حقيقة مأساة خطف السويد لأطفال المسلمين.. واقع أم تهويل وتدويل؟ مساهمة: محمد مصطفى حابس: جينيف / سويسرا في مقالات سابقة كنت كتبت معجبا في زيارات معدودة لدول شمال أوروبا بجهود جاليتنا المسلمة في الدول الاسكندنافية حيث شاركنا في ندوات حول العمل الإسلامي وتجاربه الواعدة في أوروبا والدول الاسكندنافية عموما وفي مملكتي السويد والنرويج خصوصا كان ذلك قبيل جائحة كورونا وفي الدخول المدرسي الأخير أي في شهر نوفمبر الماضي كما يذكر البعض منكم أنه باغتنا بعض إخواننا المشرفين على هذه المشاريع الإسلامية الواعدة ببيان مفزع حقا حيث أعلن يومها الوقف (الإسلامي) الاسكندنافي للتعليم وهو مؤسسة تعليمية متخصصة تعمل في اسكندنافيا ودول الشمال وتسعى لتقديم تعليم متميز من خلال مؤسساتها التعليمية طبقاً للمواصفات والمعايير السويدية والاسكندنافية.. أعلن - الوقف- يومها خبر إغلاق مؤسساته التعليمية في مدينة أوربرو - التي زرناها قبيل جائحة كورونا - والتي تضم: (مدرسة السلام روضة السلام السلام للوقت الحر) وهي ضربة موجعة لجاليتنا هناك مؤكدًا على أنّ سبب هذا القرار يعود إلى حملة التضييق الممنهجة التي يتعرض لها منذ مدة من قبل عدد من الشركات الخاصة التي توفر خدمات تأمين على المباني والعاملين فيها مشيرا إلى أن سياسة التضييق هذه التي اتخذتها هذه الشركات لم تتخذ بسبب أخطاء مالية أو تعليمية وإنما لأسباب عنصرية واضحة تقوم على أساس التمييز لكي لا يستمر الوقف الإسلامي في تحقيق رسالته في المعرفة والمحبة والسلام على حد تعبير البيان. أوقفوا خطف أطفالنا واليوم تطلع علينا من مملكة السويد أخبار أخرى مفزعة ذلك ما يلاحظه منذ أسابيع كل مهتم بجاليتنا هناك خصوصا في منصات التواصل الاجتماعي إذ ازداد التفاعل خلال الأيام الماضية مع وسم أوقفوا خطف أطفالنا الذي أطلق للفت الانتباه إلى ما تتعرض له عائلات لاجئة في السويد من فصل السلطات أطفالها عنها بذريعة أن العائلة غير مؤهلة لرعايتهم !!.. ويتداول رواد هذه المنصات من عرب ومسلمين باللغتين العربية والإنجليزية شهادات وقصصا تتهم هيئة الخدمات الاجتماعية السويدية بانتزاع الأبناء من أسر اللاجئين العرب والمسلمين ولتسليمهم للرعاية العامة لهيئة الخدمة الاجتماعية في السويد وهي بدورها تسلمهم إلى أسر جديدة أو مراكز رعاية الأطفال المعروفة بهدف تأمين بيئة أفضل لهم ؟؟ والأدهى والأمر أن هؤلاء الأطفال يسلمون لعائلات ليست مسلمة في عمومها بل عائلات غريبة وحتى غير التقليدية التي نعرفها المتكونة من رجل وأمرأه بل رجلان متزوجان مع بعض أو امرأتان مع بعض؟؟ ومثل هذه النماذج للعائلات الجديدة أصبحت معروفة في أوروبا وتدرس حتى في مناهج التدريس للأطفال؟! وهي من دون شك من القضايا المأساوية الكبيرة بالنسبة إلى الأسر المسلمة وحتى غير المسلمة المعنية بهذه المصيبة كما أنها ليست من القضايا السهلة بالنسبة حتى للأطفال أنفسهم على صغر سنهم وهي تعد لا محالة تمزيقا للأسرة وتشريدا لأفرادها والله المستعان.. كما أن هذه المشكلة تكلف المجتمع الكثير من الجهود والأموال وتثير الكثير من المشاعر والمواقف المتباينة من مختلف الأطراف حتى في المجتمعات الغربية. ولكن التدابير والإجراءات التي تُعتمد في سياق البت في هذه القضايا وسبل التعامل معها وطرق الحل هي مبنية على القوانين السويدية التي تسري على الجميع من دون أي استثناء- كما يروج- وهي تأخذ مصلحة الأطفال بعين الاعتبار أولاً - حسب قوانينهم- وعادة لا يتم اللجوء إلى إجراء السحب ألا بعد التيقن من صحة ما يتعرض له الطفل أو الأطفال من ضغوط نفسية أو جسمية (غالباً ما يكون الضرب هو السبب) من قبل أحد الوالدين أو كليهما.. كما أن مصالح الرعاية الاجتماعية حسب بعض الملاحظين أنها توسعت في المحظورات والمخالفات التي يسحب من أجلها الأطفال تصطدم مع قواعد شرعية ثابتة وأحكام إسلامية مستقرة فهم يعتبرون حديث الوالدين إلى البنت في أهمية الاحتشام والترغيب في الحجاب من القهر الأسري ومما يشيب لهوله الجنين أنهم يصنفون تحذير الأسرة لأولادها من الزنا والخنا والعلاقات المحرمة جريمة شرف معتبرين أن ما يندرج تحت مصطلح الشرف في الثقافة الإسلامية هو عدوان على الحرية الشخصية!! من أسباب المصادمات داخل الأسرة التوتر والاختلاف حول الأولويات وبناء على أرقام الإحصائيات التي نشرها مركز المعلومات السويدي بلغت حالات سحب الأطفال من أسرهم خلال عام 2019 في جميع السويد لأسباب لها علاقة بضرورة المحافظة على سلامتهم الجسمية والنفسية 7900 حالة منها 4800 حالة تخص أطفالاً من أصول سويدية ومنها 3100 حالة تشمل أطفالاً من أصول مهاجرة عموما عربية وإسلامية. بغض النظر عن هذه الاحصائيات العلنية والمستترة فإنّه بالنسبة لمسألة الأطفال واليافعين من أبناء المهاجرين هناك مشكلة يعاني منها الآباء والأمهات خاصة من العرب القادمين الجدد (الذين لم يمض على وصولهم إلى السويد أكثر من خمس سنوات) تتمثل في انشغالهم بأنفسهم من جهة ضرورة تعلم اللغة والبحث عن العمل وصعوبات التأقلم مع المجتمع الجديد من جميع النواحي وغالبا لا يمتلك الوالدان الوقت الكافي أو المعارف الكافية لمتابعة أطفالهم والاهتمام بهم وتوجيههم الأمر الذي يؤدي إلى مصادمات داخل الأسرة نتيجة التوتر والاختلاف حول الأولويات وبفعل تأثير العوامل المحيطة.. ولكن في بعض الأحيان بالنسب للأطفال اليافعين في بداية البلوغ بنات وذكور يكون التصادم مع الأهل هو السبب الاول. ويتعرض الأطفال احيانا بوصفهم الحلقة الأضعف للضغط وحتى الضرب مما يستوجب تدخل هيئة الخدمة الاجتماعية المعروفة باسم السوسيال لتعالج الأمور بين الأطفال وأسرهم.. وتبذل الجهود عبر النصح والتوجيه عموما. ولكن في حال عدم التفاهم يتم سحب الطفل من أسرته لوضعه بصورة مؤقتة لدى أسرة حاضنة أو في مركز رعاية الأطفال ريثما تصبح الأمور أفضل ضمن أسرته ليعود إليها وفي الأثناء قد يبتعد الأطفال عن دينهم وقد تُفرض عليهم طقوس أو شعائر لا تتناسب مع دينهم أو يتعرضون لأمور أخرى قد تصل إلى حد تجاوزات جنسية لا قدر الله.. يبيح القانون لهيئة الخدمات الاجتماعية سحب جميع أطفال العائلة !! ويبيح القانون السويدي الخاص المتعلق برعاية القُصر (تحت ال18 سنة) لهيئة الخدمات الاجتماعية سحب جميع أطفال العائلة إذا ما تعرّض أحدهم لظروف تعتبرها الخدمة الاجتماعية غير مناسبة ضمن الإطار العائلي مثل العنف أو عدم القدرة على إعطاء الطفل ما يحتاج إليه من أساسيات.. من جهة أخرى هناك حقائق لا يجب التفريط في ذكرها إذ يعاني أطفال المهاجرين في السويد وغيرها خاصة اليافعين منهم من واقع صعب نتيجة عسرة اختيار القيم والمعايير والقواعد غير المكتوبة التي عليهم الالتزام بها كمسلمين مع تفشي مظاهر الإباحية وعدم معرفة الوافدين الجدد بقوانين البلاد ومدى جدية الدولة في تطبيق القانون تطبيقا صارما. مما جعل الأسر العربية تتخوف من أن يتحول الأمر إلى ما يشبه الضبطية القضائية فمن يختلف مع عائلة أو أسرة من السهل أن يشي بهم ل السوسيال بأنّهم غير مؤهلين للتربية ببلاغ بسيط ويتم فصل الأطفال عن عائلتهم دون تحقيق عكس ما ينص عليه القانون؟! وبعد حملة أوقفوا خطف أطفالنا التي أثارت ضجة كبيرة في البلاد ودول الجوار.. الأمر الذي دفع السويد بإعلانات توضيحية رسمية تشرح فيه تفاصيل إبعاد الأطفال عن آبائهم ودوافعها.. حكومة السويد ترد على ما وصفتها ب حملة التضليل .. نفت الحكومة السويدية اختطاف أجهزة خدمتها الاجتماعية للأطفال المسلمين من أهاليهم إذ شددت وزارة الخارجية السويدية في سلسلة من المنشورات على صفحتها على تويتر خصصت للرد على ما وصفتها ب حملة التضليل على أن الاختصاصيين الاجتماعيين يحتاجون إلى أمر من المحكمة لإبعاد الأطفال عن آبائهم دون موافقتهم وأفادت الوزارة بأنّه في حالة حدوث ذلك فإنّ فرضية العمل تتمثل في أنه سيجري لمّ شمل الطفل بوالديه. وكل هذا ينفذ في النهاية تحت رعاية وإشراف مهنيين مدربين .. وأضافت في السياق ذاته أن أي قرار تتخذه أجهزة الخدمة الاجتماعية بما يتضمن حالات يجري فيها فصل الطفل مؤقتاً عن والديه يضع دائماً سلامة ورفاه الطفل في المقام الأول . ومن جانبها ادعت هيئة الدفاع النفسي السويدية والتي تأسست لمواجهة المعلومات المضللة بأنّ أخبار اختطاف الأطفال المسلمين التي انتشرت الأسبوع المنقضي بشكل واسع يعود مصدرها إلى موقع إلكتروني يصدر باللغة العربية ويدعم مؤسسه تنظيم داعش الإرهابي على حد تعبيرها.. ومن جهته قال وزير الهجرة والاندماج أندرس يغمان في تصريح إعلامي بأنّ الأكاذيب يجب أن تواجه بالحقائق . وأضاف قائلاً إنه يجب على المسلمين والأئمة في السويد النأي بأنفسهم عن هذه الدعاية والمعلومات المضللة حسب تعبيره. المجلس السويدي للأئمة وهيئات إسلامية تنظم ندوات تحسيسية وكان قد أطلق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية حملة واسعة تحت عنوان أوقفوا خطف أطفالنا كما ذكرنا أعلاه تنديداً بظاهرة خطف الأطفال من أسرهم التي تمارسها السلطات السويدية بحق اللاجئين العرب والمسلمين على تعبير بعض الملاحظين.. من جهة أخرى وجه المجلس السويدي للأئمة دعوة لحضور لقاء تفاعلي يتم فيه مناقشة الوضع الراهن بالسويد وما هو الدور الذي يستطيع أن يقوم به الإمام في ظل الأحداث الجارية حالياً وما هي الحلول العملية المقترحة. وذلك يوم الأحد الموافق: 20 02 2022م من الساعة 16:00 19:00 بالمسجد الكبير بستوكهولم.. كما دعت من جهتها رابطة علماء المغرب العربي إلى تنظيم ندوة علمية دولية لمعالجة القضية بعنوان: أطفال المسلمين في الغرب المخاطر والحلول- السويد نموذجا- وفق محاور متنوعة منها خصوصا: واقع المسلمين في السويد - مشكلة السوسيال وعلاقته بأطفال المسلمين - الحكم الشرعي لتسليم أطفال المسلمين لأسر غير مسلمة - والواجب على الأمة المسلمة وقادتها ينشط هذه الندوة مشايخ منهم: د. الحسن الكتاني والشيخ الدكتور محمد الصغير والشيخ الدكتور محمد يسري والشيخ المختار مومن والناشطة الحقوقية زينب لطيف والخبير الإعلامي د.عثمان عثمان الصحافي الأسبق في قناة الجزيرة القطرية وغيرهم.. وقد ذكر بعض الدعاة أنه يجب على المسلمين أن يوفروا لأولادهم المدارس والمحاضن التي تعلمهم العقيدة واللغة وتحافظ على الهوية وإلا وَجَب عليهم التحول إلى غيرها وإن فشلوا في ذلك فقد ارتكبوا أكبر الآثام لقول النبيصلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول فكيف الحال الآن والضياع أصبح للابن ولدينه في ضربة واحدة لأن الطفل سينشأ على دين الأسرة التي يعيش بينها إن كانوا ممن يؤمنون بالأديان أصلا !!.. في انتظار عودة بعض الأسر إلى التربية بالتي هي أحسن والحكومات إلى رشدها بمراعاة حقوق الأسر والأطفال معا علما ان الدول الاسكندنافية من أحسن الدول ديمقراطية في الغرب واحتراما للمهاجرين عكس الدول التي لها سوابق استعمارية كفرنسا ومن على شاكلتها.. وللحديث بقية - بحول الله - حول هذا الموضوع الشائك والحرج لجاليتنا لنقل بعض الوقائع والحلول التي قد تقترحها هيئاتنا الإسلامية في الدول الاسكندنافية لإنقاذ بعض الأسر مما تتخبط فيه والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.