مراصد إعداد:جمال بوزيان مِن تداعيات كأس العالَم في قَطر الحملة الغربية على البلد المُنظّم.. أهداف وخلفيات كأس العالم لكرة القدم ملتقى دولي تتنافس فيه المنتخبات رياضيا بعيدا عن أي تهريج أو فوضى منظمة أو عهر من عدة جمعيات ونواد وغيرها تسعى إلى نشر قيم لا تمت بصلة للرياضة بالدرجة الأولى وتنافي قيم الشعب القطري البلد المنظم والعرب عموما. لقد وُصِفت الاستعدادات بالممتاز من أجل إنجاح التنظيم بمعايير عالمية لا سيما أن قطر أول بلد عربي ينظم هذه المنافسة..لكن الاستفزازات المدعومة غربيا بدرجة أولى أفاضت الكأس. التجني على قَطر أ.م. رابح لكحل لا يختلف اثنان على أن دورة كأس العالم 2022 المقامة في قطر والتي يتابعها باهتمام الملايين حضوريا والملايير عبر الشاشات أبرز حدث عالمي حاليا والملفت في هذه النسخة حملة الافتراء المسعورة التي رافقتها مند الإعلان عن فوز قطر بشرف احتضانها منذ 12 سنة حيث كانت البداية كما هو معهود من بريطانيا ثم فرنسا وانتهاء بالدول الغربية عموما كأبرز طرف في هجمات التضليل والكذب التي لم تتوقف إلى اليوم. ولغرابة ما يطرح وسذاجته في أحيانا كثيرة نحاول فهم دوافع الحملة الغربية وأهدافها وهي فرصة لتعزيز وعينا بما يحدث وطبيعة المعركة التي نخوضها رغما عنا. 1-أهم الملفات المثارة / في حملتهم المنسقة سياسيا وإعلاميا ركز الغرب على عنوان واحد قديم في أصله (يلوحون به حسب حاجتهم) وهو أن قطر دولة فاسدة تنتهك حقوق العمال الأجانب تقمع الحريات الشخصية وتمنع المعارضة السياسية ولتوضيح ما يقصدونه هاهي تهمهم بالتفصيل: 1-إثارة شبهة الفساد في نيل حق استضافة البطولة: وكالعادة أول من بدأ الهجوم صحف بريطانية (تحديدا الغارديان) طالبت بسحب ملف استضافة قطر للبطولة بدعوى الفساد الذي رافق تقديم ملفها...! ولإثبات تلك المزاعم تجند كلا من القضاء السويسري ثم الأمريكي وفتحوا تحقيقات دقيقة ومطولة ودعمتهما لجنة الأخلاق في الفيفا والتي أجرت تحقيقهاعلى مدارعامين.. لكن مسعاهم لإثبات التهم انتهى إلى تبرئة قطر من أي مناورة أو مسعى غير شرعي لشراء أصوات المقترعين (بالعكس تقرير لجنة الأخلاق أثبت عدم وجود أي شبهة فساد..) وهكذا خسر الغرب المنافق أول أوراقه في حربه التي لا تتوقف. 2-البكاء على وضع العمال الأجانب: بعدأن برؤوا قطر من تهمة الفساد من حيث أرادوا إثباته لم ييأسوا وأخرجوا ملفا آخر وتجندوا لإثارته ومحاولة الضغط باستعماله فتبنوا ملف العمال الأجانب الذين يعملون على تشييد الملاعب والبنى التحتية وظروف عملهم الصعبة وأعلنوا تعاطفهم معهم وفي هذا السياق وبهدف تهييج الرأي العام العالمي زعموا دائما الغارديان كرأس حربة أن حوالي 6500 عامل أجنبي لقوا حتفهم أثناء عملهم فيقطر وقدموا الأمر للرأي العام الدولي بما يفهم أن وضع العمال الأجانب لا يختلف عن وضع عبيد العصور الغابرة (يعملون تحت ضربات السوط و لفحات الشمس الحارقة..)..! وتحت تأثير هذه الدعاية الإعلامية الواسعة سارعت كلا من منظمة العفو الدولية والمنظمة العالمية للعمل لإجراء تحقيقات موسعة انتهت إلى تبرئة قطر مرة أخرى ونفت جملة وتفصيلا المعلومات والأرقام التي روجها الإعلام الغربي المنافق وأكدها بعض سياسييهم وهكذا أُفرغ ملفهم الثاني وأجهز عليه تقرير منظمة العمل الدولية الذي أكد بوضوح أن: -الحد الأدنى للأجور في قطرمساو للحد الأدنى في بريطانيا. -عدد العمال الذين توفوا خلال فترات عملهم في منشآت كأس العالم (طوال السنوات ال12 الماضية) ثلاثة عمال فقط. - ظروف العمال في قطرلاتختلف عن ظروف العاملين في بريطانيا في شيء. - قطر عدلت تشريعاتها (مثل إلغاء نظام الكفالة وضع قانون خاص بالعاملات في المنازل ..إلخ)بما يضمن حقوق العمال ويُؤمن لهم معيشة لائقة على أراضيها.. ومرة أخرى يخسر الغرب المنافق ورقته الثانية ويتأكد ذلك بتراجع صحيفة الغارديان واضطرارها للاعتراف بعدم صحة الأرقام التي أعلنتها(لا يوجد منطق أو عقل يسمح بتدوير الرقم 3 وتقريبه إلى 6500...إلا منطق الكاذب الفاجر). 3-التباكي على البيئة: وفي إطار تبادل الأدوار الفرنسيون هم أول من أثار ملف البيئة هذه المرة واحتجوا بكون عملية التبريد المستخدم في منشآت كأس العالم بقطر ينتج عنها انبعاثات كربونية تلحق الضرر بالبيئة متناسين نقطتين أساسيتين في هذه القضية: - إلزام قطر بتعويض أضرار الانبعاثات. - استخدام قطر الطاقة الشمسية في تبريد الملاعب (ما يعني أن الملاعب المونديالية صديقة للبيئة). والأهم قفزهم على ما هو أخطر وأن الانبعاثات الكربونية أعلى بكثير في الملاعب الأوروبية التي يتم تدفئتها أثناء فصل الشتاء وبهذه الردود القوية والجازمة على لسان رئيس لجنة تنظيم المونديال(القطري ناصر الخاطر) تراجع الغرب المنافق عن استعمال هذا الملف وسقطت الورقة الثالثة في مسعاهم الكاذب. 4-التأسف عن غياب المعارضة السياسية: وعلى النسق نفسه أثاروا غياب الديمقراطية في قطر (فلاأحزاب ولا معارضة سياسية... إلخ) وسيتعب أي عاقل موضوعي إن أراد أن يفهم لماذا يركز الغرب ويتباكى على غياب مظاهرالحياة السياسية (حسب فهمه وتعريفه) في دورة رياضية..! بدلاً من الحديث عن الجوانب الرياضية الفنية منها أو اللوجيستية أو حتى عن قدرات قطر على تنظيم التظاهرة..! بالرغم: - مما يتشدقون به من مبادئ مثل إبعاد الرياضة عن السياسة -من أنه سبق لهم المشاركة دون أي حرج في منافسات عالمية في دول يضرب بها المثل في الاستبداد والقمع(آخرها الألعاب الأولمبية في الصين) -من أنه لم يسجل على قطر إعدامها لمعارضين أو تعذيبهم ولا حتى وجود معتقلي رأي في سجونها.. وبهذا التناقض الذي أثاره وفضحه حتى بعض المثقفين المنصفين منهم سقطت الورقة الرابعة وخف صوتهم حول هذا الملف. 5-الصراخ على قمع المثلية: من أحط مارفعه الغرب الماجن المطموس الفطرة ضد قطرملف قمع المثليين واعتباره من أهم مظاهر هضم حقوق الإنسان وانطلقوا في ذلك على اعتبار الشذوذ ظاهرة طبيعية(حاولوا إثبات ذلك بالتجربة على الحيوان وفشلوا..؟!) وأخذ هذا الملف أهمية خاصة لكون إثارته مستمرة و كانت مبرمجة أثناء إجراء المقابلات..والظاهر أنهم بطرحهم الساقط هذا لامسوا الحد الأقصى للتحمل لدى الإنسان الطبيعي ولهذا رأينا الموقف القطعي للفيفا(بقيادتها الغربية أساسا) ووقوفها الحازم ضد كل من يروج لهذا الطرح وسقطت بذلك ورقة أخرى من أوراق الكذب والفجور 6-البكاء على غياب الخمور: وعلى النسق ذاته الغريب والشاذ تعامل الإعلامالغربيمع مسألة المشروبات الكحولية كقضية حياة أو موت ويبدو لمن يتابع حرصهم على إدراجها تحت راية الحريات الشخصية أن السكر العلني والسير ثملا مباح أو لنقل مستحبا في مدنهم...! متناسين أن قرار منع الخمور في الملاعب ومحيطها ليست السلطات القطرية من أصدرته بل من القوانين الصارمة للفيفا والتاريخ القريب يفضح ازدواجية أحكامهم وعنصريتها فقد سبق لفرنسا في يورو 2016 أن وسعت دائرة المنع(بقرار من وزارة داخليتها بسبب أعمال الشغب..) ولم ينتقدها الإعلام الغربي الذي يدّعي الحرية والموضوعية. 2-خلفياتهم /الخلفيات والدوافع مختلفة ومتداخلة ومن الخطإ أن نفسرها بعامل أوبدافع واحد ولو أردنا تلخيصها يمكن أن نقسمها إلى قسمين أساسيين: 1- مبدئية: منطلقها عقدي أساسه تشبعهم بمركزية الغرب حيث يرون أن من واجباتهم المقدسة فرض منطقهم المتحضر على الهامش المتخلف ويلخص هذا الصورة المحدثة للثقافة الاستدمارية التي يحملونها في جيناتهم فيمنحون لأنفسهم الحق الحصري في تعريف ما هو خير(وهو كل ما يعتقدونه) وتمييزه عن الشر (وهو كل ما يعتقده غيرهم). 2-مصلحية: وهي الصورة الحقيقية للغرب المنافق فتباكيهم وصراخهم من أجل أي قيمة(صحيحة أو خاطئة) مرتبط بما ينالونه من مصالح مادية وفقط فلو نجرى مسح بسيط نجد ألمانيا انخرطت في الحملة ضد قطر بكل ثقلها بعد فشل رئيسها في الحصول على الغاز القطري لتعويض الغاز الروسي والشيء عينه يقال عن الدانمارك التي انقلب موقفها 180 درجة(من التأييد والدعم لتنظيم قطر للمونديال على لسان أعضاء من أسرتها الحاكمة في 2016 إلى الرفض..) وارتفع نباحها المزعجبعدرفض قطر تجديد عقد شركة نفط دانماركية كانت تشغل أكبر حقل لديها والأمر ذاته نلمسه في الموقف الفرنسي الذي تحول إلى المداهنة ورفع شعار إبعاد الرياضة عن السياسة بعد ما أحس بخطر دعايته على مصالح شركاته في قطر. 3-كيف ردت قطر / ما أثار إعجابي الكيفية التي أدارت بها قطر المعركة والتي تظهر في النقاط الآتية: 1-ابتعدت عن الصراخ ادعاء المظلومية وعمدت إلى الهدوء والتخطيط بعبقرية غير معهودة فأسقطت شبهاتهم وأكاذيبهم باستعمالها لأسلحتهم ووسائلهم (منظمة العمل المنظمات الحقوقية الهيئات القضائية الغربية وحتى هيئات الفيفا...) التي طالما استعملوها ضدنا ودفعت حتى بعض إعلامييهم سياسييهم للدفاع عنها.2-لم تنشغل بنباحهم وردت ميدانيا بإنجازات ومرافق أدهشت الحاقدين قبل الموضوعيين منهم وأصبح شعارهم لقد أتعبت من سيستضيف بعدك المونديال ياقطر؟ 3-نجاحها الباهر في الربط بين خطتها التنموية قطر 2030 وبين تحضير المونديال. 4-لايغرنّك الغرب المنافق /حملة الغرب الظالمة هاته أبانت بدون شك أن:1-الغرب المنافق يتلون بحسب أهدافه ويتناقض في مواقفه وطروحاته بحسب مصالحه 2-إدانة قطر كانت نتيجة حتمية مسبقة هم فقط اجتهدوا في إيجاد مقدمات مناسبة بمنطق لدي حلول أبحث لها عن مشكلات 3-الظاهر أن قوة قطر الناعمة أقوى مما كانوا يتصورون وهذا مايفسر مثلا الردود القاسية لرئيس الفيفا وغيره على حملتهم الظالمة 4-بالعودة إلى التاريخ القريب نجد أن أنظمة محور الشر كانت أداة من أدوات الحملة الغربية (حصار 2017) 5-وبالعودة إلى التاريخ أيضا نجد أن بريطانيا على الخصوص هي أصل مآسينا ( وعد بالفور سايكس-بيكو الاستدمار الحديث وأخيرا قيادة الحملة على قطر). وأخيرا أضم صوتي لرئيس الفيفا أنفنتينو وأقول للغرب الماجن إننا نعرف أنكم منافقون كاذبون ومضللون فكفوا عن محاولتكم الفاشلة في محاولة تلقيننا دروسفي الحضارة والأخلاق. *** الشوفينية الغربية ونضج تجربة قَطر أ. د. سعيد موفقي علينا نحن كعالم متخلّف كما وصفنا الغربيون المولعين بالنّموذج الغربي الفاسد أن نصحّح نظرتنا العمياء تجاه ما كنّا نعتقده من حرية وعدالة وتحرّر فكري وديموقراطية لدى هؤلاء وما يشاع عنهم من محاسن ونزاهة لقد فضحت تجربة قطر كلّ ادّعاءاتهم وزيف مؤسّساتهم الإنسانيّة والقانونيّة والأخلاقيّة حتى في المجال الرّياضي وعلى أعلى المستويات فما شاهدناه في ملاعب قطر ومدرّجاتها كشف كلّ مستور خائب مضلّل لدى السّياسيين والرّياضيين الغربيين لاعبين ومشجعين على حدّ سواء من فظائع أيديولوجياتهم الفاسدة والمنحلة أمام نموذج قطر الشجاع الذي قدّم للعالم عربا وعجما أنّه لا تعارض بين القيم الإيجابية في الرياضة أو في غيرها ولا فصل بين جسد الإنسان وروحه وأنّه يمكن للمرء أن يصحّح سلوكه ويتخلّص من وهمه وكبريائه وعقده النّفسية وكلّ حساسيّة وكلّ ما تعلّق منها بالإسلام والمسلمين خاصّة هذه الدّورة التّجربة الجديدة في العالم العربي والإسلامي تعد دعوة حقيقيّة إلى العقلاء من البشر لإعادة النّظر في كلّ تطرّف فكري أو فلسفي أو ديني أو انحراف في القيم ودعوة إلى كثير من مثقفينا وكتّابنا أيضا مشرقا ومغربا ليعترفوا بذلك ولا مجال للنّكران والجدل أمام ما تمارسه شوفينية الغربيين في ديارنا وفي العلن فما قدّمه هؤلاء من نظريات برّاقة وعكفوا عليه من تنظير طيلة قرون فضحه واقع سلوكهم في تجربة قطر في ظرف قياسي كما أثبتت هذه التجربة للجميع عراقة مجتمعنا ونظافة حضارته التي لا بديل له عنها اللهمّ إلاّ إذا أخذتنا العزة بالإثم ورضينا بالعبوديّة. *** الحق في التنقل أ. د. عمر عباس حين ترى مشجعين من أوروبا يذهبون بسيارة إلى قطر وكانت انطلاقتهم من مصر قالوا أنهم قطعوا 7 آلاف كلم.. يفعلون هذا لأنهم يجدون لذة في التنقل برا بينما الإنسان العربيوالإفريقي يجد صعوبة في التنقل لأن معظم الحدود مغلقة أو تتطلب تأشيرة عادة يتم التحقيق معك تحقيقا عسيرا حتى تحصل عليها لأنك ستكون متّهما من السلطات بمجرد طلبك للتأشيرة!. هذه المعاناة خطيرة لو تحكيها للإنسان الحر في أوروبا سيندهش لكن نحن ألفنا الأمر حتى صار الواحد منا يولد ويعيش ثمانين سنة وهو لم يزر البلدان المجاورة لبلده بل إني أعتقد أن هناك من يجهل أسماء البلدان التي تحد بلده فدولة النيجر تحدنا لكن لو تسأل إنسانا عن النيجر ومكان دولة النيجر قد لا يعرف عنها شيئا. المغامرة التي خاضهاKhoubai هي التي جعلتني أتعرف على تلك الأنهار التي تقطع النيجر ومالي وجعلتني أرى الحياة هناك كانت مغامرة خطرة فالإنسان قد يعيش كما قلت ثمانين سنة لا يدخل فيها أرضا غير أرضه لأن المستدمر لا يحب تنقل قطعانه بين الحظائر لأن حرية التنقل لها ما بعدها وإن كنت أخالف كارل ماركس في منطلقاته الفلسفية لكني أومن أن حركة الأموال والبضائع هي من تنعش الحضارة. وحرماننا من هذا الحق حق التنقل الهدف منه هو إبقاؤنا نتخبط في أماكننا وقتل روح الإبداع والمغامرة فينا وجعل فِكرنا مُعلّبا ساذجا.