منظمات حقوقية: على فرنسا التوقف فورا عن ترحيل الجزائريين بطريقة غير قانونية    وزارة الشؤون الخارجية : نائب القنصل العام المغربي بوهران شخص غير مرغوبا في الجزائر    بمناسبة الذكرى المزدوجة ليوم الأرض واليوم العالمي للقدس..حركة البناء الوطني تنظم وقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني    تمنراست: جثمان عضو مجلس الأمة عبد الله مسك يوارى الثرى بمقبرة قرية تبيربيرت    سكيكدة : استحداث وحدة خاصة بجراحة الأسنان لفائدة أطفال التوحد و التريزوميا 21 و غير المتكيفين ذهنيا    رئيس مجلس الأمة يعزي في وفاة الفنان حمزة فيغولي    وزير الصحة يستقبل سفير جمهورية زيمبابوي بالجزائر    عيد الفطر: الدرك الوطني يسطر مخططا أمنيا وقائيا    مؤسسة "نات كوم": تسخير 4200 عون و355 شاحنة لضمان نظافة الاحياء والأماكن العامة بالعاصمة خلال أيام عيد الفطر    تعليمات صارمة للرؤساء المديرين العامين للموانئ لتسريع معالجة حمولات البواخر    العدوان الصهيوني على غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 50277 شهيدا و114095 جريحا    بطولة المدارس الإفريقية لكرة القدم : اجتماع تنسيقي ما بين الفاف- المديرية الفنية الوطنية و الاتحادية الجزائرية للرياضة المدرسية    كأس الجزائر : فريق شباب بلوزداد يكمل المربع الذهبي بإقصاء مولودية بجاية    فلسطين تطالب الأمم المتحدة بالتحرك لوقف الإبادة الصهيونية في غزة    مسابقة تاج القرآن الكريم: اختتام الطبعة ال14 بتتويج الفائزين    حملة تحريض منظّمة ضد المقاومة في غزّة..    الجيش الوطني يواصل دحر الإرهاب    وزارة التربية تتحرّك..    عمورة ثاني أفضل هدّاف بعد صلاح    البطاقة الذهبية ستتحوّل إلى كلاسيكية    دعوة إلى الالتزام الصارم بالمداومة    حشيشي يتفقد الوحدات الإنتاجية    تنظيم حفل ختان جماعي    الشرطة تُعزّز تواجدها    أوقفوا العُدوان على غزّة..    الجزائر تُكرّم حفظة القرآن    لقد كان وما زال لكل زمان عادُها..    تكوين شبكة للجزائريات الوسيطات    تكريم المتفوّقين في المسابقة لحفظ وتجويد القرآن الكريم    إطلاق أول ناد يهتم بصحة الشباب ومحاربة المخدرات    إبراز دور القيم المهنية للصحافة في الدفاع عن الوطن    تتويج فريق القناة السادسة بالطبعة الرابعة    تسويق 238 ألف كيلوغرام من اللحوم المستوردة    حلويات قسنطينية تروي قصة تراث وعزيمة    خالدي وبن معزوز يمنحان تأهلا سهلا ل"سوسطارة"    تواصل العدوان الصهيوني على جنين وطولكرم ومخيم نور الشمس    مخزون كبير في المواد الغذائية    صور من الغث والسمين    عمق العلاقات الزوجية وصراعاتها في ظل ضغوط المجتمع    مشروع "بلدنا الجزائر" يدخل مرحلة التنفيذ    6288 سرير جديد تعزّز قطاع الصحة هذا العام    وفاة شخص بصعقة كهربائية    إرث جمال مناد سيظل خالدا في الذاكرة    بلمهدي يستقبل المتوّجين    إنفانتينو يعزّي في وفاة مناد    أعيادنا بين العادة والعبادة    "سوناطراك" فاعل رئيسي في صناعة الغاز عالميا    عيد الفطر: ليلة ترقب هلال شهر شوال هذا السبت    سوناطراك: حشيشي يتفقد الوحدات الانتاجية لمصفاة الجزائر العاصمة    عيد الفطر: ليلة ترقب هلال شهر شوال غدا السبت (وزارة)    اليوم العالمي للمسرح: المسرح الوطني الجزائري يحتفي بمسيرة ثلة من المسرحيين الجزائريين    كأس الجزائر: تأهل اتحاد الجزائر ومولودية البيض إلى الدور نصف النهائي    اختتام "ليالي رمضان" بوهران: وصلات من المديح الأندلسي والإنشاد تمتع الجمهور العريض    هذا موعد ترقّب هلال العيد    صحة : السيد سايحي يترأس اجتماعا لضمان استمرارية الخدمات الصحية خلال أيام عيد الفطر    قطاع الصحة يتعزز بأزيد من 6000 سرير خلال السداسي الأول من السنة الجارية    رفع مستوى التنسيق لخدمة الحجّاج والمعتمرين    حج 2025: برايك يشرف على اجتماع تنسيقي مع وكالات السياحة والأسفار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فرنسا وأول تجربة تنصيرية في التاريخ -الجزء السابع والتسعون-
نشر في أخبار اليوم يوم 15 - 03 - 2022


في مدينة الأبيض سيدي الشيخ
فرنسا وأول تجربة تنصيرية في التاريخ
-الجزء السابع والتسعون-
بقلم: الطيب بن ابراهيم
*مفاجأة إعادة النظارات التائهة في الصحراء بين الأبيض والمنيعة
تَميَّز قساوسة إرسالية إخوة يسوع الصغار بالأبيض سيدي الشيخ بالحركة التي لا تهدأ والنشاط الذي لا يتوقف خاصة رئيس الإرسالية الأب روني فوايوم فهو رجل غريب في نشاطه ولا يهدأ له بال إلا في الحركة على الدوام سواء في مدينة الأبيض وأحيائها وبواديها أو على مستوى الجزائر ومدنها وقراها أو على مستوى فرنسا والفاتيكان أو القارة الإفريقية وهو الذي قصد الكاميرون منطلقا من الأبيض أكثر من مرة وجال العالم كله من الشيلي جنوبا إلى ألاسكا شمالا ومن الهاواي إلى اليابان والتايوان شرقا ليس هذا فقط بل هو صاحب عشرات المؤلفات وكأنه كان يكتب في حله وترحاله أو هو كذلك.
كان تواجد إخوة إرسالية الأبيض بالصحراء يتطلب منهم منذ اليوم الأول البحث عن مرشد كفء ودليل يقودهم لاكتشاف عالمهم الجديد المحيط بهم والغريب عليهم ثقافيا واجتماعيا وجغرافيا وما عليهم إلا التأقلم معه والتعامل مع مساحاته الشاسعة المليئة بالكثبان الرملية والزوابع المتطايرة التي تخفي السماء والآفاق وكيف يسافر سكانها حسب الحاجة ليلا ونهارا ويقطعون مسافات بمئات الكيلومترات سيرا على الأقدام والجمال.
يقول جلال الدين الرومي: من يدخل الطريِق بِلا مرشد سيستغرق مائة عام في رِحلة لا تحتاج سوى يومين . وقد يعتبر ذلك قاعدة عامة في سالك كل طريق لأول مرة في حياته وفي دروب معرفة كل عَالم غريب عليه يجهل مسالكه وهكذا كان حال رجال الإرسالية مع مرشدهم المدعو الشيخ بن بحوص حيث اتفقوا معه ليكون دليلهم ومرشدهم إلى بوادي الأبيض وصحراء الجزائر المترامية.
*المرشد الشيخ بن بحوص
الشيخ بن بحوص أحد سكان بوادي الأبيض سيدي الشيخ رجل بدوي خبير بممرات الصحراء ومسالكها وكثبانها كان من أوائل من تعاملت معهم إرسالية إخوة يسوع الصغار برئاسة الأب روني فوايوم منذ يومها الأول يعرف مسالك الصحراء في كل الأوقات في الليل والنهار وفي كل الفصول وفي كل الاتجاهات والأحوال الجوية أثبت ذلك عن جدارة وفهم ذهنية وعقلية مرافقيه وأصبح الشيخ بن بحوص محل ثقة واحترام رجال الإرسالية في حلهم وترحالهم وهو من يتصرف مع ضيوفهم أثناء سفرهم وخلواتهم في الصحراء وفي حالة حاجته لمرافق يساعده كان يستعين بمرافقه أخيه الطيب.
أول خُلوة رافق فيها الشيخ بن بحوص رئيس الإرسالية الأب فوايوم إلى منطقة بادية بتوام كانت يوم الجمعة 14 سبتمبر سنة 1934 حيث خرجا على الساعة 9 صباحًا بجَمَليهما. كما رافق الشيخ بن بحوص بقية الإخوة بما فيهم المستشرق لويس غاردي في خلوته رفقة زميله مارسال في خلوتهما بالنخيلة والبنود بتاريخ 13 نوفمبر سنة 1935 التي دامت شهرا كاملا ليعودوا يوم 13 ديسمبر1935.
بدأت العلاقة بين مرشد الصحراء الشيخ بن بحوص ورئيس الإرسالية تتطور وازدادت الثقة به إلى درجة أن رجال الإرسالية أصبحوا يكلفونه نيابة عنهم بالسفر وجلب حاجياتهم بالبيع والشراء بأسمائهم وهو الذي كلف بشراء ناقتين يختارهما من بين قطيع السي العربي. ويوم 3 أكتوبر سنة 1934 سافر الشيخ بن بحوص للبيض لشراء جمال للإرسالية خاصة بها نزولا عند نصيحة منه بدل استئجار جمال كل مرة عند الحاجة. وهو الذي أرسل بالجمال إلى المنيعة لإحضار التمر الذي يوزع على الفقراء بمناسبة عيد الميلاد وعادت جماله محملة للأبيض يوم الجمعة 7 ديسمبر سنة 1934. يقول عنه رئيس الإرسالية الأب فوايوم: الشيخ بن بحوص رفيقا مخلصا ينحدر من عائلة من البدو وكان مرشدًا ممتازًا وسائق جمال كفء في الصحراء .
*المرشد وقصة النظارة التائهة
يقول رئيس إرسالية الأبيض الأب روني فوايوم عن حادثة استعادة نظاراته التائهة في الصحراء أنها من ذكرياته الخاصة التي لا تنسى في صحراء الجزائر ومن جهة أخرى أنها تعكس حقيقة رجل الصحراء ومرشدها الذي يتعامل مع عالم مجهول وامتدادات لا متناهية وكأنه يتحرك في محله التجاري أو في بيته الذي يسكنه ويعرف ما بكل ركن وزاوية منه.
القصةُ حدثت بعد ما يقرب من خمس عشرة سنة من العلاقة بين رئيس الإرسالية ومرشده الشيخ بن بحوص وما تكوّن بينهما من ثقة متبادلة حيث سافر الأب روني فوايوم سيرا على الأقدام بجماله في بداية شهر مارس سنة 1938 رفقة مرشده الشيخ بن بحوص انطلاقا من الأبيض سيدي الشيخ إلى مدينة المنيعة التي تبعد عنها بمئات الكيلومترات منها 150 كيلومترا هي عبارة عن كثبان رملية العرق الشرقي . يقول الأب روني فوايوم أنه خلال سفره عبر ذلك الطريق الطويل كان في أحد الأيام يقرأ كتابه وبعد الانتهاء من القراءة نسي نظارته في مكانها ولم يتذكرها إلا بعد فوات الأوان وما كان عليه إلا أن يواصل سيره.
أخيرا وصل الأب فوايوم إلى مدينة المنيعة وحضر حفل افتتاح كنيسة القديس يوسف التي حضرتها شخصيات كنسية وعسكرية رفيعة منها جنرالات وأساقفة والتقى مع بعض معارفه وأساتذته القادمين من فرنسا وبعد انتهاء الحفل قرر السفر مع بقية الضيوف عبر سياراتهم إلى العاصمة ليعود مرشده الشيخ من بحوص منفردا بجماله من المنيعة إلى الأبيض سيدي الشيخ وقبل افتراقهما يقول الأب فوايوم في حديثه مع مرشده الشيخ بن بحوص: طلبت منه مازحا أن يعيد لي نظاراتي النظارة التي نسيها في الطريق ولم يكن جادا في حديثه وسلك كل منهما طريقه الشيخ بن بحوص في اتجاه الأبيض والأب فوايوم في اتجاه العاصمة ليلتقيا بعد عدة أيام في الأبيض سيدي الشيخ ويواصل الأب فوايوم القول: وللدهشة الكبرى قد أحظرهما وفعلا أعاد الشيخ بن بحوص النظارات التائهة في صحراء نصفها عرق ونصفها رقّ بمسافة 15 يوما سيرا على الأقدام وبتضاريس متحركة تحرك رمالها ومتغيرة بتغير اتجاه رياحها طريق عرضها يتراوح بين عشرات ومئات الأمتار ومع ذلك أعاد المرشد النظارات بدون عناء وكأنها كانت في صندوق أو خزانة بيته الصحراء !!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.