بقلم: الدكتورة سميرة بيطام* في مقال قمت بترجمته من الفرنسية إلى العربية من موقع euro news حول مصدر فايروس كورونا تحديدا حول التدقيق على عملية المختبرات الصينية أين كانت فرضية منظمة الصحية العالمية قائمة حول اختراق أحد المخابر لبروتوكول العمل والذي يمكن أن يكون هو المتسبب في تسرب الفايروس وانفلاته عن السيطرة ما جعل الصين في غطرسة عن احترام العلم . وفي محاولة للتحري من المنظمة في شهر مارس الفارط كان احتمال منشأ الفايروس قد وجهته المنظمة إلى ما يسمى la zoonose أي ان الفايروس حيواني المنشأ لتبقى نظرية انفلات الفايروس من المختبر متقدمة في العالم الغربي ويذكر كاتب المقال السيد Zeng Yixin نائب وزير اللجنة الوطنية الصحية الصينية أن البحث عن مصدر المنشأ هو بمثابة تمرين علمي يجب أن يبقى بعيدا عن السياسة وكأن نائب الوزير هنا لا يريد أن يفتح بابا لأي خلاف سياسي أو مناقشة حول مسار الفايروس لو ظهر فيه تحقيق ما من أي جهة تتمتع بحق التقاضي الدولي . في الوقت ذاته من محاولة رد فعل الصين لمبادرة الصحة العالمية في اجراء تحقيق عن منشأ الفايروس أقرأ تغريدة لأحد المسؤولين النافذين الصينيين في ردودهم على اتهامات أمريكا للصين قوله أن منظمة الصحة العالمية لم تتدخل بشأن بعض الأعراض التنفسية التي هي شبيهة لأعراض فايروس كورونا هنا أفتح قوس ( ربما هي مناورة من الجانب الصيني لتحويل الانتباه إلى شيء آخر غير فايروس كورونا لكنه يبقى احتمال وليس أمرا مؤكدا فطبيعي أي دولة ستدافع عن سيادتها ومكانتها وثقلها العالمي ) لكن ما لوحظ أن أمريكا هي أول من طالب بفتح تحقيق في الصين وكأن الدولتين تستعدان لخوض غمار حرب ناعمة لتتحول إلى فرض سيادة الأمر الواقع في قيادة العالم والتفرد في ذلك على سنوات قادمة. أما منظمة حقوق الانسان فهي تعلن صراحة على أن القانون الدولي لحقوق الإنسان يكفل لكل شخص الحق في أعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه ويُلزِم الدول باتخاذ تدابير لمنع تهديد الصحة العامة وتقديم الرعاية الطبية لمن يحتاجها ويقرّ قانون حقوق الإنسان أيضا بأنّ القيود التي تُفرَض على بعض الحقوق في سياق التهديدات الخطيرة للصحة العامة وحالات الطوارئ العامة التي تهدّد حياة الأمة يُمكِن تبريرها عندما يكون لها أساس قانوني وتكون ضرورية للغاية بناءً على أدلة علمية ولا يكون تطبيقها تعسفيا ولا تمييزيا ولفترة زمنية محددة وتحترم كرامة الإنسان وتكون قابلة للمراجعة ومتناسبة من أجل تحقيق الهدف المنشود. ومن الواضح أنّ وباء كوفيد-19 بمدى اتساعه وخطورته يرقى إلى مستوى تهديد للصحة العامة ويمكن أن يبرّر فرض قيود على بعض الحقوق مثل تلك التي تنجم عن فرض الحجر الصحي أو العزل الذي يحدّ من حرية التنقل وفي الوقت نفسه ومن شأن الاهتمام الدقيق بحقوق الإنسان مثل عدم التمييز ومبادئ حقوق الإنسان مثل الشفافية واحترام الكرامة الإنسانية في أن تعزز الاستجابة الفعالة في خضمّ الاضطراب الحتمي الذي يحصل في أوقات الأزمات والحدّ من الأضرار التي قد تنجر عن فرض التدابير الفضفاضة التي لا تُراعي المعايير المذكورة أعلاه (تصريح منظمة حقوق الانسان ). يبدو تصريح منظمة حقوق الانسان غير مؤسس قانونيا بالدليل الجنائي لأنه من المفروض لا تمر في تصريحها إلى التعريف بدرجة خطورة الوباء دون أن تضع على الأقل ديباجة لاحتواء الظاهرة البيولوجية التي حلت مؤخرا في العالم كله والاحتواء يكون بتسريع عملية البحث والتحري لمعرفة منشأ الفايروس وليس الاكتفاء فقط بتهيئة الشعوب لخوض غمار حرب ربما البعض من الدول يعلم استباقيا بأنها ستحدث بسبب فايروس ما غير معرف وهو ما بدى في تصريحات بعض رؤساء العالم مثل الرئيس الليبي المرحوم القذافي وكذا الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما ما يجعل القارئ المتفحص لتصريح منظمة حقوق الانسان أنها تساير الظاهرة ولا تناقشها في صلبها القانوني المهم جدا فكما صرحت أنه يحق حفظ الصحة العامة فمن الجهة المقابلة للشعوب لها الحق أن تعرف منشأ الفايروس حتى لا تبقى الحكومات وشعوبها تساير ولا تشرح آليات التسيير هذا ان كانت هناك آليات علمية وأخلاقية ملموسة. أما فيما يخص المعايير الحقوقية التي أشارت اليها منظمة حقوق الانسان فيما يخص الحق في المعلومة فقد ألزمت الحكومات بأنها مسؤولة عن تقديم المعلومات اللازمة عن حماية الحقوق وتعزيزها بما يشمل الحق في الصحة وترى اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أنّ توفير التعليم وإتاحة الحصول على المعلومات المتعلقة بالمشاكل الصحية الرئيسية في المجتمع بما في ذلك طرق الوقاية والمكافحة هي التزامات ذات أولوية وللاستجابة لفيروس كورونا بطريقة تحترم الحقوق يجب أن تضمن وجود معلومات دقيقة وحديثة حول الفايروس والوصول إلى الخدمات والجوانب الأخرى المتعلقة بالاستجابة لتفشي الفايروس وأن تكون هذه المعلومات متاحة بسهولة للجميع. يبقى أن جانب التحري والتحقيق مختزل ومختصر وهو ما يشكل حلقة مفقودة في قصة فايروس كورونا بالنظر إلى ما ذكرته المنظمة في موقعها الالكتروني أنه في البداية أخفت الحكومة الصينية عن الجمهور معلومات أساسية عن فيروس كورونا وقلّلت من الإبلاغ عن وجود الإصابات وشدّتها وتجاهلت احتمال انتقاله بين البشر واحتجزت السلطات أيضا أشخاصا بسبب نشر تقارير عن الوباء على وسائل التواصل الاجتماعي ومستخدمي الانترنت بسبب ترويج الإشاعات وفرضت رقابة على النقاشات المتعلقة بالوباء على الانترنت وكبحت تغطية وسائل الإعلام وفي مطلع يناير/كانون الثاني استدعي لي وينليانغ وهو طبيب في مستشفى في ووهان حيث كان يُعالَج المصابون من قبل الشرطة بتهمة ترويج الإشاعات بعد أن حذّر من الفيروس الجديد في غرفة دردشة على الإنترنت. توفي هذا الطبيب في مطلع فبراير/شباط بسبب الفيروس. و في إيطاليا قد تكون التصاريح المتضاربة التي صدرت عن مسؤولين حكوميين لأسباب سياسية داخلية هي من قلّصت في البداية تأثير الإعلانات العامة المتعلقة بالنظافة والتباعد الاجتماعي بعد أن نظّمت الحكومة مؤتمرات صحفية يومية لتقديم البيانات ونفذّت حملة عامة مكثّفة عن الممارسات الفضلى لحماية الذات والآخرين من انتشار الفيروس. يبدو الأمر غير واضح حتى لو كانت فيه أبعاد حقوقية لكان فيه آليات التحري فيما يخص الفايروسات نريد على الأقل أن نتصورها كيف تكون وما هي البروتوكولات المتبعة وهل منظمة الصحة العالمية تملك ذلك في قانون انشاءها ؟. في تصريح لرئيس المنظمة تيدروس أدهانوم جيبريسوس أن الصين أخفت معلومات عند ارسال المنظمة فريقا للصين للتحري لكن المتعارف عليه في العرف الدولي أن الدولة التي ترفض المساعدة لمنظمة دولية كمنظمة الصحة العالمية فمن المفروض هذا الرفض يؤخذ بعين الاعتبار لفتح دعوى قضائية أمام المحكمة المختصة للفصل أو انشاء محكمة دولية خصيصا للقضية بما أن الفايروس شكل خطرا على الأمن الصحي فحتى تساهل المنظمة في اكمال مسار التحقيق يدحض اتهامها للصين أنها منشأ الفايروس وربما هو ادعاء لكسر تقدمها وتطورها العالمي خاصة الاقتصادي..و كأن الدولتان الأمريكيةوالصينية تتعاملان مع قضية الفايروس على أنه ذريعة معلقة إلى حين توفر عوامل قوية لإعلان حرب صريحة وربما لا لأن المخاوف من الرد تكبح جماح الفضول لدى أمريكا. من جهة أخرى كيف يمكن تصور مسرح الجريمة هل هو واحد وهل هو ثابت ان كان مخبر بيولوجي أم هو متنقل ان كان في جسم طائر كالخفاش ؟ كيف يمكن للمحققين الدوليين تتبع جاني لا يرى بالعين وليس مسؤولا عن جريمة الاضرار بالصحة لأنه نشأ بسبب عامل من العوامل و الأهم من كل ذلك هو مسألة تحور الفايروس وكيف يظهر التحور في دولة من الدول مثل ما حصل في بريطانيا وجنوب افريقيا وهل لمسألة التحور أبعاد استعمارية أم أنها مجرد رحلة طبيعية في حياة الفايروس ولا تستدعي تفلسف أو بحث أكثر .. لنصل في النهاية إلى أنه بما أن مسرح الجريمة غير واضح ولم يتضح بعد من منظمة الصحة العالمية وبما أن العامل الزمني في توجيه أكبر عدد من المساءلات للصين يجعلها تبتعد عن خانة الاتهام بأقصى حرية ويجعل المنظمة العالمية للصحة تهتم بمسايرة الفايروس والوقاية منه بالتعليمات الصحية وكذا بخوض غمار تصنيع اللقاحات وتغافل منشأ الفايروس في الآونة الأخيرة وكأن المنظمة تريد أن تساير رحلة الفايروس في العالم وهي من ستقرر متى سينتهي لأبعاد تحولات عالمية جديدة في كل المجالات ولكننا نعلم أن الله هو من يعلم الغيب وهو من يكتب التوفيق لتمكين الأصلح على أرضه للخلافة...ليبقى العلم مجرد هاجس مغامرة وهاجس تفوق وهاجس ريادة لا أكثر ولا أقل فماذا أخذنا من عبرة من هذا الفايروس على مستوى منظومتنا الصحية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية ؟ هذا السؤال يدفع المسؤولين للتأهب نحو خوض غمار المنافسة ولو من عدم فلربما يحصل ذاك التفوق الذي لم يكن في الحسبان بقدرة قادر..سبحانك ربي تجلت قدرتك وعظمتك فيما خلقت في الانسان وفي الكون