تبقى معاناة مرضى الهيموفيليا في الجزائر مستمرة وما زاد من سوء حالة المصابين بذلك المرض النادر البيروقراطية المتفشية ببعض الإدارات التي لم تشفع لهؤلاء المرضى ولم ترحمهم على الرغم من الضغوط النفسية والاجتماعية التي يتكبدونها من جراء ذلك المرض النادر الذي فتك بحياة الأشخاص وتكون نهايته إما الموت أو الإعاقة. نسيمة خباجة وأشارت تقديرات حديثة في الجزائر إلى تسجيل ثلاثة آلاف مصاب على الأقل بمرض الهيموفيليا النادر، أو ما يُعرف بمرض تخثر الدم في المفاصل علما أنّ هذا المرض يطال جزائريين من مختلف الأعمار، ويؤدي بصورة إلى انتفاخ العظام بصورة متسارعة، بحيث تبدو أكبر من حجمها، ما يتسبب في معاناة المرضى من آلام فظيعة وأوجاع حادة، وفي حال سيلان الدم من عضو مصاب، فلا يمكن إيقافه إلاّ عبر حقنتين تزيد قيمتهما عن 35 ألف دينار (ما يعادل 350 دولار)، وهي تكلفة لا يستطيع غالبية المرضى توفيرها، ما يفرض تدخلا حازما من الدولة لسدّ النقص الحاصل على مستوى مستشفيات الوطن. وسبق لمخبر صيدلاني دولي أن أعلن قبل فترة عن تسويق دواء لمعالجة مرض الهيموفيليا، وقال متحدث باسم المخبر المذكور أنّ هذا الدواء من شأنه ضمان حياة عادية للمريض، خصوصا فئة الأطفال، من خلال تبسيط وتخفيض عملية وكمية الحقن. ومن الصعوبات التي تشوب المرض هو عدم تحديد مكانه بسبب عدم التشخيص المبكر للمرض وبسبب قلة المراكز المتخصصة التي يوجد معظمها في الشمال. الهيموفيليا تحرمه من شهادة المتوسط مأساة الشاب شرّار محمد أو الطفل إن صح التعبير خاصة وان حالته تجعلنا عاجزين عن التفريق هل هو شاب أم طفل؟ لاسيما وان قدره شاء له أن يجتاز شهادة التعليم المتوسط وهو في سن الحادية والعشرين بعد أن التحق بمقاعد الدراسة وهو في سن العاشرة خاصة وان مرض الهيموفيليا الحاد الذي أصابه منذ الصغر جعله عاجزا مرميا بين أبواب المستشفيات ومراقدها، وحين تماثل للشفاء الجزئي وليس الكلي، هب مسرعا إلى مقاعد الدراسة بسبب بذرة حب العلم والتعلم التي نمت فيه منذ الصغر خاصة وان له قدرات ذهنية وعقلية جعلته من المتفوقين في الدراسة لاسيما في المواد العلمية التي تفوق فيها كثيرا. القصة المأساوية للطفل وما فيها تتلخص في اجتياز سنواته الدراسية بصفة طبيعية بحيث تفوق في جميع المواد ولم يرسب ولو سنة واحدة حتى وصل إلى اجتياز شهادة التعليم المتوسط وهو في سن الحادية والعشرين كما شاء قدره وشاءت ظروفه الصحية، وكان كل طموحه هو نيل الشهادة التي تفتح له أبواب نيل الشهادات العليا الأخرى على غرار البكالوريا والليسانس سيما وانه متفوق جدا وبإمكانه إفادة البلاد بما امتلكه من قدرات وطاقات خاصة في الجوانب العلمية سيما وان سنه لم يثنه عن استكمال عراك طلب العلم والوصول إلى أعلى المراتب، لكن لا تجري الرياح بما تشتهيه السفن وشاء القدر أن اجتاز امتحانات اليوم الأول والثاني إلا أن اليوم الثالث لم يكن مثل سابقيه وعانى من آلام حادة جعلته طريح مقاعد المستشفى ولم يكمل الامتحان بطريقة عادية مما قضى على آماله وطموحاته وزاد من تأزم حالته الصحية ولم يضره المرض أكثر مما آلمه ضياع امتحان اليوم الثالث وما حز في نفسه كثيرا انه نال معدل 9.5 من 20 إلا انه لم يستفد من الإنقاذ ولم تراع حالته الصحية علما انه حاز على نقاط جيدة حتى في أصعب مادة التي يشتكي منها الكل وهي مادة الرياضيات التي نال فيها نقطة 18 من عشرين لكن عدم اجتيازه لامتحاني مادتي التاريخ والجغرافيا وكذا الانجليزية حرمه من فرحة العمر التي كان ينتظرها وما زاد من سوء حاله هو حرمانه من طرف إدارة متوسطة ملاّحة بالبليدة من إعادة السنة في الأقسام العادية وبررت موقفها بسنه الذي لا يسمح له بالدراسة بمن هم اصغر منه بكثير، وكأنه هو من اختار ذلك وليس ظروف المرض التي يتجرع مرارتها من حين لآخر، والتي على الرغم من مقاومتها والسيطرة عليها بدليل نهله للعلم رغما عن ظروفه المرضية ما واجهه هو مشكل تعنت إدارة المتوسطة التي وقفت له حاجزا ولم تشفع لمرضه ولا حتى لقدراته العلمية، وطالب بضرورة تدخل الوزارة الوصية من اجل السماح له باجتياز شهادة التعليم المتوسط مثله مثل بقية الخلق وتساءل في نفس الوقت هل لكونه مريضا عاجزا لا يحق له الاستفادة من حقوقه وسهّل على البعض نهش عظمه والانقضاض عليه للقضاء على طموحاته بدل منحه يد العون ومواساته في مصابه. الدولة تسعى إلى فك الغبن يذكر أنه سجل بالجزائر خلال العشرية الأخيرة تقدم في الدعم المتعلق بهذا المرض وهذا بفضل الجهود المتضافرة التي قام بها الأطباء والسلطات، وهو ما من شأنه أن يضفي تحسنا على الوضع الصحي للمرضى، الجهود المستقبلية تهدف إلى تمكين المريض من الاهتمام برعايته الذاتية وكذا وقايته من مضاعفات هذا المرض عن طريق العلاج والمراقبة الطبية المستمرة والمنتظمة، وهذا ما يسمح للمختصين بتحديد طرائق العلاج، من خلال تمكين المصاب بالهيموفيليا من تلقي العلاج في منزله، كما يمكن معالجة المضاعفات في الوقت المناسب ومنع ظهورها. للتذكير فإن الهيموفيليا أو ما يسمى ب"الناعورية" مرضٌ يسبب خللاً في الجسم ويمنعه من السيطرة على نزيف الدم، ويمس بصفة شبه حصرية الذكور، ويصنف هذا النوع ضمن الأمراض النادرة. والهيموفيليا مرض يصيب الإنسان بحيث يصعب عنده توقف نزيف الدم ويرجع سببه إلى وجود خلل في المادة التي تمنع الدم من التخثر، كما أن فقدان هذه المادة المتكونة من البروتينات يعرض المريض لنزيف تحت الجلد أو في المفاصل أو تحت العضلات بمجرد التعرض لأي إصابة أو جرح بسيط، ويحتاج إلى وقت طويل للتخثر وأحيانا لا يمكن إيقاف النزيف إلا بنقل المريض إلى المستشفى وإعطائه حقنة توقفه. ويأخذ هذا المرض الذي يجهل الكثير عن أسبابه أشكالا متعددة والتي تقسم حسب درجة النزيف، أهمها النوع (أ) ويعد من أخطر أنواع الهيموفيليا ويشكل نسبة كبيرة من مجموع الحالات والمتسبب فيه هو نقص في العامل الثامن لمادة التخثر، حيث تكون أعراضه عبارة عن نزيف ذاتي متكرر بمجرد التعرض لإصابات حتى ولو كانت طفيفة، وبالتالي ستساعد هذه العمليات التي سيتم إجراؤها في مستشفياتنا في الحد من معاناة هؤلاء المرضى.