تشققات وتصدعات تنذر بكارثة حقيقية تعاني مئات العائلات في بلدية سيدي امحمد بالعاصمة مشاكل مختلفة، ولكن المشكل الرئيسي والخطير هو هشاشة العمارات التي تهدد حياة الأفراد بشارع محمد بلوزداد وتحديدا بحي 6 فيصل مبارك وحي الكاريار بالعقيبة وحتى حي لمارتين ( marcher 12) وغيرها من الأحياء الكثيرة بالعاصمة. فأغلبها معروفة بقدمها لأن تاريخ إنشائها يعود الى الحقبة الاستعمارية والأمر الذي زادها هشاشة هو زلزال ماي 2003، ليصبح فصل الشتاء بمثابة شبح الموت بالنسبة لسكان هذه العمارات. معااة شديدة أما المواطن فليس لديه ملجأ آخر يلجأ إليه فهو مخير بين العيش فيها وبين حتمية التشرد والبقاء في الشوارع. فعلى سبيل المثال بحي فيصل مبارك، العمارة (6) التي تتألف من ستة طوابق والتي تضم 12 عائلة بها (شق كبير) الى درجة أنه يقسم العمارة الى نصفين، ولا ننسى أن زالزال ماي الذي ضرب العاصمة وبومرداس زاد من خطورة العيش فيها. استقبلتنا عائلة تقيم بالطابق السفلي بنفس العمارة في منزلها وأكدت لنا صحة المعلومات المتداولة والمعروفة منذ زمن وصرّح أفرادها بكلمات تهز البدن وتثير الشفقة: (كرهنا المعيشة، رانا عايشين أبيبري ولينا نخافوا حتى نرقدوا... معيشة الذل...). وهذا دليل على فقر العائلات وعدم توفر الإمكانيات لإعادة ترميم المنازل في صورة لائقة بها. أما الجدران الخارجية والداخلية للعمارة فهي في حالة يرثى لها ونذكر بالخصوص سطحها الذي بشكل خطورة كبيرة على الراجلين على وجه العموم وعلى القاطنين بالعمارة على وجه الخصوص وأكثر على بيت الطابق الأرضي، فهذا الأخير الذي يعاني كثيرا من سقوط بقايا الإسمنت على السقف خصوصا وأن غرفة صغيرة بهذا البيت وسقفها من البلاستيك وهذه البقايا قد تكون كبيرة عند سقوطها على السقف وتحطمه هذا ما يسمح بدخول المطر الى جميع الغرف، لأن هذه الغرفة تتوسط غرفتين وهو ما يزيد من تكاليف العائلة المضطرة لإعادة تثبيت سقف جديد كلما دعت الضرورة الى ذلك. عند استقبالنا مرة ثانية من طرف سيدة أرملة تقيم بالطابق الثالث من نفس العمارة قالت أن أسوار المنزل هشة جدا والمشكل الكبير يتمثل في الرطوبة فحدث ولا حرج خاصة وأنّ أنبوب العمارة بأكملها الذي يمرّ على منزلها تتسرب منه المياه القذرة داخل غرفة النوم وقالت أيضا أنه نفس المشكل الذي تعاني منه جارتها بالطابق السفلي يعني تسرّب المياه داخل غرف النوم، علما أن هذه السيدة تعاني معظم بناتها من مرض الرّبو وأحفادها أيضا، كما أن الأحفاد الصغار يعانون من حساسية قوية يمكن أن تتطوّر إذا لم يتركوا هذه السكنات حسب ما قاله الطبيب، وطبيعي جدًا وجود أمراض خطيرة بين أفراد العائلات الأخرى بما أنها تعاني من نفس المشاكل. وسألنا السيدة إذا قامت بزيارة إلى البلدية، فقالت أنه عند زيارتها بلدية سيدي امحمد ومطالبتها التحدث مع الرئيس لم يتركوها تمرّ الى مكتبه لأن مشكلتها ليست ذات أهمية حسب ما قاله لها عون أمن البلدية تم أخيرًا وبعد حديث مطوّل مع رجال الأمن استطاعت أن تقابل نائب رئيس البلدية، تكلمت معه وطرحت عليه مشكلتها لكن دون أن يعقب ذلك حل ملموس على أرض الواقع· والغريب أيضا أنه مؤخرا قد حلّ مشكل تسرب المياه من الأنبوب الرئيسي للعمارة الذي يوزّع المياه للمنازل، فقد تعاون جميع أفراد هذه الأخيرة وكل واحد قدّم مبلغا من المال لإحضار مصلح الأنابيب من أجل تسوية وضع هذا الأنبوب، دون تدخل من البلدية ولا حتى مبالاة منهم إذ أنه لو لم يقوموا بجمع المال وإصلاحه لبقي الأنبوب يتسرب الى وقت سقوط عمود العمارة على الطابق السفلي جرّاء تبلله بشكل كبير وكليّ. فمختلف المشاكل التي تواجههم يقومون جميعهم بالتعاون من أجل تسوية أوضاعهم المزرية التي تواجههم. أمراض خطيرة تهدد السكان وبخصوص باقي العمارات في مختلف الأحياء فإن أغلب المشاكل التي ذكرناها سابقا هي نفسها التي تعاني منها، فبحي، (لمارتين (marcher 12) أصبح الأفراد يخافون من فصل الشتاء، فهذا الأخير بات يجْبر العائلات قضاء هذا الفصل عند أقاربهم، وعند حديثنا لبعض السكان المقيمين بها نجد أن الكلمة الوحيدة والمتكررة هي (نحن أصحاب العمارات في خطر وحتى المارة في خطر أكبر)، الأمر الذي أدى إلى لجوء السكان الى السلطات وتقديم شكاوي عن مشكل تشققات أجزاء رئيسية بالعمارة كالأسطح ما أدّى الى غلق هذه الأخيرة لخطورتها. أما بالنسبة لسكان (الكاريار بالعقيبة) فنستطيع أن نقول أن مشكلتهم مشكلة بات كل من يسمع بها تتملكه الدهشة والحيرة لأن كل من يرى تلك المساكن يظن أنها مهجورة فهي لا تتوفر على الشروط الأساسية للحياة الأمر الذي أدى إلى ظهور عدة أمراض مزمنة في أوساط سكانها مثل الحساسية المفرطة وأمراض العيون التي باتت منتشرة عند الأطفال الذي تراوح أعمارهم بين 5 أشهر إلى 14 سنة وهو ما أكده معظم الأطباء الذين قالوا أن هذه الأمراض ناتجة عن الروائح الكريهة التي تنبعث عن الأسطح وجدران العمرات وحتى الفطريات أصبحت تكتسي هذه الجدران هذا ما يتضح جليا عند معاينتها من طرف المختصين· فقد قامت البلدية مؤخرا بتهديم وترحيل العائلات القاطنة بعمارة معروفة بإسم الكاميرا التي كانت في حالة مزرية وخطيرة إلى درجة سقوط شرفها على الشارع وإنهيار جزء كبير من العمارة، وسقوط أسقفها دون الحديث عن الجدران الداخلية والخارجية لها، لو لم تتأذ العائلات بشكل كبير لما قامت السلطات بتهديمها وترحيل الأفراد إلى بلدية (بابا علي)· مسؤولون لا يبالون ··· وفيما يخص بلدية سيدي أمحمد مختلف المشاكل التي تواجه المواطنين هي هشاشة العمارات وقدمها وكذلك مشكل تسرب مياه الأنابيب وخاصة القذرة منها التي تهدد حياة الأفراد وكذلك مشكل الأمراض التي تواجههم· وردت مصادر مسؤولة بخصوص هشاشها أنها في حالة جيدة لا تحتاج للهدم وترحيل عائلات هذه العمارات حتى وإن كانت في حالة خطر، حيث لا توجد سكنات جاهزة لتستفيد منها العائلات فهناك نسبة كبيرة من العائلات لم ترحل بعد حيث نذكر فئة زلزال ماي 2003 التي مازالت تقطن بالشاليهات إلى يومنا، فهذه الفئة هي التي تستحق الترحيل· رغم أن عمارات أحياء العاصمة تعاني معظمها نفس مشكل الهشاشة والقدم لكن لا يعني ترحيل جميع المواطنين حسب ذات المسؤولين· ومازاد من استغرابنا وحيرتنا أننا عندما قمنا بإستفسار السكان عن السلطات ووعودها لهم بالترحيل أخبرنا أحدهم أنّه لم يصدر أي قرار بترحيل هذه العمارات وحتى لو صدر كما جرى مؤخرا قبل شهر رمضان نجد أن قائمة المستفيدين لا يستفيد منها سكان الأحياء المقررة ترحيلهم بل نجد أسماء مستفيدين لا يقطنون حتى بتلك الأحياء وأن معظم الوعود التي يعد بها المسؤولون لم تر الضوء لحد الساعة، ورغم التوسيعات العمرانية التي تشهدها الجزائر خلال هذه الفترة خاصة بعد إطلاق مشروع المليون سكن الذي تبنته الدولة كحل أمثل وأسرع للحد من معاناة المواطنين وضمان حياة كريمة له إلاّ أن الواقع يشهد بغير هذا، فعلى السلطات المعنية بذل مجهودات وتسخير إمكانيات أكبر لبلوغ الهدف المراد من هذا المشروع ولتجنب آفات ومشاكل إجتماعية هي في غنى عنها مستقبلا ووضع إستراتيجية على المدى البعيد للتقليل أو الحد نهائيا من مشكل السكن الذي أصبح يرهق المواطن والدولة معا نظرا لأبعاده الخطيرة والأثار السلبية اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا· فهل ستقوم السلطات بدورها على أكمل وجه ليرى المواطن أخيرا النور في ظل سكن لائق وآمن؟