حظي موضوع التلوّث البيئي باهتمام المشرّع الجزائري. فمنذ أن تنبّه هذا الأخير إلى المخاطر والأضرار البيئية النّاتجة عن التلوّث بكافّة صوره وأشكاله اتّخذ من التشريعات وسيلة للتصدّي لما يقع على البيئة من جرائم، وفي مقدّمتها جريمة تلويث البيئة. وعليه، أرجعت الأستاذة »ليندة شرابشة« أستاذة مساعدة بالمركز الجامعي لسوق أهراس والمتحصّلة على ماجستير في القانون العام تخصّص قانون دولي عام، حالة التلوّث البيئي إلى المحدودية الكبيرة في مواجهة مختلف المشاكل البيئية المتفاقمة جرّاء تأخّر القواعد البيئية المحلّية وتناثرها، على اعتبار أن هذه المهمّة تعدّ من المهام الرئيسية للدولة بمختلف مؤسساتها المركزية والمحلّية لأن حماية البيئة هي قضية محلّية أكثر منها مركزية نظرا لخصوصية مكوّناتها التي تتميّز بها، والتي تختلف بين الولايات والبلديات الساحلية عن الولايات والبلديات الداخلية والصحراوية، خاصّة المتعلّقة بمحاربة التلوّث النّاشئ عن النّفايات المنزلية والصناعية وتعمل على عدم انتشارها أو تراكمها بما يشكّل تهديدا للبيئة أو تلحق أضرارا بأحد العناصر الطبيعية كالمياه أو الجوّ، والتي تضرّ بصحّة الإنسان أو النبات أو الحيوان. ومن ثَمّ، تعدّ البلديات - حسب الاستاذة شرابشة - صاحبة الاختصاص الأصيل في مجال حفظ الصحّة والمحافظة على النّظافة العمومية، لا سيّما فيما يتعلّق بتوزيع المياه الصالحة للشرب وصرف ومعالجة المياه القذرة والنّفايات الجامدة ومكافحة ناقلات الأوبئة المعدية، إلى جانب مكافحة التلوّث وحماية البيئة، وهو ما يلزم الأشخاص الطبيعيين والمعنويين المتدخّلين في مختلف النّشاطات الاقتصادية الصناعية والتجارية والخدماتية بتحمّل مسؤولياتهم فيما يتعلّق بحماية البيئة. وأرجعت الباحثة مبادرة البلدية في إطار مخطّطاتها التنموية الشاملة وكذلك الولاية والمخطّط البلدي المصادق عليه من طرف الوالي إلى اتّخاذ كافّة الإجراءات القانونية والتنفيذية والعملية من أجل اختيار وإقامة وتسيير المواقع المخصّصة لجمع وتخزين النّفايات ومعالجتها، وذلك إمّا عن طريق إنشاء مصالح إدارية متخصّصة وإمّا عن طريق تكليف أشخاص معنويين أو طبيعيين عامّين أو خاصّين وفق ما يعرف بدفتر شروط نموذجي مخصّص لهذا الغرض شرط الحصول على رخصة بذلك من الوالي المختصّ إقليميا أو رئيس المجلس الشعبي البلدي أو من الوزير المكلّف بحماية البيئة. ويأخذ التدخّل عدّة أشكال، منها شكل القرار الإداري مثل: منح الرّخص أو فرض بعض القيود على المتعاملين بما يحافظ على سلامة البيئة مثال: منع تصريف المياه القذرة أو الزّيوت المستعملة على سطح الأرض أو في الوسط الطبيعي، أو الموانع التي تهدف إلى المحافظة على البيئة الحضرية أو الرّيفية. وقد يأخذ التدخّل أيضا شكل الاتّفاق بين الإدارة والمتدخّلين في مجال البيئة كالمصانع والورشات التي تمارس نشاطات مضرّة بالبيئة بطبيعتها، حيث تتضمّن عادة التزامات متبادلة بين الأطراف مثال: تقييد بعض الأعمال والتصرّفات التي من شأنها أن تلحق أضرارا بالبيئة بوجوب الحصول على رخص إدارية مسبقة تمنحها الإدارة بناء على تمتّعها بالسلطة التقديرية في تقدير الأضرار. من جهة مقابلة، يتمتّع الأعوان والمفتشين المكلّفين بحماية البيئة بجملة من الإجراءات الرّدعية كتحرير محاضر المخالفات وتقديمها إلى الجهات المختصّة إقليميا، وخصوصا إلى النيابة العامّة والمحاكم المختصّة والقيام بالتحرّيات والتحقيقات القضائية اللاّزمة وتحريك الدّعوى العمومية، إلى جانب تقديم المخالفين للتشريعات المنظّمة للموضوع محلّ المخالفة.