** كيف يؤدي زكاة الدين التجاري؟ وهو أن يشتري شخصٌ من آخر بضاعة ديناً إلى أن يبيع السلعة فيدفع إليه الثمن وحال على المديون حول الزكاة. فمن يؤدي زكاة هذا الدين؟ ومن الربح فقط؟ أم منه ومن رأس المال أيضاً؟ أم الدائن فقد؟ أم الاثنان؟ * يقول الشيخ القرة داغي مجيباً عن هذا السؤال: إن زكاة الديون من الأمور الشائكة قديماً وحديثاً حتى وجدنا فيها أكثر من سبعة أقوال. ولذلك نذكر الراجح الذي ظهر لنا أو الذي صدرت بشأنه قرارات من المجامع الفقهية، فنقول مستعينين بالله تعالى وبحوله وقوته متجردين عن كل حول وقوة لغير الله إن كان هناك حول وقوة "أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً" البقرة: 165. إن زكاة الديون التجارية حسبما شرحته في المثال تجب على الدائن في أصل الدين إن كان مرجواً ومأمولاً عودته أي بأن كان المدين قادراً على الأداء، وغير مماطل، وأما المدين فهو يحسب كما قال السلف الصالح، ميمون بن مهران وغيره جميع أمواله المعدة للتجارة حسب قيمتها السوقية، وبالجملة إن كان من تجار الجملة، وبالمفرد إن كان من تجار التجزئة، ثم يضيف إليها ما لديه من نقود وذهب وفضة، ثم يضيف إليها ديونه المرجوة، ثم يحسم (يخصم) ما عليه من ديون تجارية ثم يدفع زكاته بنسبة ربع العشر أي 2.5 % وهذا يعني أن المدين إنما يدفع زكاة أرباح الديون التجارية إن وجدت. هذا هو الراجح عندي، وأفتي به وأراه الأعدل، والله أعلم بالصواب. حكم دعم مؤسسات تربية النشء بالزكاة ** لاشك أن فضيلتكم تدركون الحاجة الماسة إلى تربية النشء والشباب التربية الإسلامية الوسطية المتكاملة، وذلك لكون الشباب هم مستقبل الأمة وعماد نهضتها. وتتعاظم هذه الحاجة في ظل الهجمة الشرسة على الأمة، وفي خضم الطوفان الجارف من الفتن المتلاطمة التي تستهدف الشباب في عقيدته وقيمه وأخلاقه. ومن هذا المنطلق- وفي ظل ضعف الأدوار التربوية لكل من البيت والمدرسة والمسجد- وإسهاماً في أداء بعض الواجب تجاه الشباب يعتزم مجموعة من أبنائكم إنشاء مؤسسة شبابية تربوية- غير ربحية- تساهم في تنمية مواهب الشباب وتوجيهها، ووقايتهم من شرور الانحراف والفساد، وبناء شخصياتهم بصورة متوازنة ومتكاملة، وذلك من خلال أنشطة وبرامج متنوعة، بإدارة مشرفين تربويين مؤهلين، ضمن بيئة تربوية سليمة. إن تحقيق هذه الأهداف النبيلة يتطلب صرف مبالغ مالية كبيرة، لذا فإننا نستفتي فضيلتكم في جواز دعم هذه المؤسسة مالياً، والصرف عليها من أموال الزكاة، للحصول على الدعم المالي الكفيل بقيام المؤسسة بتحقيق أهدافها. * لقد اطلعت على أهداف المؤسسة، فوجدتها تستهدف تربية الشباب على أسس الأخلاق والقيم الإسلامية بأسلوب عصري، ولذلك فإنها تدخل في نظري ضمن المؤسسات الدعوية التي يجوز دفع الزكاة لها، لتحقيق هذه الأهداف التربوية الراقية، وبالتالي فهي داخلة في مصرف (وفي سبيل الله) على معناه الوسطي الذي عليه جمع كبير من المحققين، وكما ورد بذلك فتوى من الندوة الأولى للهيئة العالمية لقضايا الزكاة المعاصرة، حيث نصت على: أن مصرف (في سبيل الله) يراد به الجهاد بمعناه الواسع الذي قرره الفقهاء بما مفاده حفظ الدين وإعلاء كلمة الله ويشمل مع القتال الدعوة إلى الإسلام والعمل على تحكيم شريعته ودفع الشبهات التي يثيرها خصومه عليه وصد التيارات المعادية له. وبهذا لا يقتصر الجهاد على النشاط العسكري وحده. ويدخل تحت الجهاد بهذا المعنى الشامل ما يلي: أ- تمويل الحركات العسكرية الجهادية التي ترفع راية الإسلام وتصد العدوان على المسلمين في شتى ديارهم ضد اليهود والنصارى. ب- تمويل مراكز الدعوة إلى الإسلام التي يقوم عليها رجال صادقون في البلاد غير الإسلامية بهدف نشر الإسلام بمختلف الطرق الصحيحة التي تلائم العصر وينطبق هذا على كل مسجد يقام في بلد غير إسلامي يكون مقرا للدعوة الإسلامية. ج- تمويل الجهود الجادة التي تثبت الإسلام بين الأقليات الإسلامية في الديار التي تسلط فيها غير المسلمين على رقاب المسلمين، والتي تتعرض لخطط تذويب البقية الباقية من المسلين في تلك الديار. هذا والله أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.