مراصد إعداد: جمال بوزيان الجزء الثاني أخبار اليوم تواصل رصد آراء أساتذة حول نظام ل.م.د مشكلات الجامعة الجزائرية أعمق بكثير من الرقابة والتقييم يرى كثير من أساتذة الجامعات الجزائرية فشل نظام ل.م.د على عدة صُعُد لكن بعد عملية التقييم لفترة دامت 16 عاما يراد إصلاحه.. سألنا أساتذة عن هذا الإصلاح وعن مقترحاتهم. الدكتور العربي فرحاتي أستاذ جامعي : نثمن الإقرار والوعي بخطر تجاهل الأزمة الجامعية .. وقد شهدنا تفريخ التخصصات الأكاديمية لا يستند إلى أي معيار توليد وتفريع التخصصات وقد زجت بخريجي الجامعة في مشكلات ومتاهات قانونية لا حصر لها..فنقص الكفاءة الأكاديمية للفرق التكوين هو من باب إسناد الأمر إلى غير أهله وقد جعل الاستقلالية أشبه ما يكون بالعبث بمصير العلم الجامعي ذاته فضلا عن التلاعب بمصير الخريجين..ولذلك لا نتردد في وصف خريج الجامعة من نظام الجديد -مع الاحتفاظ ببعض الاستثناءات- بأنه خريج مشكل في حد ذاته وليس خريج حل فهو قليل العلم ووضيع في معارفه..وعديم المهارة فيما اختص فيه مسلوب الارادة فلا محيط بلده يستوعبه..ولا الخارج يتقبله إذ أننا ما نزال لم نبرح بعد ذيل القوائم في معايير تصنيف الجامعات. ولأنني أعتقد أن ما سمي بإصلاح النظام الجامعي أو تغيير النظام الكلاسيكي وتأسيس (ل.م.د) هو تأزم للأزمة أكثر مما هو تغيير للنظام المتأزم لأنه كان استمرارا لعقل الاستعارة وإجراء فاقد للاختيار الحر من حيث هو اختيار الأفضل فإنه بالضرورية سيؤدي إلى أردإ الأوضاع التي يمكن أن نتصورها في البيداغوجيا وتدريس العلم وإدارة المخابر العلمية الغارقة في البيروقراطيات وبالتالي فإن الإقرار بالفشل بات يفرض نفسه على المسؤولين على المستوى المركزي كما اضطر وزير التعليم العالي وصرح وأقر بفشل نظام (ل.م.د) في تحقيق أهدافه.. وإذ أننا نثمن هذا الإقرار والوعي بخطر تجاهل الأزمة الجامعية رغم تأخره مدة عشرين سنة مع أننا لا نستبعد أنه قرار لم يُبنَ على دراسة بقدر ما هو رغبة الوزير في إصلاح ترقيعي أوحي به إليه لبعض المظاهر المتأزمة إذ أن مقاربة الوزير للفشل وأسبابه بغياب التقييم ينم مرة أخرى عن السقوط في التسطيح في تحديد المشكلة فمشكلة الجامعة الجزائرية أعمق بكثير من كونها مشكلة الرقابة والتقييم مع أننا ندرك أن التقويم المؤسسي المحلي والدولي بات من أبرز اشتراطات الاعتماد الأكاديمي والتصنيف العالمي للجامعات فمشكلتنا مشكلة تطرح على مستوى الشرعية والمشروعية.. فشرعية النظام الجامعي ليست شرعية الخبير أو شرعية الرغبة في التغيير أو شرعية التكيف مع العالم بقدر ما هي شرعية الأمة ابتداء.. فعدم عرض أي مشروع كلي كالمشروع التربوي على الأمة لمناقشته وتبنيه عن وعي وبصيرة جماعية مآله لا محالة الفشل وهو ما نعتقد أنه السبب الجوهري لفشل تجربة (ل.م.د).. فتغييب العامل التاريخي والنفسي في الإصلاح هو تجاوز لعوامل الثنائية الحرجة غير مقبول منهجي ومن ثمة نعتقد أن إصلاح الإصلاح وتكراره أي إصلاح (ل.م.د) لهو من العبث بمصير الأمة وتجاهل لحقها في امتلاك ناصية العلم وتكوين المفكر الراسخ في العلم ولا أعتقد أنه -بحجم هذه الأزمة- تواجهنا المشكلة على مستوى إصلاح الإصلاح بقدر ما تواجهنا على مستوى تغيير النظام الجامعي وممارسة القطيعة الابستمولوجية مع عقل الاستعارة (الشراء) وتنشيط العقل البرغماتي وفتح نقاش وحوار وطني جاد وحاد للوصول إلى توافق تربوي وإنتاج النموذج المعرفي التربوي الأصيل في ضوء مرجعية التجربة التاريخية بوصفها الرأسمال المعرفي المتحرك والحاجة الحضارية في الراهن ثم إعداد الخطة لتجريب النموذج التصوري واختباره لبيان كفاءته التنبئية ومن ثم إنتاج نموج الحل وصيغه الواقعية بمعنى أنه علينا من أجل الخروج من الأزمة التربوية أن نقتحم العقبة ونؤسس نظامنا التربوي الحر المستقل في ضوء البراديجم العلمي العالمي الراهن والتجربة التعليمية للأمة العريقة من حيث هي تجربة للتعليم كفرض أو واجب من واجبات الأمة والعلم كحق للأمة لا يمكن التفريط فيه. خلاصة ما سبق نحتاج ثورة ذاتية على الإصلاح تقودنا إلى إنتاج المشروع المعرفي الغائب في كل جامعاتنا. *** الدكتورة دلال حلايمية أستاذة جامعية : نظام ل.م.د .. سلبيات وحلول + صورة الأستاذة وصورة الشكل المرسوم منذ نحو 16 عاما فرضت وزارة التعليم العالي نظام ليسانس ماستر دكتوراه وقد تبنته الجزائر بديلا عن النظام الكلاسيكي وعممته على كل الجامعات وهو مستمدمن أنظمة التعليم التي جربتها الدول المتطورة يعتمد أساسا على برنامج خاص وهو برنامج السداسيات وما يزال حاليا حيز التنفيذ في كثير من الدول العربية والأوربية ويعتمد نظام ل.م.د على ثلاث مراحل تكوينية تتوج كل مرحلة منها بشهادة جامعية.. يعتمد التعليم في هذا النظام على: وحدات التعليم الرصيد التقييم التعويض ويقيم الطالب وفق النقاط الآتية: امتحان بعد كل سداسي وفي كل وحدة تعليم يتم التقييم من خلال امتحان نهائي بالإضافة للامتحانات الجزئية وامتحانات التطبيقات وتقييم أعمال الطلبة الفردية والمحصلة لكل هذه الامتحانات هي النقطة النهائية ضمن كل وحدة تعليم فإن نقاط موادها تتحدد وفق معاملات محددة وتعوض فيما بينها المعدل العام يمكن الحصول عليه من خلال المعدلات الجزئية لكل وحدة تعليم آخذين بالاعتبار المعامل المحدد كما يتم تحصيل السنة الجامعية لكل طالب يتحصل على معدل يساوي أو أكثر من 10/ 20 وبإمكان كل طالب لم يتمكن من تحصيل السنة الجامعية يسمح له بالتسجيل في دورة الاستدراك للمواد غير المحصلة. سلبيات نظام ل.م.د : من المفروض في نظام ل.م.د في الواقع بأن يغادر معظم الطلبة الجامعة بعد نيلهم شهادة ليسانس ويتّجهون إلى سوق العمل. وتبقى منهم مجموعة تحضّر شهادة الماستر ثم تنتقلمجموعة نحو سوق العمل..وتكملفئةالطريق لنيل شهادة الدكتوراه خلال 3 سنوات يحصل بعدها على شهادته. المشكل المطروحهوعدم استيعاب سوق العمل عدد الطلبة الحاصلين على الليسانس وهو ما جعلهم يحتجون ويطالبون على الأقل بمتابعة دراستهم العليا رغم أن مستواهمعمومامنهم لا يسمح بذلك. ومن ناحية أخرى تظهر مشكلة التحجيم إن تركت الفرصة للجميع للانتقال إلى الماستر يُطرح مشكل آخر: من يؤطّر هؤلاء؟ لا بد من توفر عدد مناسب من الأساتذة لتأطير الماستر..سيتزايد طلبة الدكتوراه والماستر دون توفر مناب شغل وهذا ما يعانيه المتخرجون اليوم من الفئتين وقد تكاثرت الاحتجاجات اليوم وظهر مصطلح دكتور بطال في الجزائر بالإضافة لمشكلات التجهيزات والهياكل. حلول مقترحة: أعتقد أن تطبيق نظام الباشلور البكالوريوس المعمول به عالميا والتخلي عن نظام الإجازة ومجاراة تطور سوق العمل وانفتاح الجامعة على عالم الاقتصاد والمقاولات وإدماج الطلبة في المحيط السوسيو اقتصادي عن طريق توسيع نطاق التعامل بين وزارة التعليم العالي ووزارة العمل وهذا لن يتم إلا عن طريق إخراج طلبة متمكنين ميدانيا وفق ما تقتضيه التنمية الوطنية هذا التوجه عالمي وعلى وزارة التعليم العالي في الجزائر أن تفكر جديا في تبنيه لتجاوز سلبيات نظام ل.م.د أو توفير المناخ البشري والمادي وتكييف النظام وفق قوانين وشروط للانتقال والتكوين وفق ما يتطلبه الميدان. الدكتورة سعاد قصار أستاذة جامعية نظام (ل.م.د) في الجامعات الجزائرية..واقع وتحديات تم اعتماد نظام (ل.م.د)مع الدخول الجامعي 2003-2004 حيث حل محل النظام الكلاسيكي في الجامعات الجزائرية.. وقد جاء ذلك لمواكبة التطور العلمي والتكنولوجي وجاء أيضا بصفته خطوة ضرورية للتعامل مع المتطلبات الدولية واستجابة لما يجري من تغيرات سريعة ومتلاحقة خاصة على الصعيدين التعليمي والتكنولوجي ناهيك عن المجالين السياسي والاقتصادي. إن مجيء هذا النظام فرصة كبيرة للطلبة الجزائريين للاستفادة من مرونة متوقعة في البرامج الدراسية وما يترتب عليه من تيسير في عملية التنقل الخاصة بهم على المستوى الوطني والدولي معا.. لقد جاء لسد الفجوة بين المعرفة والوظيفة ومطالب السوق على عكس النظام الكلاسيكي حيث هناك مرسل ومتلقّ للعلم ففي نظام (ل.م.د) تكون العلاقة بين الطالب والأستاذ علاقة شراكة. وكأي نظام جديد واجه (ل.م.د) مشكلات كثيرة في التطبيق رغم الإصلاحات والجهود الكبيرة التي بذلتها الحكومات المتعاقبة والوزارة الوصية والتي لا يمكن تجاهلها وصدق النيات في الرغبة في الإصلاح وما نتج عنه من تحمل هذه المسؤولية الثقيلة من قبل جامعتنا. إن عمليات البحث والتنقيب حول هذا النظام منذ البداية لم تكن كافية فترجمته وتطبيقه بحذافيره على الجامعة الجزائرية دون مراعاة البيئة السوسيولوجية والوضع الاقتصادي والإمكانات المتاحة والوضع المعرفي بصفة عامة أدى إلى خلل كبير بدا واضحا أثناء التطبيق أومحاولات التكييف. ومن ثم لم يؤتِ ثماره المرجوة منه كاملة وكأن النظام الكلاسيكي غير اسمه فقط في انطباعات بعض الطلبة. ومن ثّمَّ لابد من العودة إلى نقطة الانطلاق فعلى الرغم من صعوبتها إلا أنها خطوة ضرورية للتمحيص والتدقيق والمراجعة وإعادة هيكلة هذا النظام وتكييفه مع كل ما هو جزائري من جهة ومراعاة موافقته للمقاييس العالمية من جهة أخرى. ولكن هذه المرة من خلال دعوة الفاعلين الجادين في هذا القطاع والذين أصبحت لهم دراية واسعة وتجارب كثيرة ومتعمقة في هذا المجال للاستفادة منها إلى جانب الدراسات الجادة والقيمة في هذا المجال لعديد من الباحثين والباحثات. ثم العمل على تكوين الهيئة التدريسية التي سيكون لها الدور الفاعل في هذا النظام وهنا لابد من وقفة.. فهيئات التدريس في جامعاتنا في حاجة ماسة لتخصيص تكوينات وتدريبات أكاديمية منتظمة ومستمرة لمواكبة كل جديد سواء أكان يتعلق بنظام (ل.م.د) أم بغيره. وهناك الحاجة إلى تنسيق البرامج على مستوى الجامعات في وطننا وجعلها تبدو من منبع واحد فمثلا من غير المعقول يُدرَّس التخصص نفسه بمقاييس مختلفة في كل جامعة؟ بهذا نكون قد ضيعنا هدفا من الأهداف المهمة للنظام حيث تعميم العلوم وتوحيدها وتيسير عملية الانتقال من جامعة إلى جامعة بسلاسة بل أكثر من ذلك متابعة الدراسة بالخارج دون أن يشعر بقطيعة معرفية. ومن ذلك أيضا تقييم المقاييس المُدرَّسة باستمرار وتصويبها حسب المستجدات العلمية الجديدة وتدريب هيئة التدريس على ذلك مما يجنبنا الوقوع في سلبيات النظام القديم الكلاسيكي حيث نفس المعلومات يفرض على الطلبة حفظها عن ظهر قلب وبالتالي ضيعنا هدفًا ذا أهمية كبيرة يتمثل في تشجيع الإبداع والابتكار لدى الطالب الذي يعد شريكافي العملية التعليمية في نظام (ل.م.د) الاعتماد على معلومات تجاوز عنها الزمن في ظل الثورة العلمية التي يعيشها العالم كله سيحدث فجوة بين الأستاذ الذي لا يستوعب المعلومات الجديدة وبين الطالب الذي اطلع عليها من قبل ومن ثم يظل الطالب في واد والأستاذ في واد آخر حيث لا يمكن لكليهما مجاراة الآخر وهذا الأمر قد يجعل هذا الطالب المبدع في ذيل ترتيب الناجحين ومن ثَمَّ يحرمه من الحصول على منح للخارج لمواصلة دراسته الأكاديمية لا يحرم هو وحده بل تحرم أيضا الدولة الجزائرية من إطار كان سيكون متميزا تميزا نوعيًا يملك كل مقاييس التحليل والنقد والإبداع. ثم هناك الحاجة إلى تدعيم الموارد البشرية والمادية والتفويج بعدد قليل من الطلاب -كانت ولا تزال- تنتظر الإفراج عنها ولعل الأهم من ذلك كله هو الحريات الأكاديمية وأعني بها هنا حرية البحث والتدريس والتفكير العلمي حيث يعتبر الهدف الرئيسي للجامعة. إن الجامعة في نظام (ل.م.د)داعم كبير لصناع القرار بأبحاث علمية محينةومربحة.. هذه الحرية تجعل الجامعة مسؤولة عن التنمية في المجتمع وبناء مواطن مفكر ومثقف قادر على العمل والإبداع والتحليل وهي الجامعة التي تقوم بوظيفة المحرك الأساسي للتنمية الاقتصادية ودعم الاختراع التكنولوجي والعلمي وتحفيزالإبداع في الفنون والآداب ومخاطبة القضايا العالمية والإنسانية..فالجامعة لم تعد مرتبطةً بالعمل الأكاديمي فقط بل باتت تشارك بشكل فعَّال في عملية البناء والتنمية ونقل المجتمعات من التخلف والتبعية الفكرية بكافة أشكالها إلى مرحلة النهوض والاستقلالية فتقوم بأدوار كثيرة عن طريق إطاراتها وقياداتها العلمية والإدارية من أجل رفد المجتمعات بالكفاءات والخبرات الفنية المؤهلة تأهيلا علميًّا للمساهمة في عملية الإصلاح والتنمية المستدامة.