خرجت الثلاثية (حكومة، نقابة وأرباب العمل)، من اجتماعها الذي انعقد على مدار يومي الخميس والجمعة 29 و30 سبتمبر، بقرار رفع الأجر الوطني الأدنى المضمون من 15 إلى 18 ألف دينار، بزيادة قدّرت ب 20 بالمائة بداية من شهر جانفي 2012 وهذا تأكيدا لحرصها الدائم على تحسين القدرة الشرائية للمواطن في المقام الأوّل، وهو القرار الذي أسعد ملايين العمّال الجزائريين رغم أن بعضهم كانوا يتوقّعون زيادات تجعل (السميف) لا يقلّ عن 20 ألف دينار· وقد خلص اجتماع الثلاثية ال 14 إلى تطبيق التوصيات التي توّجت الاجتماع الأخير المنعقد في شهر ماي، والتي من شأنها إعطاء دفع للاقتصاد الوطني من خلال تشجيع الاستثمار المنتج. حيث خلص البيان المشترك إلى رفع الحدّ الأدنى للأجر القاعدي إلى 18 ألف دينار بزيادة قدّرت ب 3000 دينار مع تخفيض الضريبة على الدّخل العام، والتي سيبدأ العمل بها ابتداء من شهر جانفي 2012. كما طمأنت الحكومة في البيان منظّمات أرباب العمل باتّخاذ جميع التدابير للحدّ من العراقيل التي وجدتها في الميدان، معتبرة أن الإدارات والمصالح المعنية لا تتوافق أحيانا والإرادة التي تبديها الحكومة· ** الحكومة حريصة على الحماية الاجتماعية للعامل دعا الوزير الأول أحمد أويحيى في كلمته بجنان الميثاق بالعاصمة خلال افتتاح أشغال قمّة الثلاثية بين الحكومة والشريكين الاقتصادي (أرباب العمل) والاجتماعي المركزية النقابية إلى ضرورة اعتماد العقلانية في الاقتراحات قائلا: (يجب أن تصبّ أشغالنا في اتجاه العقلانية التي تمليها هشاشة إمكانياتنا الوطنية التي تطغى عليها المحروقات، وكذا باتجاه اليقظة التي يمليها ظرف اقتصادي عالمي غير مستقرّ)، كما شدّد على أن ذلك لا يمنع استجابة قمّة الثلاثية للتطلعات الخاصّة بالمواطنين، سيّما ما يتعلّق بتحسين القدرة الشرائية، داعيا الثلاثية إلى تطوير الترتيبات المتعلّقة بالحماية الاجتماعية التي اعتبرها (مكسبا ثمينا للمجتمع) منها ملف التقاعد، مذكّرا بقرار الرئيس بوتفليقة في مضاعفة قيمة الجباية البترولية الممنوح للصندوق الوطني للتقاعد كدليل على (الجهود) التي تبذلها الدولة· كما كشف الوزير الأوّل عن المخاطر المحدقة بالاقتصاد الوطني، وما له من انعكاسات على القدرة الشرائية للمواطن والتنمية الاجتماعية، حيث قال إنه يجب دعم التنمية والأداة الاقتصادية (وحمل البطالة على التراجع، لا سيّما بالنّسبة لشبابنا). وفي ذات السياق، اعتبر أويحيى أن هناك إصلاحات سياسية بادر بها رئيس الجمهورية (لا تقلّ أهمّية وتتّصل مباشرة بيوميات المواطنين)، وذكر منها (تحسين الإدارة المحلّية)، وقال إن هذا الموضوع (حظي باستشارة المواطنين الواسعة من خلال منتخبيه)، معرجا على مهمّة المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي في استكمال الاستماع لانشغالات المواطنين والآراء ستتوج بعقد جلسات وطنية قبل نهاية السنة· وأفاد أويحيى بأن الحكومة سجّلت (باهتمام) تصريحات أرباب العمل بشأن موضوع القدرة الشرائية، موضّحا أن (مسألة القدرة الشرائية لا يمكن أن تكون بمعزل عن الجهود الهامّة التي تمّ القيام بها في السنوات الخيرة لفائدة مستخدمي الوظيفة العمومية وأجراء المؤسسات العمومية).. ** سيدي السعيد: "لا تنازل عن رفع القدرة الشرائية للمواطن" وركّز الأمين العام للاتحاد العام للعمّال الجزائريين عبد المجيد سيدي السعيد في تدخله خلال هذا اللقاء على الانشغالات المهنية والاجتماعية للعمّال باعتبارها تشكل (حجر الزاوية بالنّسبة لمهمّة الاتحاد)، مؤكّدا أن الاتحاد لن يتنازل عن مطلبه في رفع القدرة الشرائية للمواطن باعتبارها تعد النقطة الرئيسية في المهمة النقابية للاتحاد· وتطرّق سيدي السعيد في مداخلته إلى دعم المؤسسات الوطنية قصد وضعها في منأى عن المنافسة غير النزيهة والمدمّرة للقواعد الاقتصادية وعن انعكاساتها على القضايا الاجتماعية قائلا: (التطوّر الاقتصادي للمؤسسة لديه أثر أكيد على التطوّر الاجتماعي للعمّال)، موضّحا أهمّية (إشراك كلّ المبادرات والإرادات والكفاءات لإعطاء دفع وديناميكية حقيقية للطاقات الإنتاجية الوطنية العمومية والخاصّة)· كما تأسّف سيدي السعيد لكون الجهود التي بذلتها الدولة في مجال رفع الأجور في كلّ قطاعات النشاطات والتي مكنت من تسجيل (بعض التحسّن) في القدرة الشرائية (وقعت لسوء الحظّ) تحت طائلة المضاربة التي تنهش القدرة الشرائية· ** 150 ألف عملية توظيف للبطالين سنويا من جهتها، طالبت منظمات أرباب العمل بالإسراع في تنفيذ القرارات والتوصيات المتّفق عليها وإشراكها بشكل أكبر في قيادة هذا المسار هي المطالب التي ردّت عليها الحكومة بأن الحصيلة المقدّمة لهذا اللّقاء حول تنفيذ قرارات القمة المنعقدة في 28 ماي الفارط (ليست إلاّ نتيجة لبضعة أسابيع من العمل فحسب ولم يمنع ذلك من أن تشهد القرارات المتخذة بداية لتجسيدها)· كما تمّ اتّخاذ جملة من التدابير تخص تمويل الواردات من مدخلات الإنتاج وتخفيض نسب فوائد قروض الاستثمار المخصصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وإعادة جدولة الديون البنكية للمؤسسات التي تواجه صعوبات مالية· أمّا منظّمات أرباب العمل فقد أكّدت خلال البيان الختامي المشترك على التزامها برفع عقود المساعدة على التشغيل لفائدة البطّالين الشباب إلى 150.000 عملية توظيف سنويا في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كما تعهّدت برفع فرص استقبال الشباب على مستوى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في إطار التمهين بالإضافة إلى السعي بمعية مصالح التكوين والتعليم المهنيين على تعزيز مساهمة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في استقبال المتربصين· وفي السياق ذاته، تعهّدت الحكومة بتقليص آجال ردود الوكالة الوطنية للتشغيل، وكذا تقليص أجال دفع مساهمة الدولة في عقد المساعدة على التشغيل، بالإضافة إلى تحسين نجاعة نظام التخفيضات على أعباء أرباب العمل. هذا، وقد اتّفق الأطراف المجتمعون على أن تستمر كل أفواج العمل التي أنشئت عقب الثلاثية السابقة في نشاطها لتتكفّل كلّ فيما يخصّها بمهمّة متابعة تنفيذ توصياتها