برغم أن الفيضانات تُعَدّ مألوفة نوعًا لسكان تايلاند، فإنّ الفيضانات التي ضربت البلاد مؤخرًا تعدّ الأسوأ منذ نصف قرن، حيث أودت بحياة 506 قتلى حتى الآن بحسب آخر حصيلة، وأغرقت أكثر من 14 ألف مصنع، بعضها يتبع شركات متعددة الجنسيات، وأفسدت 8 ملايين طن من الأرز، ناهيك عن الخسارة الاقتصادية التي تتكبدها البلاد نتيجة توقف آلاف المصانع عن العمل· وحتى تنحسر المياه في أكثر من 25 مقاطعة تضررت من الفيضانات، تظل حصيلة القتلى الإجمالية غير دقيقة، كما تبقى الخسائر غير محصورة بالكامل، فقد أصدرت الحكومة تعليمات لنحو 30 ألف شخص بإخلاء منازلهم التي تقع بالقرب من شمال العاصمة بانكوك، فيما قدرت الخسائر الأولية بأكثر من ثلاثة مليارات دولار وفقدان 650 ألف شخص لمصدر رزقهم بعد الدمار الذي لحق بسبع مناطق صناعية، فيما اضطرت الحكومة إلى إعلان خمسة أيام عطلة رسمية كي يتمكن السكان في المناطق المتضررة من النجاة بأنفسهم· تجدر الإشارة إلى أن هذه الكارثة تمثل اختبارًا هامًا ل (ينغلوك شيناوترا)، أول امرأة تشغل منصب رئيس الوزراء في تايلاند، التي وصلت لسُدّة الحكم في أوت الماضي، حيث من المتوقع أن تعوق هذه الأزمة ما تعهّدت به في بداية توليها للمنصب، من رفع الحد الأدنى للأجور في البلاد وتقديم كومبيوترات لوحية مجانية لطلاب المدارس، وهذا ما بدا جليًّا في استجابتها للأزمة· فحينما وصلت شيناوترا لمقاليد الحكم كانت تؤيّد سياسات تعني بالفقراء وتناصر حقوقهم، إلا أنّ استجابة حكومتها للكارثة كانت مغايرة تمامًا؛ حيث اهتمت وعنيت بحماية المؤسسات الصناعية والعقارات بدلاً من حماية عامة الشعب والمحافظة على أرواحهم، وهذا ما عرَّض الحكومة- في أول اختبار لها- لانتقادات شديدة اللهجة· يُشار إلى أنّ المنطقة الوسطى من بانكوك تحولت إلى جزيرة يحيط بها ماء الفيضانات من كل جانب، كما اجتاحت الفيضانات الحواجز الرملية التي وضعها السكان لحماية منازلهم، لذلك أعلنت الحكومة التايلاندية أنها قد تقوم بشقّ قنوات لتصريف المياه، وطالبت السلطات سكان سبع مناطق أخرى في شمال بانكوك بإخلاء منازلهم على الفور· أما المواطنون فقد حاولوا عبثًا البحث عن أماكن بديلة للإيواء، رغم تحول إحدى المطارات إلى مركز للإيواء، حيث ينام المواطنون النازحون في الأروقة والممرات أو داخل خيام نصبت في صالة الاستقبال، بينما شهدت محطات القطار والحافلات في بانكوك ازدحامًا شديدًا بسبب فرار آلاف الأشخاص من منازلهم لعدم شعورهم بالأمان، بعدما انتشرت حوادث السرقة، رغم انتشار عناصر الشرطة لمراقبة المنازل المهجورة، لا لمساعدة ضحايا الفيضانات· وفي الوقت الذي يشعر فيه المواطنون بالذُّعْر، ويهرولون إلى شراء كل ما يباع بالمحلات التجارية، بسبب توقع ندرة إمدادات السلع الاستهلاكية مثل الأرز والمياه المعبأة وغيرها بعد أن أعلنت الحكومة بأن هذه الفيضانات التي ضربت البلاد مؤخراً قد تظل ما بين أربعة إلى ستة أسابيع قبل انحسارها، دعت الحكومة الشعب التايلاندي إلى التحلي بالصبر· ونقلت صحيفة غارديان البريطانية عن رئيسة الوزراء التايلاندية ينغلوك شيناوترا قولها: (إنّ وسط بانكوك قد يتفادى أسوأ فيضانات تضرب تايلاند منذ ما يقرب من 60 عامًا) كما وجهت حديثها للشعب قائلة: (أشكر الشعب التايلاندي وأحثه على التحلي بالصبر حتى نهاية هذا الأسبوع بسبب ارتفاع المدّ بشكل كبير، وإذا ما سارت الأمور على هذا المنوال، فإننا نتوقع أن مياه الفيضانات قد تنحسر في بانكوك خلال الأسبوع الأول من شهر نوفمبر)· وفي ظل تحذيرات حكومية من فقدان تايلاند ربع محصولها الرئيسي (الأرز)؛ ما يعني زيادة أسعاره في العالم، حذر الصليب الأحمر من وقوع كارثة إنسانية في العاصمة التايلاندية بانكوك، حيث يعاني السكان من قلة في الموارد الغذائية، وانتشار الأمراض، وزيادة هجمات التماسيح، مشددًا على احتمالية أن تنتج هذه الكارثة المزيد من الأمراض التي تنتقل عن طريق البعوض، مشيرين إلى أن الخطر يكمن في المياه، حيث تعيش الأفاعي والجرذان، كما أنّ هناك العشرات من التماسيح التي هربت من مزارع التماسيح التي غمرتها المياه· ولمواجهة هذه الفيضانات، قامت الحكومة بحشد أكثر من 50 ألف جندي وألف شاحنة وألف قارب للمشاركة في عمليات الإغاثة، حيث كانت شاحنات الجيش تقل السكان عبر المياه من خلال الحواجز الرملية المكدسة، كما كان البعض يبيع كل ما يملك من أحذية وسترات لركوب القوارب المطاطية، حيث قال أحدهم: (إننا نعتمد على بعضنا البعض، وليس على الحكومة)· * في ظل تحذيرات حكومية من فقدان تايلاند ربع محصولها الرئيسي (الأرز)؛ ما يعني زيادة أسعاره في العالم، حذر الصليب الأحمر من وقوع كارثة إنسانية في العاصمة التايلاندية بانكوك، حيث يعاني السكان من قلة في الموارد الغذائية، وانتشار الأمراض، وزيادة هجمات التماسيح، مشددًا على احتمالية أن تنتج هذه الكارثة المزيد من الأمراض التي تنتقل عن طريق البعوض، مشيرين إلى أن الخطر يكمن في المياه، حيث تعيش الأفاعي والجرذان، كما أنّ هناك العشرات من التماسيح التي هربت من مزارع التماسيح التي غمرتها المياه·