38 ألفاً أدّوا أول صلاة جمعة به.. هل سيغيّر جامع الجزائر شكل ليالي رمضان بالعاصمة؟ استقبل الجزائريون خبر افتتاح جامع الجزائر بارتياح كبير وشهدت أول صلاة جمعة به توافدا كبيرا للمصلين من كل أنحاء الوطن وسط حضور أعضاء من الحكومة وعلماء ومشايخ وسط تفاؤل كبير بأجواء مميزة يُنتظر أن يساهم هذا الصرح في صناعتها خلال شهر رمضان الذي تفصلنا عنه أيام قلائل. ونحن على أبواب الشهر الفضيل يتساءل متتبّعون: هل سيتمكن جامع الجزائر من تغيير ليالي العاصمة الرمضانية ويحيل سكونها إلى بهجة أكبر؟ يأتي ذلك بعد أن أدى ما يزيد عن 38 ألف مواطن من مختلف الفئات العمرية أول صلاة جمعة بجامع الجزائر التي تحولت ساحاته ومحيطه إلى مكان لتوافد الآلاف منذ الساعات الأولى لصباح الجمعة 1 مارس 2024 في انتظار أنْ تُضاء ليالي الجامع خلال شهر رمضان بأنوار صلاة التراويح التي ينتظرها الجزائريون بشغف ومن المرتقب أن يقصده عشرات الآلاف من المصلين من مختلف المناطق القريبة وربما حتى البعيدة علما أنه يسع نحو 120 ألف مُصل . وحرصت الصفحة الرسمية للمسجد على منصة ميتا فيسبوك سابقا على مواكبة الحدث بنقل الوقائع ونشر صور وفيديوهات وهو ما تفاعل معه كثير من المعلّقين الذين أبدوا إعجابهم بجمال المسجد وشساعة مساحته حيث يعد الجامع تحفة معمارية وصرحا دينيا وحضاريا يُؤمَل أن يكون جامعا للأمة وحافظا للمرجعية والهوية الوطنية. وكان عميد جامع الجزائر محمد المأمون القاسمي الحسني قد أبرز يوم الجمعة أهمية هذا الصرح الحضاري في تحصين القيم الدينية والوطنية على منهج الوسطية والإعتدال لكل أبناء الجزائر بمختلف مكوناتهم وتنوع نسيجهم الثقافي. وفي خطبة أول صلاة جمعة بجامع الجزائر بعد تدشينه الأحد الفارط من قبل رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون أعرب الشيخ محمد المأمون القاسمي الحسني عن الفخر بافتتاح هذا الصرح الحضاري ليكون الجامع لكل أبناء الجزائر بمختلف مكوناتهم وتنوع نسيجهم الثقافي والمحصن لقيمهم الدينية والوطنية على منهج الوسطية والاعتدال . وقال عميد جامع الجزائر في هذا الشأن: إننا نريد له أن يكون امتدادا للتاريخ الوطني الحافل بالأمجاد ومركز إشعاع علمي وديني نسعى من خلاله إلى إعطاء الصورة الحقيقية للرسالة الحضارية التي تؤديها المؤسسات الدينية . كما اعتبر افتتاح هذه المنشأة لحظة تاريخية في تاريخ البلاد وإنجازا يؤكد انتماء الجزائر الأصيل ومرجعيتها المستمدة من رصيدها التاريخي وعطاء علمائها وإسهامات مراكزها العلمية على مر العصور . وذكر في هذا الإطار بأنّ جامع الجزائر شيد فوق أرض سقتها دماء الشهداء المقاومين الذين سقطوا في مجزرة العوفية بالحراش غير بعيد عن المحمدية خلال الأشهر الاولى للاحتلال الفرنسي ما يجعل منه عربونا للوفاء الخالص وتجديدا للعهد تجاه من فدوا هذا الوطن وقاوموا الاحتلال منذ أن وطئت أقدامه أرض الجزائر الطاهرة . ولفت عميد جامع الجزائر إلى أن المعاهد والمدارس والزوايا الدينية لطالما شكلت معاقل للتربية والجهاد وهو الدور الذي تولته بعد ذلك جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي دفعت عن الشعب الجزائري مخاطر التنصير وحافظت على عقيدته وقيمه . كما عرج الشيخ المأمون القاسمي الحسني على ما يعيشه العالم اليوم من أزمة ضمير وانهيار في القيم والأخلاق وازدواجية في المعايير معتبرا أن الحرب الإجرامية والإبادة الجماعية الدائرة على أرض فلسطين أكبر دليل على ذلك محذرا من آثار هذه الأوضاع المتردية التي تفاقمت في ظلها ظاهرة الإساءة إلى الرموز والمقدسات الدينية . وبعد أن أكد على وقوف العالم أجمع على حقيقة الصراع القائم مع الكيان الصهيوني الدخيل وعدالة قضيتنا المركزية شدد عميد جامع الجزائر على اصلاح المجتمعات البشرية عبر إعادة بناء ثقافة الحوار على أسس صحيحة وتنمية الوعي بالحق في الاختلاف . وأعرب عن أمله في أن يكون جامع الجزائر مركزا روحيا وثقافيا عالميا يسهم مع مراكز العالم الأخرى في تقديم الصورة الحقيقية للإسلام والرد على من يسيئون إلى المسلمين ويتهجمون على دينهم الحنيف . ودعا في هذا الصدد الأمة الاسلامية إلى الابتعاد عن التشتت والتفرق معتبرا أنه آن الأوان لترك روح العصبية والإقليمية والانتظام تحت لواء الوحدة والتضامن بين شعوبنا .