من المعروف أن عودة المهاجرين إلى أرض الوطن بداية صيف، ليس لمجرد إمضاء العطلة ورؤية العائلة والأقارب، بل إنّ الكثير منهم يتخذون من تلك الزيارات الخفيفة فرصة للتجارة و»التبزنيس«. من المهاجرين من يفضل جلب السلع المختلفة لبيعها على أرض الوطن خاصة تلك المستعملة، والتي لا فائدة لها هناك، تباع بأسعار خيالية، نظرة لجودتها رغم أنها مستعملة وتفوقها على العلامات الموجودة هنا والتي تعرف الكثير من الغش، ومنها الآلات الكهرومنزلية والتي تقبل عليها النسوة وربات البيوت، حيث أنهن يتربصن بكل آت من وراء البحار لعله يكون محملا بمثلها، وأخريات يطلبنها من المهاجرين من جيرانهم أو أبناء الحي أو المعارف والأقارب، أما البعض الآخر فيفضل الاتجار بقطع السيارات النادرة، والتي ورغم الحراسة المشددة عليها في الموانئ والمطارات، إلاّ أنّ البعض يحتال لإدخالها وينجح في ذلك، لينقلها مباشرة إلى سوق قطع الغيار، حيث يبيعها بأسعار مرتفعة وباهظة نظرا لندرتها، كما أنّ الكثير من المهاجرين يفضلون الاتجار بالملابس، والتي وبمجرد أن يعرف الزبون أنها آتية من وراء البحار حتى يتهافت عليها، حتى لو لم تعجبهن وحتى لو وجد في حيِّه خيراً وأحسن منها، وتعتبر تجارة مربحة بالنسبة للمهاجرين الذين يقدمون محملين بالحقائب، كلها قطع ملابس ذات ماركات عالمية. لكن آخرين يفضلون تجارة من نوع آخر، حيث يجلبون سيارات مرقمة من ولايات، أو مناطق مختلفة من أوروبا، فيؤجرونها للمواطنين وبأسعار تفوق تلك التي تطلبها عادة الشركات المختصة في تأجير السيارات، فللوحة الترقيم الآتية من الخارج بريق خاص، يجعل كل من يريد استئجار سيارة يذهب إلى أحد هؤلاء المهاجرين والذين قد يختصون في ذلك، أو قد يفعلون ذلك للأقارب فقط. أغلب المواطنين يفضلون استعمال تلك السيارات المرقمة من الخارج في حفلات الزواج، ونحن في موسم الأعراس، حيث يستأجرون أكبر عدد منها، حتى يبدو الموكب وكأنه موكب عائلة مهاجرة، وهو الأمر الذي انتشر بين بعض الأسر التي تعشق التباهي والتفاخر، كما أنّ الكثير من تلك السيارات ذات شكل غريب، أو من ماركات لا تدخل أرض الوطن ما يجعل العرس والموكب مميزا، يلفت الأنظار، وحتى أنواع السيارات التي تدخل البلد عادة ما يكون صنعها تركيا أو كوريا، وليس ألمانيا أو أمريكيا أو فرنسيا، والفرق عادة ما يظهر بينها. وعادل واحد من المهاجرين الذين أتوا إلى أرض الوطن وفي نيتهم المتاجرة بسيارة من نوع فرنسي، فقد فعل ذلك لأول مرة السنة الماضية، حيث عرض عليه أحد أصدقائه، والذي له علاقات كثيرة أن يفعل، ولأنّ هذه التجارة أو هذا »التبزنيس« در عليه أموالا معتبرة، فقد قرر أن يفعل نفس الشيء هذه السنة، وفعلا فقد بدأت الطلبات والعروض تتهاطل عليه، من أشخاص أرادوا أن يكون موكب عرسهم مميزا، بسيارات كثيرة تحمل لوحات ترقيم فرنسية وإيطالية وألمانية، وعن السعر الذي يطلبه في كل مرّة يقول لنا عادل إنها تتراوح بين خمسة آلاف دينار وحتى المليون سنتيم، فالأمر مرتبط بمدة الاستئجار، وكذا المسافة التي ستقطعها السيارة. لكنّ تلك السيارات لا تستعمل في الأعراس فقط، بل إنّ استعمالها يمكن أن يكون في أمور خطيرة وسيئة، كالتحايل على البنات، واصطياد الفتيات الساذجات بتمثيل دور المهاجر الذي قدم إلى الوطن حديثا ليستقر، ويبحث بالتالي عن زوجة صالحة له، فيقنعها بكلامه المعسول وسيارته الشاهد على صحة ما يقول، والتي يغيرها في كل مرة، أو يستأجر واحدة في كل مرة، وقد يفعل ذلك فقط ليوقع بضحيته.