بقلم: الطيب بن إبراهيم هل مذبحة غزة اليوم هي الأولى من نوعها؟ أبدا وهل مذبحة جنين الأخيرة كانت هي الأولى؟ أبدا فالمذابح ضد الفلسطينيين متواصلة منذ مذبحة كفر قاسم ودير ياسين مرورا بصبرا وشتيلا وهل مذابح الاحتلال المتكررة أوقفت مقاومة الفلسطينيين؟ كلا ثم كلا ولكن غزوة طوفان الأقصى كانت هي خلاصة مذابح إسرائيل غزوة طوفان الأقصى هي الأكبر ضد إسرائيل منذ تأسيسها إلى اليوم. ألم يتعظ بنو صهيون من عشرات المذابح التي ارتكبت في حق الفلسطينيين منذ أكثر من سبعة عقود وكانت دماؤهم وقودا لارتفاع منسوب المقاومة وتوسعها كما ونوعا ألم تكن غزة المحاصرة مجرد كمشة من السكان مقابل إسرائيل بكل إمكانياتها لكنها كما يقول المثل الجزائري: كمشة نحل أفضل من حِمل من ذباب! . إنها غزة المحاصرة غزة الجريحة غزة المشردة غزة الجائعة غزة التي تنكر لها وخذلها الأشقاء وتفرج عليها الأصدقاء وهي تذبح ولكنها تقاوم الموت كما تقاوم الاحتلال وحالها كحال القائل: سأصبر حتى يعجز الصبر عن صبري وأصبر حتى يأذن الله في أمري و أصبر حتى يعلم الصبر أني صبرت على شيء أمر من الصبر منذ بداية مأساة الشعب الفلسطيني سنة 1948 وهو يعاني من المذابح والقتل والتشريد والحصار والتآمر والخيانة وهو يعاني من مواجهة أفتك الأسلحة في منطقة الشرق الأوسط ويعاني من خذلان الأشقاء وتفرج الأصدقاء والتخلي عنه منذ نصف قرن منذ نهاية حرب 1973. لكن المقاومة متواصلة ولو بالحجارة ولو بالعصي والأيدي. *سنوات طوال من الهزيمة منذ فشل الحروب العربية الإسرائيلية لاسترداد الأراضي المحتلة وتحرير القدس استسلم الجميع لإسرائيل التي لا تقهر؟! وعلى الفلسطينيين أن يواجهوا مصيرهم وحدهم وعلى العرب ألا يغامروا في حرب مع إسرائيل محسومة النتائج مسبقا. ومنذ هزيمة العرب مجتمعين على يد إسرائيل سنة 1967 حدث ذلك بفعل فاعل ومنذ لك وهو أكثر من نصف قرن ونحن يردد على مسامعنا وبفعل ذلك الفاعل أن إسرائيل هي الأقوى عسكريا الأقوى تكنولوجيا هي الأقوى استخباراتيا هي الأقوى قدريا فأين المفر أيها العرب السلام والتطبيع أمامكم والهزيمة وفقد المزيد من الأراضي خلفكم. إسرائيل الأقوى والأقوى والأقوى إنها الدعاية والحرب النفسية التي يتحقق بها ما لم يتحقق بالأسلحة النارية فتنهار الإرادة وتنهزم الروح القتالية ويستسلم الخصم أمام من اعتقد أن قوته لا تقهر وأن تسلطه قضاء وقدر ونسوا قوله تعالى: كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله . إن إسرائيل وحلفاءها يعملون بمقولة الألماني جوزيف غوبلز (1897 - 1945) وزير دعاية أدولف هتلر: أكذب أكذب ثم أكذب ثم أكذب حتى يصدقك الناس وحتى أنت تصدق نفسك . وإذا كان الإسرائيليون صدّقوا أنفسهم وأكذوبتهم بأن قوتهم لا تقهر فالفلسطينيون لم يصدقوا ذلك إطلاقا ولم تنطل عليهم الأكذوبة وهم يعرفون أنفسهم ويعرفون أن قوة إرادتهم لا تقهر وأن مقاومتهم لا تتوقف بكل الوسائل المتاحة لهم ولو بالحجارة وأن همجية ووحشية الاحتلال المتواصلة لا توقف مقاومتهم وأن ما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة وأن الحرية تفتك ولا تعطى. وحقيقة مقاومة الفلسطيني الذي لا يقهر تعرفها إسرائيل وحلفاؤها يعرفون الحقيقة ولا يجرؤون على التفوه بها إنهم يكتمون الحق وهم يعلمون يعلمون أن المقاومة الفلسطينية لا تقهر رغم كل معاناتها هذه الإرادة ليست وليدة اليوم بل وليدة مع المأساة ولو عُدنا للتاريخ نتذكر ما حدث ضد مصالح العدو في عقر داره وفي حضن حلفائه في أوروبا حدث هذا خاصة في ستينات وسبعينات القرن الماضي وهي حقيقة مقاومة لا تقهر يعمل الجميع على إخفائها وإظهار عكسها وأن إسرائيل هي التي لا تقهر. *صراع الحق والباطل العالم اليوم كله عندما يسمع بغزة يتذكر احتلال فلسطين وما يفعله المحتل الإسرائيلي هناك وممارسته لسياسة القهر والفقر والدمار والحصار على السكان منذ عقدين من الزمن تقريبا ليس هذا في حق الشعب الفلسطيني في غزة فقط بل ما يفعله الاحتلال في المسجد الأقصى وهو أول القبلتين وثالث الحرمين وما يتعرض له من عربدة وتدنيس واقتحامات واعتداءات على المصلين من نساء ومسنين كل ذلك يحز في النفس أكثر من معاناة الفقر والجوع والحصار وهذا ما دفع غزة التي تناست آلامها إلى تحذير إسرائيل من المساس بالمقدسات لكن إسرائيل المدللة من الغرب واصلت عربدتها دون مبالاة. إن الصراع بين الاحتلال والمقاومة هو صراع بين الحق والباطل والحق يعلو ولا يعلى عليه ولو بعد حين وإرادة صاحب الحق لا تقهر لأنها من إرادة الله والمقاوم الفلسطيني لا تخيفه وعود وتهديدات العدو ويواصل ضرباته له كلما وجد فرصة لذلك. والاحتلال رغم كل إمكانياته الدفاعية والهجومية والاستخباراتية والتكنولوجية لم تحمه من ضربات المقاومة الموجعة فلا أسلحته المتطورة ولا الدعم الأمريكي ولا جدار الفصل ولا تخابر العملاء ولا التآمر والخذلان ولا تجويع وحصار الصغار والمسنين ولا مذابح غزة وجنين ولا اعتقال حرائر فلسطين كل ذلك لم يوقف المقاومة التي تخرج من تحت الرماد بعد كل حريق بعد أن يعتقد العدو أنه دفنها إنه شعب الجبارين كما كان يُردِّد المرحوم ياسر عرفات. مقاوم لا يقهر كيف يحفرون الأنفاق بأظافرهم ويفرون من السجون ويحفرون الأنفاق ويحاصرون العدو ليس هذا فقط بل يصنعون بإمكانياتهم البسيطة والبدائية وبإرادتهم الفولاذية يصنعون طائراتهم وصواريخهم التي تطال عدوهم على بعد مئات الكيلومترات. فلو كان للمقاومة واحد بالمائة من إمكانات إسرائيل العسكرية والإعلامية والمالية واللوجستية لكانت قد حررت فلسطين والأقصى!؟.