خلال أيام معدودة يسدل الستار على الدورة العربية الرياضية المقامة حاليا في قطر والتي صعبت بتنظيمها المميز ومشاركة منتخباتها الأميز صعبت بذلك مهمة الدولة التي منحت شرف احتضان الطبعة القادمة وحطمت كل الأرقام القياسية في الجانب الفني والتنظيمي الذي عرفته هذه المنافسة العربية الرياضية الأكبر على المستوى العربي فكانت دولة قطر المتطورة حقيقة خلال السنوات القليلة الماضية في صورة الحدث ونجحت في تأكيد صحة المعادلة التي رسختها الدول الغربية في مناسبات سابقة والتي أساسها العمل على المدى البعيد، الأمر الذي انعكس على الحصيلة التتويجية لمنتخباتها بحصدها لعدد من الميداليات فاق ربما تطلعاتها وآمالها فكان ذلك بمثابة الحدث الأبرز الذي ميز المنافسة على غرار روعة التنظيم ودقته كما سلفت الذكر· هذا النجاح الذي حققته المنتخبات القطرية وفي مختلف المنافسات وضعها في صف مشرف ورائع على سلم ترتيب الميداليات المحصودة من طرف كل دولة فجاءت ثانية بعد المنتخب المصري الذي لا مجال لتجاوزه ولو اجتمعت كل المنتخبات في ذلك فصمدت طويلا في الوصافة لولا الظاهرة التونسية أسامة الملولي الذي أزاح القطريين حتى الآن عن مركزهم وهو ما صرح به فور حلوله بقطر عندما سئل عن هدفه من المشاركة في الدورة العربية فكانت إجابته واضحة وموجهة بأنه سوف يساعد المنتخبات التونسية على جمع أكبر عدد من الميداليات الذهبية وهو ما تحقق بفوزه بتسع ميداليات طبعا من المعدن النفيس وربما المزيد في ما تبقى من سباقات سيشارك فيها البطل العالمي والرياضي الأبرز في الدورة العربية· وبما أن المراتب الثلاث الأولى شغلتها المنتخبات الأقوى والأحسن على جميع الأصعدة هذا إذا ما استثنينا المنتخب القطري من دائرة التوقعات قبل انطلاق المنافسة ولكن مع ذلك يبدو أن المستوى الذي ظهر به الرياضيون القطريون ما كان إلا أن يكون منتظرا بحكم ضرورة البروز بصورة جيدة على تراب دوحتهم المضيافة والذي استدعى بلا شك تحضير المنتخبات طيلة أربع سنوات سبقت استضافة قطر لهذه الدورة، ولكن كان سيبدو منطقيا لو أتى المنتخب الجزائري بعد هذه المنتخبات منافسا شرسا كعادته وفيا لتقاليده على الصعيد العربي إلا أن طبيعة المركز الذي تحتله المنتخبات الجزائرية بعيد كل البعد عن المستوى التي عادة ما تظهر به حتى في أسوء الأحوال، وعدد الميداليات التي حصدها الرياضيون الجزائريون تعد أضعف حصيلة تحققها الجزائر منذ استقلالها إلى الآن مما يدفعنا للقول بأن الرياضة الجزائرية تنزل إلى قاع الهاوية ولا ترقى بأي شكل إلى مستوى الوعود التي ما فتئت الجهات المسؤولة تقطعها بالتطوير وتغيير السياسات بين قوسين وأنها تسخر كل الإمكانيات التي تسمح بأحسن إعداد وبالتالي الظهور بأحسن وجه وصورة وهو ما كان من المفترض أن يكون ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، أو لنقل تغرد الحناجر بما لا يتجسد على أرضية الواقع ليستمر مسلسل النتائج المخيبة للمنتخبات الوطنية خلال العام الجاري لذا لم أجد وصفا لهذه السنة أحسن من وصفها بالشتاء الرياضي الجزائري· قرأت قبل أن أتجرأ على إفراغ سيل الغضب الذي اجتاحني وأنا أشاهد المنتخبات الوطنية تفقد صمعتها وبريقها حتى في رياضات كانت هي المتربع على عرشها في عهد سابق وليته لم يكن، لكن الذي جاء في هذا المقال الذي قرأته أكبر دليل على أننا لم نستفد يوما من تجاربنا وإخفاقاتنا وربما أحيانا انتصاراتنا لنستثمرها ليس بالتغني بها والعودة إليها عند أول نكسة أو كبوة ولكن لتكريسها وترسيخها كعقلية في أذهان رياضيينا وبسط اليد ممدودة ماديا ومعنويا لصناعها ومحاسبة كل من يتهاون ولو لحظة في أداء واجبه من أجل الحفاظ على مكانة الجزائر كدولة من أكبر الدول العربية على الصعيد الرياضي فأما الدول العربية فقد أضحت أحسن منا وتخطتنا بأميال وباتت تطمح إلى مزاحمة الدول العظمى ودليلي على ذلك ما حققه فريق السد في مونديال الأندية هذا النادي الذي لاطالما سخرنا منه في وقت سابق، وأما مكانة الجزائر الرياضية فهي من سيء إلى أسوء إلى الدرك الأسفل عربيا وإقليميا وقاريا وعالميا·· * بقلم: المتتبع