** يقال إنه يجب الاستماع للأذان. لكن ما هو حكم من يفطر عند سماع أذان المغرب؟ هل يعفى بسبب تناوله طعام الإفطار؟ وما هو حكم نفس الأمر عند التسحر عند أذان الفجر؟ * يقول الشيخ محمد صالح المنجد مجيبا عن هذا السؤال: بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد.. اختلف العلماء في حكم إجابة المؤذن ومتابعته في كلمات الأذان والصحيح هو قول جمهور العلماء: أن متابعته مستحبة غير واجبة. وهو قول المالكية والشافعية والحنابلة. قال النووي رحمه الله في "المجموع" (3/127(: " مذهبنا أن المتابعة سنة ليست بواجبة، وبه قال جمهور العلماء، وحكى الطحاوي خلافا لبعض السلف في إيجابها". وفي "المغني" (1/256) عن الإمام أحمد أنه قال: "وإن لم يقل كقوله فلا بأس". ويدل على ذلك قول النبي عليه الصلاة والسلام لمالك بن الحويرث ومن معه: ( إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم). فهذا يدل على أن المتابعة لا تجب، ووجه الدلالة: أن المقام مقام تعليم، وتدعو الحاجة إلى بيان كل ما يحتاج إليه، وهؤلاء وَفْدٌ قد لا يكون عندهم علم بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في متابعة الأذان، فلما ترك النبي صلى الله عليه وسلم التنبيه على ذلك مع دعاء الحاجة إليه، وكون هؤلاء وفدًا لبثوا عنده عشرين يوما ثم غادروا - يدل على أن الإجابة ليست بواجبة، وهذا هو الأقرب والأرجح" من الشرح الممتع (2/75). وروى مالك في "الموطأ" (1/103) عن ابن شهاب عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي أنه أخبره: (أنهم كانوا في زمان عمر بن الخطاب يُصَلُّون يوم الجمعة حتى يخرج عمر، فإذا خرج عمر وجلس على المنبر وأذن المؤذنون قال ثعلبة: جلسنا نتحدث. فإذا سكت المؤذنون وقام عمر يخطب أنصتنا فلم يتكلم منا أحد. قال ابن شهاب: "فخروج الإمام يقطع الصلاة وكلامه يقطع الكلام " . قال الشيخ الألباني رحمه الله في "تمام المنة" (340): هذا الأثر دليل على عدم وجوب إجابة المؤذن، لجريان العمل في عهد عمر على التحدث في أثناء الأذان، وسكوت عمر عليه، وكثيرا ما سئلت عن الدليل الصارف للأمر بإجابة المؤذن عن الوجوب؟ فأجبت بهذا". بناء على ما سبق، فلا إثم على من ترك إجابة المؤذن ولم يتابعه، سواء كان تركه لانشغاله بطعام أو غيره، غير أنه يفوته بذلك الأجر العظيم عند الله تعالى. فقد روى مسلم (385) عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ أَحَدُكُمْ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ. قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ. ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ. قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ). وليس هناك تعارض بين تعجيل الفطر والترديد خلف المؤذن، فيستطيع الصائم أن يبادر بالفطر بعد غروب الشمس مباشرة، وفي الوقت نفسه يردد خلف المؤذن، فيكون قد جمع بين الفضيلتين: فضيلة المبادرة بالفطر، وفضيلة الترديد خلف المؤذن. ولم يزل الناس قديماً وحديثاً يتكلمون على طعامهم، ولا يرون الطعام شاغلاً لهم عن الكلام، مع التنبيه أن تعجيل الفطر يحصل بأي شيء يأكله الصائم ولو كان شيئاً يسيراً، كتمرة أو شربة ماء، وليس معناه أن يأكل حتى يشبع. وكذلك يقال أيضاً إذا أذن الفجر وهو يتناول السحور، فيمكن الجمع بين الأمرين بلا مشقة ظاهرة. غير أنه إذا كان المؤذن يؤذن للفجر بعد دخول الوقت، فيجب الكف عن الأكل والشرب عند سماع أذانه فوراً.