسلوب الارادة فلا محيط بلده يستوعبه..ولا الخارج يتقبله إذ أننا ما نزال لم نبرح بعد ذيل القوائم في معايير تصنيف الجامعات. الخلاصة ولأنني أعتقد أن ما سمي بإصلاح النظام الجامعي أو تغيير النظام الكلاسيكي وتأسيس (ل.م.د) هو تأزم للأزمة أكثر مما هو تغيير للنظام المتأزم لأنه كان استمرارا لعقل الاستعارة وإجراء فاقد للاختيار الحر من حيث هو اختيار الأفضل فإنه بالضرورية سيؤدي إلى أردإ الأوضاع التي يمكن أن نتصورها في البيداغوجيا وتدريس العلم وإدارة المخابر العلمية الغارقة في البيروقراطيات وبالتالي فإن الإقرار بالفشل بات يفرض نفسه على المسؤولين على المستوى المركزي كما اضطر وزير التعليم العالي وصرح وأقر بفشل نظام (ل.م.د) في تحقيق أهدافه.. وإذ أننا نثمن هذا الإقرار والوعي بخطر تجاهل الأزمة الجامعية رغم تأخره لمدة عشرين سنة مع أننا لا نستبعد أنه قرار لم يُبنَ على دراسة بقدر ما هو رغبة الوزير في إصلاح ترقيعي أوحي به إليه لبعض المظاهر المتأزمة إذ أن مقاربة الوزير للفشل وأسبابه بغياب التقييم ينم مرة أخرى عن السقوط في التسطيح في تحديد المشكلة فمشكلة الجامعة الجزائرية أعمق بكثير من كونها مشكلة الرقابة والتقييم مع أننا ندرك أن التقويم المؤسسي المحلي والدولي بات من أبرز اشتراطات الاعتماد الأكاديمي والتصنيف العالمي للجامعات فمشكلتنا مشكلة تطرح على مستوى الشرعية والمشروعية.. فشرعية النظام الجامعي ليست شرعية الخبير أو شرعية الرغبة في التغيير أو شرعية التكيف مع العالم بقدر ما هي شرعية الأمة ابتداء.. فعدم عرض أي مشروع كلي كالمشروع التربوي على الأمة لمناقشته وتبنيه عن وعي وبصيرة جماعية مآله لا محالة الفشل وهو ما نعتقد أنه السبب الجوهري لفشل تجربة (ل.م.د).. فتغييب العامل التاريخي والنفسي في الإصلاح هو تجاوز لعوامل الثنائية الحرجة غير مقبول منهجي ومن ثمة نعتقد أن إصلاح الإصلاح وتكراره أي إصلاح (ل.م.د) لهو من العبث بمصير الأمة وتجاهل لحقها في امتلاك ناصية العلم وتكوين المفكر الراسخ في العلم ولا أعتقد أنه -بحجم هذه الأزمة- تواجهنا المشكلة على مستوى إصلاح الإصلاح بقدر ما تواجهنا على مستوى تغيير النظام الجامعي وممارسة القطيعة الابستمولوجية مع عقل الاستعارة (الشراء) وتنشيط العقل البراغماتي وفتح نقاش وحوار وطني جاد وحاد للوصول إلى توافق تربوي وإنتاج النموذج المعرفي التربوي الأصيل في ضوء مرجعية التجربة التاريخية بوصفها الرأسمال المعرفي المتحرك والحاجة الحضارية في الراهن ثم إعداد الخطة لتجريب النموذج التصوري واختباره لبيان كفاءته التنبئية ومن ثم إنتاج نموج الحل وصيغه الواقعية بمعنى أنه علينا من أجل الخروج من الأزمة التربوية أن نقتحم العقبة ونؤسس نظامنا التربوي الحر المستقل في ضوء البراديغم العلمي العالمي الراهن والتجربة التعليمية للأمة العريقة من حيث هي تجربة للتعليم كفرض أو واجب من واجبات الأمة والعلم كحق للأمة لا يمكن التفريط فيه. خلاصة ما سبق نحتاج ثورة ذاتية على الإصلاح تقودنا إلى إنتاج المشروع المعرفي الغائب في كل جامعاتنا.