بعد الفراغ من عملية الترحيل الثالثة التي شهدتها العاصمة وإخلاء بعض الأحياء الشعبية التي كانت تعاني من أزمات سكن على غرار حي ديار الشمس، ووادي قريش، إلى غيرها من الأحياء الأخرى التي مستها عملية الإسكان بالعاصمة هب بعض الانتهازيين إلى تلك السكنات من أجل الظفر بسكنات خلال الدفعة الرابعة من الإسكان التي علّقت إلى أجل غير مسمى· فيما يعيش السكان المتبقون على الأعصاب بتلك الأحياء التي لم يعد يطاق العيش بها بالنظر إلى الظروف المحيطة بهم، بحيث انقلبت بعض المساكن إلى مراتع للفجور وممارسة الموبقات، ناهيك عن أكوام الزبالة التي تنتشر في كل مكان وأصبح الأمر أكثر كارثية على خلاف ما كانت تعيشه تلك الأحياء في السابق· مما أدى إلى استعجال السكان ترحيلهم إلى أحياء راقية اليوم قبل الغد خاصة وأن مواعيد الدفعة الرابعة يجهلها الأغلبية ويتخوف الكثيرون من إطالة أجلها لاسيما وأن الحياة أصبحت لا تطاق بتلك الأحياء التي باتت موحشة وأضحى يطأها الأغراب الذين اقتحموا الشقق بغرض الحصول على سكنات جديدة، ولو توقف الأمر عند ذلك الحد لتقبله العقل وإنما تعدت الأمور إلى أخطر من ذلك، بحيث انقلبت بعض المساكن إلى مراتع للمواعيد الغرامية وشرب الخمر واستدراج البنات مما قلب حياة الساكنين رأسا على عقب خاصة وأنهم صاروا يتخوفون كثيرا من تلك العصابات ولا يأمنون على أرواحهم ولا على ممتلكاتهم ورأوا أن القضاء على ذلك المشكل برمته لا يكون إلا بتعجيل ترحيلهم وغلق تلك الأحياء بصفة نهائية· اقتربنا من بعض السكان على مستوى حي ديار الشمس بالمدنية بالعاصمة والذي لم يتبق من سكانه سوى 300 عائلة بما يعادل سكان ثلاث عمارات فيما تخلو أكثر من عشر عمارات من السكان الأمر الذي انقلب بالسلب على السكان وحوّل حياتهم إلى جحيم فبعد أن كان حيهم ممتلئا بات مهجورا موحشا وما زاد من كارثية الوضع هو وطأ المنحرفين إلى الحي بحيث حوّلوه إلى مرتع للممارسات المشينة· ما وضحه أحد المواطنين الذي التقيناه بذات الحي بحيث قال إن كل السكان يستعجلون ترحيلهم إلى وجهات لائقة وتماطل السلطات بعض الشيء في إنهاء عملية الترحيل زاد من قلقهم، خاصة وأنه لم يعد يتبقى سوى ربع العدد الإجمالي للسكان والذي لا يتعدى 300 عائلة، كما أضاف أن إبقاءَهم هناك أطلق العنان لبعض الانتهازيين لشغل المساكن المهجورة من أجل الاستفادة من سكنات في الدفعة الرابعة التي لم تعرف طريقها إلى النور وتتضارب المواعيد في كل مرة ويتخوف الكل من إطالة المدة لاسيما وأن الحياة لم تعد تطاق في الحي بعد هجرانه من طرف السكان القدامى· إحدى السيدات في العقد السابع من العمر قالت إنها صارت تتخوف كثيرا ولا تجرؤ على فتح باب منزلها خاصة وأن عمارتهم تتوسط العديد من العمارات الشاغرة من السكان بعد أن سمعت أن بعض العمارات ملأها المنحرفون في ظل غياب الرقابة وعدم توفر عناصر الشرطة، وما أطلق الحبال لهؤلاء هو امتناع بعض العائلات عن شد الرحال إلى مساكنها الجديدة لحجج مختلفة، ما فتح الباب لهم من أجل وطأ تلك المساكن والعيش وسط الحطام الذي لم يثنهم عن أهدافهم فالغاية تبرر الوسيلة كما يقال· وإضافة إلى كل تلك المشاكل المتنوعة يعاني سكان الحي من انقطاعات متكررة للماء والكهرباء بفعل التوصيلات العشوائية التي يقوم بها مقتحمو المنازل الشاغرة التي تم قطع الكهرباء والماء عنها من طرف السلطات المكلفة، وفي ظل تلك الظروف المزرية يطالب سكان الحي بالتعجيل في ترحيلهم اليوم قبل الغد وغلق ملف حي ديار الشمس كون أن الحياة صارت لا تطاق بذلك الحي الذي امتلأ بالأغراب الانتهازيين إضافة إلى المنحرفين الذين استغلوا تلك الشقق المهجورة لإطلاق العنان لأفاعيلهم·